فايننشال تايمز: نتائج الانتخابات الإيرانية محسومة والناخب فقد الأمل بالتغيير عبر صناديق الاقتراع

2021-06-18

نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا لفريق مراسليها في طهران، نجمة بوزرجمهر، وأندرو إنغلاند، ومنور خلج، قالوا فيه إن الإيرانيين فقدوا الأمل بالتغيير عبر صناديق الاقتراع، ولهذا قرروا مقاطعة الانتخابات الرئاسية التي ستقود إلى رئيس متشدد خلفا للرئيس حسن روحاني الذي أتم فترتين من الحكم.

وستؤدي النتيجة إلى تقوية سيطرة المعسكر المتشدد على الجمهورية الإسلامية، مع أن نشوة الانتصار ستغطي عليها نسب متدنية من المشاركين والتي تعتبر الأقل منذ الثورة في 1979.

وقالت الصحيفة إن الاقتراع الهام يجري في وقت تحاول فيه إدارة الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن العودة إلى الاتفاق النووي الذي وقعته بلاده مع قوى عالمية للحد من برنامج إيران النووي.

ويعتبر إبراهيم رئيسي، رئيس القضاء الإيراني، المرشح الأوفر حظا بعد منع عدد من المرشحين الإصلاحيين والمحافظ الأبرز علي لاريجاني الذي ساعد في مفاوضات الاتفاق النووي عام 2015 من المشاركة.

ويتمتع رئيسي بتقدم قوي على منافسه الرئيسي والوحيد من معسكر الاعتدال عبد الناصر همتي، حاكم البنك المركزي الإيراني السابق، إلى جانب القائد السابق للحرس الثوري، محسن رضائي. وحتى لو فاز واحد من المرشحين المتشددين، فإن مقاطعة الانتخابات أو المشاركة الضعيفة فيها ستقوض مزاعم النظام بأن الانتخابات تقدم الشرعية الشعبية في منطقة لا تعقد فيها انتخابات. وقال علي (36 عاما) وهو مهندس وموسيقي: “لن أصوت في الانتخابات ولا أي واحد من أقاربي”. مضيفا: “لو كانت الأصوات ستغير أي شيء، لمنَعنا النظام من الاقتراع، إنها مجرد عرض، وحصة الرئيس في اتخاذ القرار لا تتجاوز نسبة 5%”.

وتتوقع استطلاعات الرأي في طهران أن تنخفض نسبة المشاركين في الانتخابات إلى أقل من 50%. وجاءت الانتخابات وسط المزاج القاتم النابع من انتشار وباء كورونا وهو مزاج على النقيض من ذلك الذي رافق انتخابات 2017 وشاركت فيها نسبة 70%، ومنحت حسن روحاني فترة ثانية في انتصار ساحق.

وجاء “رئيسي” في تلك الانتخابات متأخرا بمسافة بعيدة عن روحاني في المرتبة الثانية. واعتُبرت تلك الجولة استفتاء على الاتفاق النووي الذي وقعته حكومة روحاني بوعود تغيير الاقتصاد وجذب الاستثمارات الأجنبية وبدء التحاور مع الغرب. لكن الوعود التي حملها الاتفاق سحقها فوز الرئيس دونالد ترامب، الذي خرج من الاتفاق عام 2018 وأعاد فرض العقوبات السابقة على إيران، وزاد عليها استراتيجية أقصى ضغط، مما أدى لدخول الاقتصاد الإيراني في حالة من الركود. وأضعفت الأزمة الإصلاحيين الذين دعموا روحاني، الوسطي، على أمل التغيير. في المقابل، أدت إلى تقوية المتشددين الذين حذروا من أن أمريكا لا يمكن الثقة بها.

وقال الرئيس بايدن إنه سيعود للاتفاق، ويرفع عددا من العقوبات لو عادت إيران للالتزام بالاتفاق. ومن المتوقع مواصلة إيران مفاوضاتها مع الموقّعين الباقين على الاتفاق: فرنسا وبريطانيا والصين وروسيا، لو فاز “رئيسي” في الانتخابات، حيث يرغب المتشددون بتخفيف الضغوط عن الاقتصاد. وبعد أربعة أعوام مضطربة ومعاناة اقتصادية، تخلى الكثير من الإيرانيين عن أي أمل في أن يترجم تصويتهم إلى تغيير حقيقي، بل ويعتقدون أن الانتخابات هي وسيلة لشرعنة الحكم الديني.

وقال عزيز (68 عاما) مدير شركة خاصة: “قبل الانتخابات يناشد السياسيون الناس التصويت من أجل إيران. وفي اليوم التالي للانتخابات يقولون إن المشاركة هي انتصار للثورة الإسلامية”. مؤكدا: “لن أشارك في تغذية تلك الدعاية مرة أخرى”.

وحذّر خامنئي يوم الأربعاء الإيرانيين من الضغط الأجنبي على البلد لو كانت المشاركة ضعيفة. وقال: “صحيح عندما نفكر أن السياسية والجيش والاقتصاد هي وسائل لقوتنا ولكن لا يوجد أهم من حضور الناس” في الانتخابات. ودعا كل الناس ومن الطوائف السياسية المختلفة للمشاركة في العملية الانتخابية. ويرى المحللون أن مشاركة متدنية، هي عبارة عن عصيان مدني نادر قد يصب في صالح “رئيسي” الذي يتمتع بقاعدة انتخابية محافظة ستصوت له.

وتقول حسنة (30 عاما) العاملة في مجال التصوير، إن رئيسي هو “أصدق مرشح فضّله المرشد”، مضيفة أنه سيقوم بتنظيف الفوضى التي سيرثها من حكومة روحاني و”علينا واجب ديني للتصويت كما قال المرشد”. لكن الناس يرون أن مكتب المرشد والمتشددين في القضاء والحرس الثوري اختاروا المرشح الفائز.

والأمل بالنسبة لهمّتي، المرشح الإصلاحي الوحيد، هو عدم حصول أي مرشح على نسبة 50% من الأصوات مما يعني جولة إعادة. إلا أنه يواجه معوقات من المعسكر الإصلاحي الذي لا يرى أهمية في التصويت. واقترح بعضهم عبر منصات التواصل الاجتماعي استخدام صوتهم و”قلب الطاولة رأسا على عقب” وهو هاشتاغ متداول.

 إلا أن معظم الإصلاحيين يرون أن المنافسة غير عادلة ولا حاجة للتصويت. وهو موقف يوافق عليه الكثير من الناخبين. ويقول المدرس مهران (53 عاما): “طفح الكيل، لن أصوت أبدا.. خدعنا الإصلاحيون عندما قالوا إن الإصلاح ممكن عبر صناديق الاقتراع. ولا شيء سيتغير أبدا”.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي