من الإنترنت إلى العوالم الافتراضية.. ما هو «الميتافيرس» الذي يخطط له زوكربيرج؟

Here’s how Zuckerberg thinks Facebook will profit by building a ‘metaverse’
2021-08-03

عفاف محمد

تُبشِّر الشركات التقنية الكبرى بعالم الواقع الافتراضي الذي سيصبح متاحًا في متناول كل يد، ويغيِّر من تجربتنا مع الإنترنت إلى الأبد. يناقش محرر القسم التقني ستيف كوفاتش في تقريره على موقع «CNBC» هذا الأمر، موضحًا الشكل الربحي والإطار الزمني المحتمل لإدخال هذا المفهوم إلى حيز الواقع.

قفزة إلى الواقع الافتراضي

تتحدث أقسام الأخبار التقنية عن الابتكار الذي قد ينقل شركة «فيسبوك» من شركة التواصل التي نعرفها إلى عالم الخيال العلمي، ويعد التقرير أنه سيكون إما التطور التالي للإنترنت أو أحدث كلمة طنانة للشركة التي ستُستخدم بهدف إثارة حماسة المستثمرين تجاه بعض الابتكارات الغامضة التي قد لا تتحقق خلال العقد المقبل.

في كلتا الحالتين، تعمل شركات التكنولوجيا – وخاصةً «فيسبوك» – على تعزيز مفهوم  «ميتافيرس» «metaverse»، وهو مصطلح الخيال العلمي الكلاسيكي للعالم الافتراضي الذي يمكن العيش والعمل واللعب بداخله. ويذكِّر التقرير بفيلم «Ready Player One»، فالفكرة مشابهة لمفهوم ميتافيرس الذي تطمح له الشركات: ضع نظاراتك المحوسبة وانتقل فورًا إلى العالم الرقمي؛ حيث كل شيءٍ ممكن.

يبدو أن مارك زوكربيرج الرئيس التنفيذي لشركة «فيسبوك» هو الأكثر تفاؤلًا وتشجيعًا لهذا المفهوم؛ إذ أعلن عن خططه في شهرِ يوليو (تموز) عن نيته بتحويل شركة «فيسبوك» من شركة وسائط اجتماعية إلى شركة ميتافيرس في السنوات القادمة.

ويشير التقرير إلى الغموض الذي ما زال يلفُّ جانب الاستفادة من مفهوم ميتافيرس، وكيف يمكن أن تسخِّره شركات التكنولوجيا.

يوم الأربعاء الفائت، أمضى زوكربيرج وفريقه التنفيذي ومحللو وول ستريت الكثير من الوقت في مناقشة ميتافيرس، ومقدار التكلفة التي سيتطلبه بناؤها من «فيسبوك» وخطط الشركة للتربُّح منها. حتى إن التقرير ينوِّه إلى أن كلمة ميتافيرس ذكرت 20 مرة في مكالمة الأرباح تلك التي استمرت لمدة ساعة واحدة، بينما ذُكرت الإعلانات 28 مرة، علمًا أن الأخيرة هي مصدر النشاط الرئيس لـ«فيسبوك» وقد جنت أكثر من 28 مليار دولار من العائدات خلال هذا الربع.

وهذه هي النقاط الرئيسة التي أوردها زوكربيرج وفريقه فيما يخص استثمار «فيسبوك» في ميتافيرس:

معدَّات الواقع الافتراضي

يوضح التقرير أن «فيسبوك» سيبيع الأجهزة المتعلقة بميتافيرس، لكنها لن تكون مصدر الربح الحقيقي للشركة. قال زوكربيرج في مكالمة الأرباح أن هدف «فيسبوك» يتمثل في بيع سماعاتها بأرخص سعرٍ ممكن والتركيز على جني الأموال من خلال التجارة والإعلان داخل ميتافيرس.

وأوضح زوكربيرج في المكالمة: «لن يرتبط نموذج أعمالنا بمحاولة بيع الأجهزة بزيادة كبيرة أو ما شابه؛ لأن مهمتنا تتمثل في خدمة أكبر عددٍ من الأشخاص، لذلك نريد أن نجعل ما نقوم به متيسر التكلفة قدر الإمكان حتى يتمكن أكبر عدد ممكن من الناس من الدخول فيه، وبالتالي مضاعفة حجم الاقتصاد الرقمي بداخله».

