تراشق بين الجمهوريين والديمقراطيين بأميركا بشأن المسؤولية عن الوضع في أفغانستان

2021-08-16

محمد المنشاوي: مع انهيار الحكومة الأفغانية، وفرار الرئيس أشرف غني وحاشيته إلى الخارج، وسيطرة حركة طالبان على العاصمة كابل، اندلعت معركة أميركية حامية على أساس حزبي بشأن المتسبب في الهزيمة وخسارة أفغانستان.

ويتوقع المراقبون ألا تنتهي معركة التلاوم هذه سريعا، ومن شبه المؤكد أيضا أن تستمر حتى انتخابات التجديد النصفي في الكونغرس قبل نهاية العام القادم.

وفي الوقت الذي ألقى فيه وزير الدفاع لويد أوستن بالمسؤولية عما حدث على الجيش الأفغاني واتهمه بعدم الرغبة في القتال وعدم الاستعداد له، تبادل الجمهوريون والديمقراطيون اللوم على ما شهدته أفغانستان في الأيام الأخيرة.

ويتبنّى الجمهوريون موقفا يعتمد إلقاء اللوم على الرئيس جو بايدن وقراره المتسرع بإعلان سحب القوات الأميركية من أفغانستان قبل نهاية أغسطس/آب الجاري، في حين يرى الديمقراطيون أن اللوم يجب توجيهه إلى الرئيس السابق دونالد ترامب والجمهوريين، الذين توصلوا إلى اتفاق مع حركة طالبان العام الماضي يقضي بالانسحاب العسكري من أفغانستان قبل نهاية شهر مايو/أيار الماضي.

هجوم الجمهوريين

واستعان كثير من المعلقين والساسة الجمهوريين بما ذكره وزير الدفاع السابق في عهد باراك أوباما، بوب غيتس، الذي جاء في كتابه أن جو بايدن "كان مخطئا في كل قضية رئيسية تقريبا تتعلق بالسياسة الخارجية والأمن القومي على مدى العقود الأربعة الماضية".

وتشير حجة الجمهوريين إلى أن انسحاب القوات الأميركية قد بدأ بالفعل في عهد أوباما وليس في عهد ترامب.

وركز الجمهوريون على بيان الرئيس بايدن في 14 أبريل/نيسان 2021، الذي أكد فيه استكمال انسحاب القوات الأميركية، وبدء عملية تقليص القوات.

ورأى السيناتور الجمهوري من ولاية كارولينا الشمالية، توم تيليس، في تغريدة له، أن "الكارثة التي نشهدها اليوم هي إخفاق لقيادتنا السياسية، وليس لرجالنا ونسائنا الذين يخدمون في القوات المسلحة".

أما السيناتور الجمهوري توم كوتون، من ولاية أركانساس، وهو محارب سابق في أفغانستان، فقد أشار إلى أن "هذا الإخفاق الذريع في أفغانستان لم يكن متوقعا فقط، بل كان مؤكدا، مضيفا أن تراجع جو بايدن غير المخطط له قد أذلّ أميركا الآن ويعرض حياة آلاف الأميركيين الذين تركوا في كابل للخطر".

من جانبه، رأى المفكر الجمهوري ورئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية كليفورد ماي أن الأوضاع ستزداد سوءا، وألقى باللائمة على إدارة بايدن.

وكتب ماي تغريدة جاء فيها "ستحتل الإمارة الإسلامية أراضي أكثر مما احتله تنظيم الدولة الإسلامية في أوج قوته بالعراق، وستتقاسم الإمارة الإسلامية تلك الأراضي مع تنظيم القاعدة. كل ذلك مع حلول الذكرى الـ20 لهجمات 11 سبتمبر/أيلول.. هل يمكن لأعداء أميركا المتعددين أن يطلبوا أكثر من ذلك؟".

حجج الديمقراطيين

بالمقابل، رأى الديمقراطيون من جانبهم أن إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب هي المتسببة في سيطرة طالبان على أفغانستان إذ أساءت إدارة الاتفاق الأولي الذي وقعته معها في 22 فبراير/شباط 2020.

ويرى الديمقراطيون أن اتفاق السلام قايض الانسحاب من أفغانستان ببدء المفاوضات بين الأطراف الأفغانية، لكنه لم يحدد سلاما محتملا ولم يخلق قط عملية سلام فعالة، وأن ترامب بقبوله الاتفاق خسر أفغانستان فعليا. واتهم الديمقراطيون ترامب بأنه تجاهل إدراج خطة سلام شاملة في اتفاقية تحديد الموعد النهائي للانسحاب.

وأكدوا أن بدء الانسحاب الأميركي في عهد ترامب قد حدث من دون إحراز أي تقدم حقيقي في مفاوضات السلام، وكان على ترامب أن يدرك أن الاتفاق سيؤدي إلى انسحاب كامل من دون سلام مع احتمال انهيار الحكومة الأفغانية.

وألزم اتفاق الدوحة واشنطن وحلفاءها بسحب جميع قواتهم العسكرية من أفغانستان، بما في ذلك جميع الموظفين المدنيين غير الدبلوماسيين من المتعاقدين المدنيين في غضون 14 شهرا.

ويزعم الديمقراطيون أن هذا الاتفاق أدى إلى سحب الولايات المتحدة آلافا من جنودها قبل وصول بايدن إلى الحكم في يناير/كانون الثاني الماضي، وهو ما جعل خسارة أفغانستان أمرا حتميا.

ورأى السيناتور الديمقراطي من ولاية كونيكتيكت، كريس ميرفي، أن سياسة ترامب هي التي أدت إلى هذه اللحظة، وغرد قائلا "في الإفادة مع وزيري الدفاع والخارجية هذا الصباح أكدت أنه لو قرر بايدن التخلي عن الاتفاق الذي تفاوض عليه الرئيس ترامب لكان على الولايات المتحدة إرسال آلاف الجنود الإضافيين إلى أفغانستان، فعدد قواتنا التي تركها ترامب هناك، البالغ 2500 جندي، لم يكن كافيا".

مكاسب الصين وروسيا

من ناحية أخرى، يرى بعض المراقبين أن روسيا والصين ستستفيدان بشدة من الانسحاب الأميركي من أفغانستان.

ورأى آرون ديفيد ميلر الدبلوماسي السابق والخبير بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، في تغريدة له، أن ما حدث لم يكن له أي بديل أفضل.

وأضاف "لم يُخرج جو بايدن الانسحاب الأميركي بصورة لائقة تجعل انسحاب الولايات المتحدة أقل فوضوية، لكن قرار مغادرة أفغانستان أو التخلي عنها كان صائبا. مكافحة الإرهاب ستكون الآن أصعب، ولكنها ليست عملا مستحيلا. فكرة أن روسيا والصين سوف تحققان الآن مكاسب كبيرة هي مجرد رأي في غير محله".

وبغض النظر عن المكاسب أو التحديات المتوقعة للصين وروسيا جراء الانسحاب الأميركي، وبعيدا عن سجال الجمهوريين والديمقراطيين، يدرك بعض المعلقين المحايدين أنه لم يكن بإمكان الولايات المتحدة البقاء إلى ما لا نهاية في أفغانستان.

ورأى الخبير العسكري توني كودسمان بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية أنه من غير المعقول "مواصلة دورة توسيع وجودنا العسكري في أفغانستان، على أمل تهيئة الظروف المثالية للانسحاب، وتوقع نتيجة مختلفة".

واستشهد كوردسمان بموقف بايدن الذي جاء في بيان له "أنا الآن رابع رئيس للولايات المتحدة يشهد وجودا للقوات الأميركية في أفغانستان: جمهوريان، وديمقراطيان، ولن أقبل أن أنقل هذه المسؤولية إلى رئيس خامس".

وكان بايدن قد أشار إلى أنه بعد تشاور وثيق مع حلفاء أميركا وقادتها العسكريين، ومع الكونغرس، فقد خلص إلى "أن الوقت قد حان لإنهاء أطول حرب في تاريخ أميركا؛ لقد حان الوقت لعودة الجنود الأميركيين إلى ديارهم".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي