لماذا تتجه السعودية للاستثمار اقتصاديًا وأمنيًا في سلطنة عمان؟

2021-07-19

وصل السلطان "هيثم بن طارق" للسعودية في أول زيارة دولية له، فيما شكل علامة غير مفاجئة على أهمية العلاقات العُمانية بدول مجلس التعاون الخليجي.

وعلى الرغم من اتخاذ عُمان لموقف محايد بشأن معظم أزمات المنطقة، خاصة إزاء التوتر المستمر مع إيران الذي تتورط فيه معظم دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، فإن مسقط لطالما أعطت الأولوية للعلاقات السياسية والاقتصادية مع جيرانها العرب.

تحديات اقتصادية أمام عمان

وزادت التحديات الاقتصادية والمالية التي تواجهها سلطنة عمان من أهمية العلاقات الاقتصادية مع دول مجلس التعاون الخليجي، حيث إن حاجة عمان للاستثمار الأجنبي وتنشيط القطاع الخاص لخلق فرص عمل وحل معضلتها المالية يجعل القروض والتعاون الاقتصادي مع دول الخليج مثل السعودية وقطر والإمارات أمرا حاسما لتحقيق استقرارها.

وبين عامي 2014 و2020، ارتفعت الديون الحكومية العمانية من 5% إلى 80%، وخلقت مشكلة مالية خطيرة في مسقط تفاقمت خلال جائحة "كورونا".

وتأتي الزيارة بعد بضعة أسابيع من الاحتجاجات في مدينة صحار في عمان بسبب بطالة الشباب، واستجابت الحكومة آنذاك بخلق المزيد من فرص العمل في القطاع العام، لكن السلطات العمانية تدرك أن هذا ليس حلا طويل الأجل، حيث تحتاج البلاد إلى قطاع خاص أنشط واستثمارات محلية وأجنبية لتقليل الاعتماد على القطاع العام وتنويع إيراداتها.

تأثر اقتصاد عمان بشدة بجائحة "كورونا" مثل دول الخليج الأخرى، لكن السلطنة شهدت عواقب أسوأ بسبب ديونها الموجودة مسبقا، كما إن واحدة من أحدث سياسات معالجة المشاكل المالية كانت إدخال ضريبة القيمة المضافة في 16 أبريل/نيسان.

تجدد اقتراح خط أنابيب مشترك

بعد تبادل أعلى الأوسمة بين الملك "سلمان" والسلطان "هيثم"، أعلنا عن تشكيل مجلس التنسيق السعودي العماني، وكانت القضايا الاقتصادية هي محور الاهتمام خلال الزيارة، في وقت تحاول فيه الدولتان بجد زيادة إيراداتهما غير النفطية.

كما ستستكشف الدولتان إمكانيات التكامل الاقتصادي وفوائد موقع عمان الآمن نسبيا لتأمين صادرات النفط من السعودية ودول الخليج الأخرى والعراق، في ظل تعرض ناقلات النفط السعودية للهجمات من الحوثيين في البحر الأحمر في السنوات الأخيرة، ويمكن أن تلعب الموانئ العمانية دورا في الحد من هذا الخطر، الآن أو في المستقبل.

وفي هذا الإطار، ستكون إمكانية إحياء خط أنابيب نفط الدقم موضوعا مهما للتعاون بين الجانبين، فقد تم تصور المشروع خلال الحرب الإيرانية العراقية، عندما كانت دول مجلس التعاون تبحث عن وجهة ميناء من شأنها أن تؤمن صادراتها النفطية بعيدا عن العنف في الخليج، وهو الخطر الذي أحياه الآن الحوثيون.

يطل الميناء على بحر العرب ويقع على طول الساحل الجنوبي لسلطنة عمان، بعيدا عن نقاط اندلاع الهجمات في الخليج والبحر الأحمر.

تقوم عمان أيضا ببناء منطقة صناعية بمليارات الدولارات في الدقم؛ وصحيح أن السعودية استثمرت في البداية في المجمع في عام 2018، لكنها ستستفيد من استثمارات سعودية أخرى.

كما قاد السلطان "هيثم" جهود التنويع الاقتصادي للحكومة خلال عهد ابن عمه الراحل السلطان "قابوس"، لذلك يدرك الحاجة إلى جذب المستثمرين والدور الذي يمكن أن تلعبه دول مجلس التعاون الخليجي في هذه الاستثمارات.

وفي خطة التنويع الوطنية العمانية لعام 2040، تعتمد السلطنة على موقعها واستقرارها النسبي لجذب الاستثمار من جيران من دول الخليج.

كما أن توسيع ميناء الدقم، وثروة الصيد الغنية في المنطقة وبناء المنطقة الصناعية التي استثمر السعوديون فيها 210 مليون دولار بحلول عام 2018، يفترض أن تجذب المستثمرين الأجانب وتحول الميناء إلى مركز للشحن البحري، وقد يهم هذا السعوديين أيضًا، حيث يهدفون إلى تنويع إيراداتهم وتعزيز علاقاتهم مع مسقط المحايدة سياسيًا.

وسيزيد أيضا الاستثمار والتجارة بين عمان والسعودية عند الانتهاء من الميناء الجديد الذي يربط السعودية مع عمان، وسيوفر عند تشييده 500 ميل (800 كيلومتر) من مسافة السفر، ما سيزيد من حجم التجارة بين البلدين وبين عمان ودول أخرى مرتبطة بالسلطنة عبر السعودية.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي