"حرب بيانات" بشأن الصلاحيات والدستور.. خلاف جديد يواجه تشكيل الحكومة اللبنانية

2021-06-17

الحريري وعون وبري

سامر وسام: بعد محاولة رئيس البرلمان اللبناني، نبيه بري، إحداث اختراق على مستوى التشكيل الحكومي المتعثر منذ أغسطس الماضي، يبدو أن مبادرته ستواجه عقبات إضافية بعد خلاف سياسي جديد مع رئاسة الجمهورية.

وقال بري، الأربعاء، إن تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة الجديدة  يعود لـ"قرار السلطة التشريعية، وخارج عن إرادة رئيس الجمهورية"، متهما رئيس الجمهورية (ميشال عون) بأنه الوحيد الذي يرفض مبادرته لتسهيل تشكيل الحكومة، بعدما وافق عليها جميع الأطراف، على حد تعبيره.

ويأتي ذلك بعد بيان بعبدا (القصر الجمهوري) الذي اتهم بري بالتدخل في عملية تأليف الحكومة، داعيا إلى "الاستناد إلى آلية دستورية تنص على تشكيل الحكومة بالاتفاق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف"، فهل يسقط هذا الخلاف المستجد المبادرة ويزيد من تعقيد الأمور؟

يجيب عضو كتلة التنمية والتحرير، النائب قاسم هاشم، في حديث لموقع "الحرة"، قائلا إن "المبادرة ملك أصحابها واللبنانيين، وليس لأي فريق سياسي أن يتحكم بمسارها ومصيرها".

وكشف هاشم على أنّ "المبادرة لا تزال مستمرة"، معتبراً أنها "الفرصة الوحيدة للوصول إلى تفاهمات في ملف تشكيل الحكومة".

وشدد هاشم على أنّ "المبادرة هي لمساعدة الأطراف عبر تدوير الزوايا وإزالة العقبات"، وهو ما يصب في مصلحة اللبنانيين، على حد قوله.

ويتمثل الخلاف بين عون والحريري حول تسمية الوزراء المسيحيين في الحكومة. ويقول الحريري إن رئيس الجمهورية يحاول الحصول على "الثلث المعطل" لفريقه السياسي (التيار الوطني الحر)، وهو ما ينفيه عون.

و"الثلث المعطل" يعني حصول فريق سياسي على ثلث عدد الحصص الوزارية، الأمر الذي يخوله حينها التحكم في قرارات الحكومة وتعطيل انعقاد اجتماعاتها.

في المقابل، يرى عضو المجلس السياسي في ​التيار الوطني الحر،​ وليد الأشقر، في حديث لموقع "الحرة"، أن "عون لم يسقط مبادرة بري بل قام بتصوبيها".

ويوصف الأشقر بري بـ"المسوق الوحيد الحالي لتولي الحريري منصب رئاسة الحكومة"، طالبا منه عدم "تخطي الحدود".

وكان عون قد قال في بيانه إنه "ثمة معطيات برزت خلال الأيام الماضية، تجاوزت القواعد الدستورية والأصول المعمول بها، فإن المرجعيات والجهات التي تتطوع مشكورة للمساعدة في تأليف الحكومة، مدعوة إلى الاستناد إلى الدستور والتقيد بأحكامه وعدم التوسع في تفسيره لتكريس أعراف جديدة".

وهنا يعارض هاشم أي كلام من هذا النوع، قائلا "لا أحد يحدد الأصول للرئيس بري، فالدستور يتيح له وللمجلس النيابي الحكم والفصل في القضايا"، لافتا إلى أن "المبادرة لا تنطلق من مصالح ذاتية ومنطلقات غير دستورية".

بينما يشدد القيادي في التيار الوطني الحر، على وجوب مراعاة الحكومة الجديدة لـ"المعايير الميثاقية والمناصفة"، متهما إياه بـ"عدم الالتزام بالدستور".

البرلمان اللبناني

وكان بري قد شدد في بيانه الأخير على أن "الذي يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة هو رئيس الحكومة المكلف وفق المادة 64 من الدستور"، وليس رئيس الجمهورية.

وأضاف رئيس البرلمان، في بيانه، أن "رئيس الجمهورية الذي ليس له حق دستوري بوزير واحد فهو لا يشارك بالتصويت (..) أقدمتم على البيان البارحة صراحة تقولون لا نريد: سعد الحريري رئيسا للحكومة".

وتابع: "هذا ليس من حقكم، وقرار تكليفه ليس منكم، والمجلس النيابي قال كلمته مدّوية جواب رسالتكم إليه"، وذلك بعدما كان عون قد أرسل، مايو الماضي، خطابا إلى مجلس النواب حول التأخير في تشكيل الحكومة، محملا رئيس الحكومة المكلف مسؤولية عرقلة التأليف.

مصير تشكيل الحكومة

وعن مصير ملف تشكيل الحكومة، يتوقع المحلل السياسي، أسعد بشارة، في حديث لموقع "الحرة"، أنّ تحمل الأسابيع والأشهر المقبلة المزيد من "المحاولات العقيمة لشراء الوقت قبل الارتطام الكبير الذي سيحصل في لبنان"، معتبرا أن المساعي الحاصلة حاليا لا يمكن أن تنقذ البلاد من الأزمة الاقتصادية، قائلا "الأرقام مرعبة، الانهيار الاقتصادي في كل بيت، الدولة منهارة، والمؤسسات تتفكك".

ولفت بشارة إلى أن "حرب البيانات بين بري وعون هي آخر مظاهر تجويف وتحلل الدولة"، متهما الطرفين بـ"التقاتل من أجل المحاصصة لا لتشكيل حكومة إنقاذية".

وتزامنا مع ذلك، شهد الشارع اللبناني، الخميس، حركة إضراب واسعة، دعا إليها الاتحاد العمالي العام وهيئات نقابية مختلفة، وأحزاب مشاركة في السلطة، وذلك "رفضا للواقع الخطير وما آلت إليه الأمور" بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية، وتأزم الظروف المعيشية، في وقت شكك ناشطين بنوايا هذا الإضراب بسبب الأطراف الداعية والمؤيدة له.

 

كما أقدم عدد من ​المحتجين​  على قطع ​الطرقات​ في عدد من المناطق اللبنانية، في العاصمة بيروت، وفي طرابلس وعكار (ِشمالي البلاد)، بالإضافة إلى البقاع (ِشرقي لبنان). وكذلك قرر موظفو الإدارات الرسمية في بيروت والمحافظات أن ينفذوا إضرابا شاملا يومي الخميس والجمعة.

ويشهد لبنان منذ صيف 2019 انهيارا اقتصادياً متسارعا فاقمه انفجار مرفأ بيروت المروع في الرابع من أغسطس وإجراءات مواجهة فيروس كورونا. وتخلفت الدولة في مارس 2020 عن دفع ديونها الخارجية، ثم بدأت مفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول خطة نهوض عُلّقت لاحقاً بسبب خلافات بين المفاوضين اللبنانيين.

وتراجع سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار تدريجياً إلى أن فقدت أكثر من 85 في المئة من قيمتها، وبات أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر، وارتفع معدل البطالة، فيما يشترط المجتمع الدولي على السلطات تنفيذ إصلاحات ملحة لتحصل البلاد على دعم مالي ضروري يخرجه من دوامة الانهيار.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي