التايمز: على الغرب أن يتحدث مع طالبان وينسى فرض عقوبات عليها

2021-08-25

تحت عنوان: “انسَ العقوبات وعلينا الحديث مع طالبان” قال المعلق في صحيفة “التايمز” روجر بويز، إن اقتصاد أفغانستان على حافة الانهيار، وإن قطع كل المساعدات يعني منح فرصة للجهاديين.

وبدأ بويز مقالته بالقول: “صباح الخير أفغانستان، هنا راديو طالبان، والوضع يبدو أفضل، الأمريكيون يهربون وموسم حصاد الخشخاش وفير هذا العام”. وهي أخبار جيدة لحركة طالبان التي ستعتمد على الحصاد وتحوله إلى هيروين، لكي تعوض تراجع الدعم الدولي.

وربما تقوم بذلك كما فعلت في الحكومة السابقة، حيث أعلنت عن حظر جزئي على زراعة المخدرات منتظرة ارتفاع أسعارها في نيويورك ولندن. ويرى الكاتب أن اقتصاد طالبان قائم على هذه الوسائل، ويمكّنها من إدارة إمدادات المخدرات وهي تدير الدولة. ويقول: “علينا الاعتراف بأن طالبان تملك المبادرة وتستطيع تحويل انهيار الاقتصاد الأفغاني إلى سلاح. ولهذا السبب سارع مدير سي آي إيه، ويليام بيرنز، إلى زيارة كابول يوم الإثنين لمقابلة زعيم طالبان ملا عبد الغني برادر، ليس لمناقشة تمديد موعد جلاء الجنود الأمريكيين والمدنيين، ولكن لفهم طبيعة قوة طالبان المدمرة”.

 ويقول بويز، إن قوة طالبان لا تقتصر على المخدرات فقط، ولكن أيضا على شبكات التهريب المعقدة. فالحركة تسيطر على خطوط التجارة والطرق السريعة والجسور التي تشكل نقاط الاختناق في جنوب آسيا. ففي حملتها السريعة، قامت بالسيطرة على نقاط الجمارك على الحدود إيران، وباتت الرسوم الجمركية التي كانت تأخذها الحكومة السابقة تحت سيطرتها. ويقترح منح جيران أفغانستان خيارا، إما استمرار التجارة مقابل منح طالبان الشرعية، أو المعاناة من توقف التجارة ومعها الموارد المالية. وما قام به شركاء طالبان في المنطقة هو ما يجب على الغرب عمله.

والسؤال المطروح هو عن طالبان وإن كانت قد “تغيرت” فعلا. لكن السؤال غير مهم في الوقت الحالي، ويجب أن يستبدل بسؤال عن استعداد الحركة لبناء أفغانستان قوية، أم أن قادتها منشغلون بحشو المال في جيوبهم؟

وسيظل السؤال فلسفيا: “كيف يمكن تحفيز مجتمع ما قبل الحداثة باتجاه الدولة الحديثة والمدنية؟”. وأهم من كل هذا، هناك مشكلة عملية، فربما أثرت طالبان نفسها في وقت تنهار فيه الدولة. فقد قررت الولايات المتحدة منع حكّام أفغانستان الجدد من الوصول إلى احتياطي البلد من الأموال وهو 9.4 مليار دولار.

وقرر صندوق النقد الدولي وقف توزيع 460 مليون دولار كاحتياطات طارئة. ويعني تعليق التحويلات المالية، أن نقل الأموال من الأقارب في الخارج سيتوقف. مما قد يؤدي لارتفاع معدلات التضخم، وكانت شحنات الدولارات الأمريكية كافية لدعم العملة الأفغانية، وقد توقفت الآن، ما أثّر على توفر المواد الغذائية في المحلات ودفع رواتب الموظفين المدنيين الذين اختبأ بعضهم.

ولو أضفنا إلى هذا انتشار وباء كوفيد- 19 وعدم توفر الأدوية والجفاف، فإن الدولة الأفغانية تنهار أو انهارت بالفعل. وكلما ساء وضع الأفغان، تحسن وضع قادة طالبان الذين لا تهمهم إلا مصالحهم الخاصة، بحسب تعبير الكاتب. ويضيف أن “ورقة المقايضة مع الغرب هي الفوضى في البلاد التي تمكنهم (قادة طالبان) من العودة إلى شبكة التجارة غير الشرعية لدعم سلطتهم”. وهنا تبدو المعضلة، فهل سحب القوات الغربية يعني وقف الدعم؟ أي 4 مليارات دولار تغطي نسبة 75% من نفقات الحكومة.

ولو حدث هذا، فسيؤدي إلى تقوية رواية الخيانة الأمريكية للأفغان. وسيدفع طالبان لدعوة الجماعات الإرهابية التي تريد فتح معسكرات لها في البلاد. وسيؤدي إلى مجتمع “مطلبن”. أم أن الدعم سيتحول إلى سياسة العصا والجزرة يتم من خلالها دعم مشروعات معينة وفرض عقوبات على طالبان عندما تفشل بتحقيق وعودها؟ وهو المسار الذي تريد حكومة بوريس جونسون اتباعه، لكنها لا تفهم الوضع. فقادة طالبان ليست لديهم حسابات مصرفية في لندن أو نيويورك، وليس لديهم فلل على الشواطئ الفرنسية. وهم ليسوا مثل النخبة الروسية المتنفذة،

وكما كتب أشرف غني في كتاب أصدره عام 2009 “إصلاح الدول الفاشلة” قال فيه إن الأفغان يصطفون بالطوابير في دبي لتخزين أموالهم بدلا من تشغيلها في أفغانستان. ونفس البرفيسور الذي أصبح رئيسا، هرب هذا الشهر إلى دبي محملا كما قيل بحقائب محشوة بالأموال.

وأي محاولة لفرض عقوبات على طالبان يجب أن تدرس كيفية تدفق المال إلى بنوك الشرق الأوسط. والحيلة الوحيدة المتوفرة لدى طالبان من أجل جعل حكومتهم جذابة، هي الأموال الصينية، فقد فكّرت بتطوير مناجم النحاس وحقل للنفط في الشمال، لكن هذه المغامرات التجارية المتواضعة تعتمد على الأمن الذي كان يوفره الأمريكيون وقد ذهبوا، ولهذا خف الحماس الصيني، فبكين تخشى من طالبان وتسامُحِها مع المقاتلين الإيغور.

وعلى الغرب أن يكون قلقا من طالبان، ولكن عدم الخوف من الحديث معها ومن مسافة بعيدة.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي