3 نتائج مهمة لقمة بايدن وبوتين في جنيف

Three Key Takeaways From the Biden-Putin Summit
2021-06-19

استعرضت إيمي ماكينون، مراسلة شؤون الأمن القومي والاستخبارات في مجلة «فورين بوليسي»، في مقالٍ نشرته المجلة الأمريكية أبرز المخرجات التي تمخضت عنها قمة جنيف بين الرئيس الأمريكي جو بايدن، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، مؤكدةً أن الأيام القادمة ستبرهن على نجاح القمة من عدم نجاحها.

وضع أسس تخفيف حدة التوترات بين البلدين!

وفي مستهل مقالها أشارت المراسلة إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن التقى يوم الأربعاء الماضي نظيره الروسي فلاديمير بوتين في جنيف بسويسرا في أول قمة شخصية بينهما بعدما تدهورت العلاقات بين البلدين إلى أدنى مستوياتها منذ عقود.

ويُنظر إلى القمة على أنها محاولة من البلدين لوضع قواعد أساسية لتخفيف حدة التوترات بينهما بعد سلسلة من الهجمات الإلكترونية التي شُنَّت ضد الولايات المتحدة، ونُسِبت إلى قراصنة روس، بالإضافة إلى العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على موسكو بسبب تدخلها المزعوم في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020، وما أعقب ذلك من عمليات طرد متبادل بين البلدين للدبلوماسيين وترحيلهم.

تقول المراسلة: وفي خطوة أولى مهمة اتفق الزعيمان على عودة سفيريِّ البلدين إلى واشنطن وموسكو بعد استدعائهما لإجراء مشاورات في وقت سابق من هذا العام. وبعد حوالي أربع ساعات من الاجتماعات عقد بايدن وبوتين مؤتمرين صحافيين منفصلين، حيث وصفا القمة بأنها مثمرة، وحدَّدا مجموعة محدودة من المجالات لمزيد من المناقشات بشأن الأمن السيبراني المعلوماتي، وتبادل السجناء.

وفي بيان مشترك صدر بعد انتهاء القمة، أكدَّ الرئيسان من جديد على التزامهما بتجنب الحرب النووية، إلى جانب إعلان خطط لاستئناف محادثات الاستقرار الإستراتيجي لإرساء القواعد الأساسية للمفاوضات المستقبلية بشأن الحد من الأسلحة. وترصد المراسلة في مقالها هذا النقاط الثلاث الرئيسة التي خرجت بها قمة جنيف.

اختلاف جذري عن قمة هلسنكي

وألمحت الكاتبة إلى النقطة الأولى التي تتمثل في أن قمة بايدن وبوتين عُقدت بعد مرور حوالي ثلاث سنوات على قمة هلسنكي المُشِينة التي عُقِدت في فنلندا بين بوتين وترامب، والتي قال فيها الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب إنه يُصدِّق بوتين أكثر من وكالات الاستخبارات الأمريكية بشأن قضية تدخل روسيا المزعوم في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

وأضافت الكاتبة أن فيونا هيل، كبيرة مستشاري ترامب في روسيا، اعترفت في وقت لاحق من قمة هلسنكي أنها فكرت في إطلاق إنذار الحريق، أو ادِّعاء الإصابة بحالة مرضية طارئة فقط لإنهاء اللقاء بين بوتين وترامب. وعلَّق أندريه باكليتسكي، خبير الحدِّ من التسلُّح في مركز أبحاث «بي آي آر» ومقرُّه موسكو، على قمة جنيف قائلًا: «لم نعقد مؤتمرات قمة طبيعية أو مؤتمرات مشتركة طبيعية مند مدة طويلة، والتي يمكنك فيها قراءة النص والاستماع إلى المقابلات وإدراك المراد منها».

ورجَّحت الكاتبة أن يكون شبح قمة هلسنكي وسمعة بوتين في محاولته إحراج محاوريه سببًا في اتخاذ قرار بعقد مؤتمرَين صحافييَن منفصلَين يوم الأربعاء. وعلى الرغم من عدم وجود أجواء التربيت على الكتف والمبالغة في الملاطفة بين بايدن وبوتين، كالتي كانت بين بوتين وترامب في قمة هلسنكي، وصف كلا الزعيمين القمة بأنها تتسم بالاحترام المتبادل، وأنها مثمرة.

وفي مؤتمره الصحافي الذي عُقِد قبل ساعة من مؤتمر بايدن الصحافي، صرَّح بوتين أنه على الرغم من أنه لم «يُقسم على صداقة أبدية» مع نظيره الأمريكي، إلا أنه رأى «بارقة أمل» في عينيه. وفي المقابل وصف بايدن القمة بأنها «جيدة وإيجابية»، وقال إنه على الرغم من وجود خلاف بين البلدين، فإن القمة لم تنعقد في «أجواء يُخيِّم عليها الخلاف الشديد».

وتستدرك الكاتبة قائلة: بيد أن هذا لا يعني أن جميع الأمور على ما يرام وتدعو إلى التفاؤل؛ إذ حذَّر بايدن من أنه ستكون هناك «عواقب وخيمة» إذا تُوفي زعيم المعارضة الروسية أليكسي نافالني في السجن، كما حذَّر بايدن نظيره الروسي من شن هجمات إلكترونية على البنية التحتية الحيوية للولايات المتحدة، مثل إمدادات الطاقة والمياه.

ونوَّهت الكاتبة إلى أن بوتين رفض ذكر نافالني بالاسم ردًا على أسئلة متكررة بشأن حقوق الإنسان في روسيا، وبدلًا عن ذلك أثار بوتين التحديات التي تُواجهها الولايات المتحدة بشأن قضايا العنف المسلح واستمرار تشغيل معتقل جوانتانامو. ويقول مايكل ماكفول، الذي عمل سفيرًا للولايات المتحدة في روسيا خلال إدارة أوباما: إن «بوتين شعر بالارتياح الشديد، وكان يقضي وقتا طيبًا في القمة».

قمة بلا إنجازات وتقدم محتمل في بعض المجالات!

وأوضحت الكاتبة أن النقطة الثانية تتمثل في أن قمة جنيف لم تتمخض عن إنجازات كبيرة كما كان متوقعًا. لكنَّ الرئيسَيْن حدَّدا عددًا قليلًا من المجالات الأساسية التي قد تشهد بعض التقدم، بدءًا من الاتفاق على إعادة سفيريهما إلى منصبيهما. يقول دان فرايد، مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشئون الأوروبية والأورَاسية خلال إدارتي جورج دبليو بوش وباراك أوباما: إنه «إذا أردت أن تنجز شيئًا ما معقَّدًا في روسيا، أو في أي دولة أخرى، فأنت في حاجة إلى فريق سفارة يتميز بطاقمٍ من الموظفين للدخول في المسألة وتقديم المشورة للإدارة الأمريكية في واشنطن بشأن ما هو ممكن وما هو غير ممكن».

ولفتت الكاتبة إلى أن بايدن أثار أيضًا قضية الأمريكيَّيْن، بول ويلان وتريفور ريد، اللذَيْن حُكم على كل منهما بالسجن لمدة طويلة في روسيا. وبدوره، رأي بوتين أن البلدين قد يكونا قادرين على التوصل إلى «حل وسط في قضيتهما». وأشار الرئيس الروسي إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية ووزارة الخارجية الروسية سيعملان على هذه القضية.

ورجَّحت الكاتبة أن المحادثات بشأن تبادل الأسرى قد تكون شائكة بسبب عدم تطابق الاتهامات الموجَّهة إلى السجناء الذين تريد كل دولة استعادتهم. وعلى الرغم من أن واشنطن ترى أن الاتهامات الموجَّهة إلى ويلان وريد زائفة، تسعى روسيا – في المقابل – على الأرجح لإطلاق سراح تاجر الأسلحة السيئ السمعة فيكتور بوت، ومهرِّب المخدرات المُدان كونستانتين ياروشينكو.

وأشارت الكاتبة إلى بيان مشترك موجز أصدره البيت الأبيض والكرملين في أعقاب القمة أعاد التأكيد على الصيغة التي اتفق عليها الرئيس الأمريكي رونالد ريجان ورئيس الاتحاد السوفيتي ميخائيل جورباتشوف في قمة جنيف التي عقدت بينهما عام 1985 القائلة بأنه: «لا يُمكن أبدًا كسب حرب نووية ويجب عدم خوضها من الأساس».

وتحت مظلة اتفاقية الحد من الأسلحة الوحيدة المتبقية بين روسيا والولايات المتحدة، اللذين يملكان حوالي 90٪ من الأسلحة النووية في العالم، وافق البيان أيضًا على إجراء محادثات الاستقرار الإستراتيجي الثنائية، والتي يمكن أن تُمهد الطريق للمفاوضات المستقبلية للحد من الأسلحة. يقول ماكفول: «أعتقد أنه من الأمور الجيدة أنهما فعلا ذلك، وأصدرَا بيانًا مشتركًا بشأن هذه القضايا. إن البيان مهم، حتى وإن كان موجزًا جدًّا».

الوقت كفيل بالرد على من يتساءل ماذا سيحدث في المُستقبَل!

وتطرقت المراسلة إلى النقطة الثالثة والتي تمثلت في أنه لم يزل من غير الواضح ما هي قائمة القضايا الأخرى التي ناقشها الزعيمان وكان من المحتمل أن تُثار خلال القمة، ومن بينها تغير المناخ، والقطب الشمالي وبيلاروسيا وسوريا والحرب المستمرة في أوكرانيا.

وأكدت الكاتبة على أن الأحداث القادمة هي التي ستُوضح مدى نجاح قمة جنيف بين بايدن وبوتين من عدمه. ويرى ماكفول أن: «العمل الجاد يبدأ في اليوم الذي يلي القمة».

وعلى الرغم من أن الزعيمين حدَّدا عددًا قليلًا من المجالات المحدودة التي قد يكونا قادرين على إحراز بعض التقدم فيها، إلا أن الأمر حاليًا يقع على عاتق إدارتيهما لمناقشة التفاصيل في ظل التوترات المستمرة والتدقيق السياسي المكثَّف في واشنطن. وهو الأمر الذي كان يُدركه بايدن تمامًا على ما يبدو، عندما قال في مؤتمره الصحافي: «العبرة بالأفعال لا بالأقوال». بحسب ما تختم الكاتبة مقالها.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي