الضحايا بالملايين.. ما هو ثمن العنف ضد الأطفال في أفريقيا؟

Violence against children carries a huge cost for Africa: governments need to act urgently
2021-08-04

نشر موقع «ذا كونفرزيشن» الأسترالي تقريرًا أعدَّه رونجيدزايي فامباسايي، باحث دكتوراة في كلية الحقوق بجامعة الشمال الغربي في جنوب أفريقيا، سلَّط فيه الضوء على التكلفة الباهظة للعنف ضد الأطفال في قارة أفريقيا، وضرورة تصدي الحكومات لتلك الظاهرة بصورة عاجلة.

يشير الكاتب في مطلع تقريره إلى أن ملايين الأطفال يتعرضون للعنف كل يوم بشكل أو بآخر، لافتًا إلى أنها مشكلة عالمية تشمل اللون، والطبقة، والحالة التعليمية، والدخل، والعِرق، والأصل.

أطفال أفريقيا.. مسألة مثيرة للقلق

ويوضح الكاتب العضو في «منتدى سياسة الطفل الأفريقي» أن للعنف آثارًا – فورية، وطويلة الأمد، ولا يمكن إصلاحها – على حياة الأطفال، وبقائهم، ونموهم البدني، والنفسي، ورفاهيتهم. وتترتب على العنف ضد الأطفال أيضًا آثار مالية تتكبَّدها الأسر والدولة.

ويعتقد الكاتب أن حجم العنف ضد الأطفال – بما في ذلك الأشكال الحديثة، مثل الترهيب السيبراني، والانتهاكات عبر الإنترنت – يثير القلق. كذلك عرَّض تأثير قيود الإغلاق المرتبطة بجائحة كوفيد-19، وإغلاق المدارس، الأطفالَ للاعتداء والعنف المنـزليين. ويتصاعد العنف في حالات الصراع، وحالات الطوارئ، والأوضاع الإنسانية.

وفي الآونة الأخيرة أصدرت «الشراكة الأفريقية لإنهاء العنف ضد الأطفال» و«منتدى سياسة الطفل الأفريقي» ثلاثة تقارير شاملة لتقييم حالة العنف ضد الأطفال في أفريقيا. وفحصت تلك التقارير التقدم والتحديات والقدرة الوطنية على معالجة العنف ضد الأطفال، والحلول المحلية للقضاء عليه. وتستند هذه التقارير إلى الالتزامات المحددة في عدد من القوانين، والالتزامات الدولية، والأفريقية الإقليمية في السياسات الإنمائية. ومن بينها هدف 16.2 المتعلق بالتنمية المستدامة وأجندة 2040: تعزيز أفريقيا ملائمة للأطفال، الطموح السابع – الذي يُدين العنف ضد الأطفال.

ولفت الكاتب إلى أن التقدم نحو إنهاء العنف ضد الأطفال بطيء ومتفاوت في جميع أنحاء أفريقيا. ولا تزال التحديات والنكسات قائمة بسبب ضعف القدرات التقنية، وقصور التمويل، وعجز الهياكل المؤسسية، وسوء التنسيق المتعدد القطاعات. والميزانيات المخصصة لنُظم حماية الطفل منخفضة وتُدمج على نحو ضعيف في عملية إعداد الميزانية الوطنية. وتُعد مهمة إنهاء العنف ضد الأطفال عملية طويلة الأمد تتطلب نهجًا وإستراتيجيات وعناصر فاعلة متعددة – وكذلك استثمارًا.

تكلفة التراخي

ويتابع الكاتب قائلًا: بوصفنا باحثين في مجال الحقوق والسياسات الخاصة بالطفل، نعمل على مساءلة الحكومات عن التزاماتها وتعهداتها تجاه الأطفال. ويشير تقريرنا عن التقدم والتحديات إلى أن العنف يفرض ضغوطًا على الاقتصادات، و«يستنزف الميزانيات الوطنية، ويحد من الإنفاق الاجتماعي»، ويبطئ التنمية الاقتصادية، ويقوِّض رأس المال البشري والاجتماعي.

ويرى الكاتب أن فشل الحكومات في العمل على منع العنف ضد الأطفال ينطوي على تكاليف فورية. فعلى سبيل المثال يؤدي الاستغلال الجنسي إلى ارتفاع تكلفة الخدمات الطبية المهنية، والدعم النفسي والاجتماعي، والعدالة الجنائية، والخدمات القانونية. وتشمل كذلك علاج الرعاية الصحية، وإعادة تأهيل الإعاقة، وإسداء المشورة، ووصول الناجين إلى العدالة، من بين أمور أخرى.

وفي جنوب أفريقيا على سبيل المثال، قدَّرت الدراسات القيمة الاقتصادية للعنف ضد الأطفال عام 2015 بنحو 173 مليار راند (13.5 مليار دولار أمريكي) ــ أو 4.3% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وفي حالة نيجيريا، تشير التقديرات إلى أن الدولة خسرت على نحو تراكمي أرباحًا تتجاوز 967 مليار نيرة (6.1 مليار دولار أمريكي) ــ 1.07% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد ــ نتيجةً للتراخي عن اتخاذ إجراءات. ويستثني هذا الرقم التكاليف الباهظة التي تتكبَّدها الأسر والحكومة على حد سواء نتيجةً لعمليات اختطاف الفتيات الأخيرة في نيجيريا.

وتشير نتائج الدراسات إلى أنه على المدى الطويل، يمكن أن تتضاءل أرباح الفرد المستقبلية وقابلية التوظيف بسبب ضعف الأداء المدرسي نتيجة تعرض الطفل لتجربة العنف أثناء طفولته. وللعنف آثار على رأس المال البشري، والناتج المحلي الإجمالي، وكذلك الإنتاجية في أي بلد.

كما أن للعنف ضد الأطفال تأثير مشترك بين الأجيال. والفشل في اتخاذ تدابير وقائية مدروسة وحاسمة يمكن أن يهيئ الظروف لِطفولة مضطربة، والتي يمكن أن تُشكل شخصًا بالغًا قد يصبح خطرًا على المجتمع والأمن الوطني.

الاستثمار في حماية الطفل

وأوضح الكاتب أن الاستثمار في منع العنف ضد الأطفال هو إستراتيجية طويلة الأجل من أجل مستقبل مستدام.

ويتعين على الحكومات التحرك تحركًا عاجلًا لإنهاء العنف ضد الأطفال في جميع أنحاء القارة. ويجب عليها كذلك التعهد بالتزامات مَدرُوسة لهذا التحرك في ميزانياتها السنوية. ويُعد تنسيق الهياكل لربط الخطط والإجراءات التي تضعها وتتخذها الإدارات الحكومية، والمجتمع المدني، والمنظمات غير الحكومية، وأصحاب المصلحة الآخرون من بين المجالات التي تتطلب الاستثمار.

ومن المجالات الأخرى التي ينبغي الاستثمار فيها البحث وتوليد المعارف وجمع البيانات والأدلة. وهذا أمر محوري للاستجابات الفعَّالة. ومن الضروري أن تفهم الحكومات اتجاهات العنف ضد الأطفال، وانتشاره، ووضعه على الصعيدين الوطني والمحلي.

والأهم من ذلك، بحسب ما يرى الكاتب، الاستثمار في برامج فعَّالة لدعم الأسر ووضعها في طليعة الوقاية والحماية. ويمكن أن تشمل هذه البرامج التَّنشئة الأبوية الإيجابية لحماية الأطفال من العقاب البدني، والإهمال، والممارسات الثقافية الضارة والاتجار، وغير ذلك من أشكال العنف داخل الأسرة.

وعلاوةً على ذلك ينبغي للحكومات أن تلتزم بتوفير المدارس الآمنة، وأن تستثمر فيها، لا سيما المدارس الممولة من القطاع العام. وتتيح المدارس فرصة لأنها الأماكن التي يحدث فيها النمو المعرفي، والأخلاقي، والاجتماعي للأطفال.

وبسبب تأثيرات كوفيد-19 وإغلاق المدارس، يقضي الأطفال وقتًا أطول في استخدام الإنترنت ومنصَّاته المختلفة. ويفتح الحضور المتزايد على الإنترنت الباب أمام إساءة معاملة الأطفال عبر الإنترنت. ويمكن أن يتمثل ذلك في تجنيد الأطفال عبر الإنترنت في أعمال البغاء، وعمالة الأطفال، والاتجار بالأطفال، والاستغلال الجنسي.

ويختم الكاتب بالتشديد على ضرورة أن تستثمر الحكومات في التدابير العابرة للحدود لمنع التعرض للأطفال واستغلالهم. وكذلك ينبغي للشركات الخاصة أن تلعب دورًا في ضمان سلامة الأطفال عبر الإنترنت.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي