صراع تيغراي.. لماذا تتعمق أزمة الحرب في إثيوبيا يوميا؟

2021-08-13

بعد التقدم الذي أحرزه مقاتلو الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي في أمهرة ومحيطها، وفي ظل عزم الولايات المتحدة بإرسال مبعوث خاص إلى إثيوبيا، نشرت وكالة "أسوشيتد برس" شرحا تحليليا للمشهد العسكري والإنساني بعنوان "لماذا تتعمق أزمة الحرب في إثيوبيا يوما بعد يوم"، ناقشت فيه ثلاثة تساؤلات في الصراع المستمر منذ تسعة أشهر.

من الناحية الإنسانية، لا يزال ملايين الأشخاص في تيغراي يعانون من نقص الغذاء والمستلزمات الأخرى، في واقع تتهم فيه الأمم المتحدة والولايات المتحدة السلطات الإثيوبية بأنها تمنع دخول الجزء الأكبر من المساعدة الإنسانية للمدنيين هناك.

ونزح مئات الآلاف من الأشخاص في إقليمي أمهرة وعفر المتاخمين، متعهدين بالتوجه إلى العاصمة أديس أبابا إذا لزم الأمر لوقف القتال ورفع الحصار عن منطقتهم التي يبلغ عدد سكانها 6 ملايين نسمة.

بدوره، وصف المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، هذا الأسبوع، الأزمة الإنسانية في الإقليم بأنها "واحدة من الحالات التي نفذت فيها الكلمات لوصف فظاعة ما يلحق بالمدنيين"، معتبرا أن المزيد من الصراع يمكن أن يؤدي إلى استمرار الآلام بين المدنيين.

موقف الولايات المتحدة

وأعلنت الولايات المتحدة أن المبعوث الخاص، جيفري فيلتمان، سيتوجه الأحد إلى إثيوبيا، في خطوة وصفها مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، جيك سوليفان، عبر "تويتر" إنها "لحظة حاسمة".

وكتب في تغريدة أمس الخميس "جلبت شهور من الحرب معاناة هائلة وانقسام بين صفوف شعب عظيم وهو ما لا يمكن إصلاحه عبر المزيد من القتال"، داعيا جميع الأطراف إلى الإسراع في "الحضور إلى طاولة المفاوضات".

ووفقا لتحليل الوكالة، يبدو هذا "غير مرجحا"، حيث صنفت الحكومة الإثيوبية، هذا العام، جبهة تحرير تيغراي الشعبية، التي هيمنت على الحكومة لحوالى ثلاثة عقود قبل أن يتولى رئيس الوزراء أبي أحمد السلطة عام 2018، كـ"جماعة إرهابية".

كما وضعت قوات تيغراي شروط مسبقة عدة لإجراء محادثات، علما أنها تتمسك بأن أبي أحمد لم يعد يتمتع بـ"الشرعية اللازمة للحكم"، فضلا عن استعادتها الكثير من منطقة تيغراي في يونيو الماضي، الأمر الذي شكل تحولا دراماتيكيا لاسيما مع تراجع الجيش الإثيوبي.

وحول الضغط الذي يمكن أن تمارسه واشنطن للدفع نحو إجراء مفاوضات، نقلت الوكالة عن مساعد بمجلس النواب الأميركي (الكونغرس)، رفض الكشف عن هويته، قوله: "جميع الخيارات مطروحة على الطاولة".

وتابع: "من تطبيق قانون ماغنيتسكي للمعاقبة على انتهاكات حقوق الإنسان، إلى إصدار أوامر تنفيذية بشأن العقوبات،  وصولا إلى فرض تدابير أكثر تقييدا بشأن المساعدات، ومنع الجهود الإثيوبية بالحصول على دعم من المؤسسات المالية الدولية"، على حد قوله.

كما أشار مسؤولون ومشرعون في واشنطن إلى "نفاد صبرهم"، خصوصا أن المسؤولين الإثيوبيين ينفون حصول انتهاكات حقوقية، مثل الاغتصاب الجماعي، والترحيل القسري لأبناء عرقية التيغراي العرقية.

وكانت منظمة العفو الدولية اتهمت الحكومة الإثيوبية بارتكاب جرائم اغتصاب وعبودية وتشويه أعضاء بأيدي قوات إريترية وإثيوبية في إقليم تيغراي، الأمر الذي تنفيه الأخيرة، وهو  "يعكس الصمم الذي تتعامل به الحكومة مع النزاعات المتعددة والأزمات الإنسانية" ، على حد ما قاله عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، السيناتور جيم ريش، عبر حسابه في "تويتر"، الخميس.

موقف الحكومة الإثيوبية

زعمت الحكومة الإثيوبية، دون دليل، أن الولايات المتحدة والأمم المتحدة وآخرين ينحازون إلى جانب الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي أو يدعمون مقاتليها، كما تعتبر الحكومة أنه لم يتم  التصدي بما يكفي للانتهاكات المزعومة التي ارتكبتها الجبهة في منطقتي أمهرة وعفر.

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، استشهدت "بمعلومات موثوقة من الشركاء" حول هجمات مميتة حصلت الأسبوع الماضي في مخيم للنازحين الجدد في عفار.

وشددت المنظمة، الخميس، على أن "فريقا من الأمم المتحدة يعتزم تقييم مكان الحادث بمجرد أن يسمح الأمن بذلك".

من جهتها، ألقت حكومة أبي أحمد اللوم على قوات تيغراي التي نفى المتحدث باسمها، جيتاشيو رضا، ذلك، مبديا استعداده للتعاون في "تحقيق مستقل".

وشكلت قوات تيغراي تحالفا عسكريا مع جيش تحرير أورومو، الذي صنفته إثيوبيا أيضا كـ"جماعة إرهابية".

من جهتها، قالت المتحدثة باسم رئيس الوزراء الإثيوبي، بيلين سيوم، الخميس، إن دعوة الحكومة المدنيين على الانخراط في الجيش، والمشاركة في القتال ضد المتمردين، تعني أن "الإثيوبيين مطالبون بوقف قوات تيغراي بكل الوسائل الضرورية".

وأضافت سيوم أن هذا لا يعني عجز الجيش عن مواجهة قوات تيغراي، قائلة: "بالملايين، الناس يستجيبون لهذه الدعوة".

الأزمة الإنسانية

المدنيون عالقون في الوسط، وتزداد صعوبة الجهود المبذولة للوصول إليهم بالمساعدات بسبب قلق الحكومة الإثيوبية من وصول المساعدات إلى قوات تيغراي.

وقدرت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) أن حوالى 900 ألف شخص في تيغراي يواجهون ظروف مجاعة، في وقت تنقطع فيه وسائل الإتصال الهاتف والإنترنت، والخدمات المصرفية.

وكانت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، سامانثا باور، قد زارت إثيوبيا الأسبوع الماضي، ولم تلتق رئيس الوزراء.

بدوره، كشف برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، الجمعة، أن 30 شاحنة على الأقل يجب أن تدخل يوميا إلى المنطقة لتلبية الحاجة، واصفا ما وصل حتى الآن بأنه "قطرة في محيط".

في غضون ذلك، أوقفت الحكومة الإثيوبية عمليات مجموعتين كبيرتين من منظمات الإغاثة الدولية (الفرع الهولندي لأطباء بلا حدود، والمجلس النرويجي للاجئين)، متهمة إياهما بنشر "معلومات مضللة"، الأمر الذي أدى إلى ردع العديد من العاملين في المجال الإنساني عن التحدث علانية، خوفا من الانتقام، وهو ما يعني أن الجهود المبذولة للاستجابة للأزمات في إقليمي أمهرة وعفر يمكن أن تتأثر.

وعلق مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره، واشنطن، على ذلك، محذرا من أن هذا يعني معرفة أقل بالأوضاع على الأرض، حيث يواجه العديد من الصحفيين قيودا تفرضها الحكومة.

هذا ويشهد شمال إثيوبيا أعمال عنف منذ نوفمبر، بعد أن أرسل رئيس الوزراء  أبي أحمد، الحائز جائزة نوبل للسلام لعام 2019، قوات إلى تيغراي، وهي منطقة جبلية على الحدود مع السودان وإريتريا، للإطاحة بحزبها الحاكم "جبهة تحرير شعب تيغراي".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي