
ظهرت الرياضة كأداة لتعزيز الدبلوماسية منذ السبعينيات عندما استعادت الولايات المتحدة والصين العلاقات بينهما بفضل تنس الطاولة، فيما اشتهر بـ"دبلوماسية تنس الطاولة". وفي حين أن كرة القدم مختلفة تماما، إلا أنه يمكن استخدامها لنفس الغرض، وخاصة بين فرق الدول التي تجمعها علاقات متوترة، بما في ذلك السعودية وإيران.
وقد شهد الشرق الأوسط هذا الأمر من قبل في حالة إيران والعراق، اللتان انخرطتا في حرب مروعة لمدة 8 سنوات خلال الثمانينيات، وبعد فترة وجيزة من وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الأمم المتحدة، تواجهت فرقهما على الملعب للمرة الأولى منذ بداية الحرب فيما سمي بكأس "السلام والصداقة "في الكويت.
بعدها استأنف الأعداء السابقون العلاقات الدبلوماسية المباشرة وأعادت الدولتان فتح السفارات في عاصمتيهما في عام 1990 بعد سنة واحدة من مباراتهما معًا. وبالمثل، تبنت السعودية دبلوماسية كرة القدم للمساعدة في استعادة علاقاتها مع العراق المجاورة في عام 2018.
أدى التحول الدبلوماسي في البيت الأبيض بعد رحيل "دونالد ترامب" إلى تعديلات جدية في السياسة الخارجية السعودية، مما ساعد في فتح نافذة ضيقة لتخفيف التوترات الإقليمية.
وحتى الآن، تصالحت الرياض مع قطر، وعرضت الهدنة على المتمردين الحوثيين في اليمن، وفتحت محادثات مباشرة مع إيران، وتعتزم العمل على استقرار علاقاتها مع طهران.
وبسبب سلسلة من الإشارات العلنية من الهيئات الرياضية والمسؤولين في كلا البلدين، تجددت الآمال لدى بعض الخبراء والمتحمسين للرياضة في إيران بأن المتنافسين الإقليميين والطائفين الدائمين يمكن أن يتحركا أخيرا نحو التقارب.
وظلت العلاقات بين إيران والسعودية متوترة لعدة عقود، وتأرجحت بين فترات من العداء الشامل والانفراجات، وهو التأرجح الذي يعود بشكل رئيسي للمصالح المتنافسة في جميع أنحاء المنطقة. وقد تعرضت العلاقات لضربة خطيرة بعد أن اقتحم محتجون المقرات الدبلوماسية السعودية في طهران ومشهد في عام 2016 احتجاجا على إعدام الرياض لرجل دين شيعي بارز.
وردًا على هذا الحادث، قطعت السعودية العلاقات بسرعة مع إيران، وتبعها بعض حلفاء المملكة، وامتدت التوترات السياسية إلى الملاعب، مع قرار الاتحاد السعودي لكرة القدم عدم إرسال نوادي الدوري إلى إيران. وفي السنوات التي تلت ذلك، عقدت المباريات بين الفرق السعودية والإيرانية في أماكن محايدة، وفق قرار من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.
وفي شهر مارس/آذار، كلف الاتحاد الآسيوي السعودية باستضافة ثلاث مراحل من دوري المجموعات لبطولة "أبطال آسيا لكرة القدم 2021" بين 14 و 30 أبريل/نيسان، متذرعًا بقيود السفر وتحديات الحجر الصحي بسبب جائحة "كوفيد-19".
وعلى الرغم من الاحتجاجات الأولية للناديين الإيرانيين "فولاد خوزستان" و"استقلال طهران" بعد هذا القرار، فقد سافرا إلى السعودية للمرة الأولى منذ 5 سنوات.
وبالنسبة للمسؤولين الرياضيين الإيرانيين الكبار، كان هذا قرارا صعبا ومكلفا، حيث واجهوا انتقادات واسعة النطاق في الداخل لفشلهم في حماية "الحق الأصيل" لإيران باستضافة هذه الألعاب.
وألقى المنتقدون باللوم على إدارة الرئيس المنتهية ولايته "حسن روحاني"، ولا سيما وزارة الخارجية، بسبب ما رأوه تراخيًا دبلوماسيًا بشأن هذه القضية.