يذكِّر التقرير بوجود قسم للواقع الافتراضي في شركة فيسبوك «أوكيولوس». لا تزال سماعات الرأس الافتراضية التي ينتجها أوكيولوس ذات قدرات محدودة نسبيًّا، لكن «فيسبوك» تأمل في تحسين التكنولوجيا بحيث تبدو سماعات الرأس أشبه بزوجٍ من نظارات واربي باركر «ماركة نظارات أمريكية» بدلًا من الخوذة الكبيرة الموجودة الآن. يشدد التقرير على أهمية هذه النقطة، إذ إن ميتافيرس لن ينجح إلا لو أعطى الجهاز مستخدمه إحساسًا حقيقيًّا بالوجود الفعليِّ في العالم الرقمي.

الجانب الربحي

سيظل للإعلانات دورها المعتاد، لكن «فيسبوك» سيركز على بيع السلع الافتراضية. وكان زوكربيرج قد أكد على أن الإعلان في ميتافيرس سيشكل «جزءًا مهمًا» من إستراتيجية «فيسبوك» للربح من ميتافيرس، لكنه بدا أكثر تفاؤلًا بشأن التبادل التجاري في العالم الرقمي.

يفكر الكثيرون اليوم في بعض ألعاب الفيديو الافتراضية المشهورة مثل ماينكرافت وروبلوكس وفورتنايت؛ لتخيل كيف يمكن أن يبدأ ميتافيرس. تجني هذه الألعاب المجانية الربح عن طريق بيع سلع افتراضية للاعبين. وقد ألمح زوكربيج في مكالمة الأرباح أن «فيسبوك» ستنتنسخ تلك الإستراتيجية لجني الأرباح في ميتافيرس، عبر اقتطاع حصة صغيرة من كل معاملة.

وينقل التقرير عن زوكربيرج قوله: «أعتقد أن السلع الرقمية والمصممين سيكونان هائلين، من ناحية الأشخاص الذين يعبرون عن أنفسهم من خلال صورهم الرمزية «الأفاتار»، ومن خلال الملابس الرقمية، ومن خلال السلع الرقمية، والتطبيقات التي يمتلكونها، والتي يحضرونها معهم من مكانٍ إلى آخر»، وأضاف: «سيتركز جزء كبير من تجربة ميتافيرس حول القدرة على الانتقال الفوري من تجربةٍ إلى أخرى. وبالتالي القدرة على امتلاك سلعك الرقمية ورصيدك ونقلهم من مكانٍ إلى آخر، سيكون هذا استثمارًا كبيرًا يصنعه الأشخاص».

تكلفة تطوير ميتافيرس

يقول التقرير إن «فيسبوك» ينفق المليارات سنويًّا على تطوير ميتافيرس. لم تقدم الشركة رقمًا محددًا حتى الآن، لكنها بالمقابل لم تصدر أي تعليق سلبي بشأن تقدير أحد المحللين بأن الشركة تنفق حوالي خمسة مليارات دولار سنويًا على التطوير المرتبط بميتافيرس.

عودة إلى الواقع

يحاول التقرير طرح نظرة واقعية إلى الأمر؛ إذ إن الأمر سيتستغرق سنوات قبل أن تتحقق خطط زوكربيرج، هذا إن حدثت من الأساس. تحب شركات التكنولوجيا المفاهيم المستقبلية التي لم تنضج بما فيه الكفاية بعد، مثل الذكاء الاصطناعي.

تميل هذه التعريفات لأن تصبح ضبابية ولأن تبتعد عن مفاهيمها الأصلية. فمثلًا، يذكِّر التقرير بأن لا ذكاءً اصطناعيًّا موجود في الحقيقة حتى الآن، وذلك بالرغم من عدد المديرين التنفيذين الكبير في شركات التكنولوجيا العملاقة الذين يتظاهرون بوجوده.

ويعد التقرير أن هنالك خطرًا كبيرًا من احتمال وقوع مفهوم ميتافيرس في الفخ نفسه. تتحدث المزيد من الشركات باستمرار – ولا سيما «فيسبوك» و«مايكروسوفت» – عن إستراتيجياتها المتعلقة بميتافيرس على المدى المنظور، ولكن يقول التقرير إننا لا نزال بعيدين عدة سنوات «أو أكثر» عن تحوله إلى حقيقة واعدة.

لا تزال التكنولوجيا المتعلقة بهذا النوع من الواقع الافتراضي متخلِّفةً عن الوعود، وسيحتاج الأمر وقتًا جيدًا قبل أن تصبح قريبةً من ذلك.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي