محاولات حماس لإعادة صياغة علاقاتها الإقليمية بعد حرب غزة

2021-07-26

بينما تكافح السلطة الفلسطينية للحفاظ على شرعيتها، تبرز "حماس" كلاعب رئيسي في فترة ما بعد حرب غزة من خلال تعزيز شبكة تحالفات قوية، ومتناقضة في كثير من الأحيان، تجعل من الحركة فاعلا لا غنى عنه في القضية الفلسطينية بالرغم من التحديات التي تواجهها في السياسة الخارجية والتي تجعل مهمتها في إدارة غزة أكثر صعوبة.

ولطالما قدمت "حماس" نموذج مرن يجمع بين جناحها العسكري القائم على المواجهة ومكتبها السياسي القائم على الدبلوماسية، ولكن يظل أحد أهداف الحركة الرئيسية الحفاظ على تماسكها خلال الظروف الصعبة التي تمر بها غزة.

وبالرغم من اختلاف مصالحهما، كان لكل من إيران ومصر مصلحة مشتركة في أن تظهر حماس أقوى في حرب غزة الأخيرة. وقد استخدمت الحركة الدعم العسكري من إيران في مواجهة إسرائيل، فيما قبلت بالتفاوض على وقف إطلاق النار مع إسرائيل عبر القناة المصرية.

وفتحت حرب غزة فرصة للحركة لتطوير شبكة علاقاتها الإقليمية. ومع ذلك، هناك تحديات تنتظرها. وقد تنهار شبكة تحالفات حماس الحالية في نهاية المطاف مع تطور مصالح القوى الإقليمية، ما يعيد الحركة إلى العزلة مرة أخرى.

وفي عام 2011 انقسمت قيادة حماس بين مؤيدين للانتفاضات العربية وأولئك الذين سعوا للحفاظ على التحالفات اللازمة لإعطاء الأولوية للقضية الفلسطينية ومصالح حماس. ومع ذلك، فإن الحركة بدأت في التحول إلى البراجماتية بشكل متزايد خلال العامين الماضيين.

 تحالفات حماس الإقليمية

وفي 11 يوما من القتال خلال حرب مايو/أيار 2021 على غزة، أطلقت حماس أكثر من 4 آلاف صاروخ محلي الصنع، بهدف التغلب على نظام القبة الحديدية الإسرائيلي. وقامت حماس ببناء هذا المخزون من الصواريخ، وتمكنت من تجاوز الحصار الإسرائيلي لغزة، بمساعدة وخبرات إيرانية. وشكل هذا تذكيرا من إيران بأن حلفاءها يمكن أن يضربوا إسرائيل من جبهات متعددة، إذا لزم الأمر.

وتظل هذه العلاقات العسكرية بين إيران وحماس سرية من قبل الجانبين، لكنها تعاود الظهور خلال فترات الصراع مع إسرائيل. وخلال حرب غزة الأخيرة، أعرب قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال "إسماعيل قاآني" عن تضامنه مع حماس من خلال مكالمة هاتفية مع رئيس مكتبها السياسي "إسماعيل هنية" الذي شكر إيران علنا على تقديم الدعم.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق "بنيامين نتنياهو" في مايو/أيار إنه إذا أوقفت إيران دعمها، فإن حماس "ستنهار في غضون أسبوعين". وفي الواقع، بينما تعتمد حماس على دعم إيران لجناحها العسكري، لكنها اكتسبت خبرة في بناء وتخزين الأسلحة.

علاوة على ذلك، قرّبت حرب غزة بين حماس والنظام السوري بعد جهود وساطة طويلة بقيادة "حزب الله" اللبناني. وخلال حرب غزة في مايو/أيار، التقى ممثلو الفصائل الفلسطينية، باستثناء حماس، برئيس النظام السوري "بشار الأسد" في دمشق. ورد القيادي في حماس "أسامة حمدان" على دعم "الأسد" العلني للمقاومة ضد إسرائيل قائلا: "نحيي كل من يقف إلى جانبنا. من الطبيعي أن تعود العلاقات مع دمشق إلى حالتها السابقة".

وقال عضو دائرة العلاقات الوطنية في حماس "محمود مرداوي" لموقع "المونيتور" إن "حماس بحاجة إلى علاقات جيدة مع الدول المجاورة لفلسطين بما في ذلك سوريا".

 ولم تعد حماس تعتمد فقط على إيران وما يسمى بـ"محور المقاومة"، فقد نوعت تحالفاتها في الأعوام القليلة الماضية لتكون لديها خطط طوارئ خاصة أنها تتحمل تكاليف إدارة قطاع غزة. وبعد حرب غزة ولقائه بالمسؤولين المصريين، سافر "هنية" من القاهرة في رحلة إقليمية شملت تركيا وماليزيا وقطر والمغرب وموريتانيا ولبنان.

ويعكس ذلك تنامي مستوى العلاقة بين المسؤولين المصريين وقادة حركة حماس التي تحتاج إلى شريان الحياة في معبر رفح، وهو نقطة العبور الوحيدة لغزة للنجاة من الحصار الإسرائيلي، فيما تستفيد السلطات المصرية من علاقاتها مع حماس لاستعادة الدور التقليدي للقاهرة والذي يخدمها في العلاقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل.

وكان الرئيس الأمريكي "جو بايدن" قد اتصل مرتين بنظيره المصري "عبدالفتاح السيسي" خلال حرب غزة، بعد أن تجنب أي اتصال معه منذ تولي منصبه. بالإضافة إلى ذلك، أصبح "جابي أشكنازي" أول وزير خارجية إسرائيلي يزور القاهرة منذ 13 عاما.

وتضيف حماس كذلك طبقة جديدة إلى دورها الإقليمي في الوقت الذي تعمل فيه تركيا على إصلاح العلاقات مع إسرائيل. ووفقا لتقارير وسائل الإعلام العربية والإسرائيلية، من المحتمل أن تلعب أنقرة دورا في الوساطة لتأمين صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس بعد تعثر الوساطة المصرية. ومن شأن هذا أن يسمح لحماس بتوسيع فائدة تحالفاتها بينما يمكن لتركيا أن تستعيد دورها في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وإلى جانب الفرص الإقليمية التي قدمتها حرب غزة الأخيرة بالفعل، تحاول حماس أيضا الوصول إلى الأنظمة العربية الأخرى التي كانت تربطها بها علاقات صعبة في السابق.

وفي الأردن، هناك ضغط شعبي متزايد لاستعادة علاقات عمّان مع حماس، بينما يعتقد النظام الملكي أن السلطة الفلسطينية يجب أن تكون المحاور الفلسطيني الأساسي. وأكد وزير الخارجية الأردني "أيمن الصفدي" في مايو/أيار أن حكومته كانت على اتصال مع حماس أثناء حرب غزة، وأن قادة حماس كانوا يتواصلون مع السياسيين الأردنيين بشأن هذه القضية.

وكانت عمّان قد أغلقت مكاتب حماس في الأردن منذ عام 1999، ولا تزال تبدي استعدادا أقل من حماس لاستعادة هذه العلاقة بالكامل.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي