هل حان الوقت لإلغاء النظام الملكي في بريطانيا؟

There’s Never Been a Better Time to Abolish the Monarchy
2021-04-19

على النقيض من دفاع المحافظين على جانبَي المحيط الأطلسي عن النظام الملكي البريطاني، يجادل أستاذ الفلسفة، بن برجيس، في مقال نشرته مجلة «جاكوبين» بأن هذا هو الوقت الأمثل لإلغاء هذه المؤسسة التي يصفها بأنها غير ديمقراطية.

يقول الكاتب في مستهل مقاله: أي شخص تسترجع ذاكرته ما جرى في شهر يناير (كانون الثاني)، قد يربكه مشهد المحافظين الأمريكيين وهم يعلنون عن حبهم للنظام الملكي البريطاني. قبل يومين من مغادرة دونالد ترامب منصبه، أشادت لجنة 1776 الاستشارية (التي أسسها الرئيس السابق في سبتمبر (أيلول) 2020 بإعلان الاستقلال بوصفه وثيقة تاريخية بالغة الأهمية، جعلت أمريكا أمة فريدة.

وفي عهد أوباما، كانت أيقونات النضال الثوري الأمريكي ضد التاج البريطاني منتشرة، لدرجة أن الجناح اليميني في الحزب الجمهوري أطلق على نفسه «حزب الشاي» (الاسم مستوحى من حادث تاريخي وقع سنة 1773، عندما ثار محتجون أمريكيون على فرض البرلمان البريطاني ضرائب على الشاي المستورد إلى المستعمرات الأمريكية، فاستولوا على ثلاث سفن بريطانية في ميناء بوسطن، وألقوا بصناديق الشاي في المياه، وأشعلوا بذلك ثورة تحرر أمريكا من الاستعمار البريطاني).

ومع ذلك، عندما انتقدت ميجان ميركل والأمير هاري العائلة الملكية في مقابلة أجرياها مؤخرًا مع أوبرا وينفري، كان رد بعض الشخصيات على الأقل في مؤسسات محافظة بارزة هو الإشادة بالمؤسسة الملكية نفسها التي كان مؤسسو أمريكا يثورون ضدها في عام 1776. وظهرت دفاعات متعددة عن النظام الملكي في منشورات موقع ذا فيديراليست ومجلة ناشيونال ريفيو، كما استضافت مؤسسة التراث فعالية افتراضية بعنوان: «التاج تحت النار.. لماذا ستفشل حملة اليسار لإلغاء النظام الملكي وتقويض حجر الأساس للديمقراطية الغربية».

يلفت الكاتب إلى أن هذه الأطروحات الدفاعية تشبه الشعارات الرسمية التي رفعها الحزب الحاكم في رواية جورج أورويل 1984. فإذا كانت الحرب هي السلام، والحرية هي العبودية؛ فلا غروَ أن تكون الملكية هي حجر الزاوية للديمقراطية.

كريستوفر هيتشنز في مواجهة مع ناشيونال ريفيو

يذكر الكاتب أن البيان الكلاسيكي الحديث المناهض للنظام الملكي هو: كتيب كريستوفر هيتشنز الصادر في عام 1990 «الملكية: نقد صنم بريطانيا المفضل». صحيح أن هيتشنز انجرف إلى اليمين بعد عقد من الزمن كرد فعل على هجمات 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية، إلا أنه كان في عام 1990 اشتراكيًا مخلصًا، وأحد أفضل الكتاب اليساريين، على حد وصف الكاتب.

يهدم هيتشنز في كتيّبه دفاعات للنظام الملكي، ويشير على سبيل المثال إلى أن المدافعين عن الملكية يتوافقون على أن أعضاء العائلة الملكية لا حول لهم ولا قوة، وأنهم يشغلون مناصب احتفالية دون أن يلحقوا أي ضرر بالديمقراطية البريطانية، لكنهم في الوقت ذاته يدفعون بأن أفراد العائلة الملكية يستخدمون «ما لديهم من قوة» لتحقيق أهداف حميدة.

إذا لم تستسِغ هذا الطرح، فتخيل أن شخصًا أخبرك غدًا بأنك من الآن فصاعدًا، سيكون لديكَ جمهور أسبوعي خاص مع رئيس وزراء أو رئيس بلدك، وإذا ألمحت إلى أنك غير راضٍ عن هذا المسؤول، فسيسلط الضوء على تلميحك باعتباره خبرًا مهمًا. كما يمكنك، في أي وقت تريده، إثارة أزمة دستورية من خلال حجب موافقتك على أي قانون، على الرغم من أنك تخاطر بفقدان مكانتك من خلال القيام بذلك. هل تعتبر هذا تقليصًا أم زيادة في مقدار السلطة السياسية التي تمارسها بوصفك مواطنًا عاديًّا؟

إن من يجادلون بأن الملكية الدستورية ليست شكلًا مرفوضًا من الحكومة غالبًا ما يقولون بأن المجتمع الذي يضم «أفراد العائلة المالكة» ليس أسوأ من مجتمع يضم مشاهير أثرياء من أي نوع، ولكن ما يشير إليه هيتشنز هو وجود عدم توافق واضح. يمكنك أن تجادل بأن مستوى الارتباط العاطفي الذي يربط بعض الأشخاص العاديين بالممثلين ونجوم البوب على الرغم من أنهم لن يلتقوا بهم أبدًا هو ارتباط ضار، ويمكنك بالتأكيد أن تجادل بأنه يجب إعادة توزيع قدر كبير من ثروات هؤلاء الممثلين ونجوم البوب، لكن بيونسيه والملكة إليزابيث ببساطة لا يتمتعان بالقدر نفسه من السلطة.

في مقال نشرته مجلة ناشيونال ريفيو بعنوان: «دفاع أمريكي عن النظام الملكي الدستوري في بريطانيا»، انتقد جوزيف لوكونت من مؤسسة التراث «اليسار» و«اليسار الراديكالي» بسبب عدائه للنظام الملكي. وهو لا يقتبس من كلام هيتشنز ولا أي كاتب يساري حديث، بل المناهض الوحيد للملكية الذي يذكره بالاسم هو: ماكسيميليان روبسبير (الذي اضطلع بدور هام في إسقاط الملكية الفرنسية في عام 1792). ويستهجن الكاتب مقارنة تطلعات الثوريين الفرنسيين مع تاريخ النظام الملكي المجيد المزعوم.

تتمثل إستراتيجية لوكونت في منح الملوك البريطانيين الفضل في كل امتياز انتزعه منهم بشق الأنفس النبلاء المتمردون (الميثاق الأعظم الذي يطالب الملك بمنح الرعية حريات معينة، والقبول بألا تكون حريته مطلقة) أو القوى الشعبية (الاقتراع العمومي الذي يمنح حق التصويت لجميع المواطنين البالغين بغض النظر عن الثروة أو الجنس أو العرق أو غيرها من الفروق). يقول لوكونت: إن «النظام الملكي وافق على أنه لا يوجد زعيم سياسي فوق سيادة القانون». وهذا يشبه تقريبًا القول بأن جنرال موتورز وافقت على الاعتراف بعمال السيارات المتحدة، أو الكونفدرالية المتفق عليها في أبوماتوكس للانضمام إلى الولايات المتحدة.

يصل هذا التجميل الغريب إلى ذروته عندما يناقش لوكونت الحرب الأهلية الإنجليزية، قائلًا: عندما حاول الملك تشارلز الأول أن يحكم بدون برلمان، تسبب في أزمة دستورية. وعلى الرغم من وجود قضايا أخرى على الساحة، كانت الحرب الأهلية الإنجليزية (1642 – 1651) صراعًا وجوديًا بين الاستبداد السياسي والدستورية. في العقود التي تلت ذلك، أصبحت إنجلترا مركزًا لأهم النقاشات التي تدور في أي مكان حول حقوق الإنسان غير القابلة للتصرف: حرية التعبير، والصحافة، والحق في التجمع، والحق في عبادة الرب وفقًا لما يمليه الضمير.

يرى الكاتب أن لوكونتي ارتكب جريمة ضد التاريخ حين تجاهل حقيقة أن انتصار الدستورية، في تلك الحالة، يعني أن القوات البرلمانية قطعت رأس تشارلز وألغت النظام الملكي مؤقتًا. وأثناء مناقشة الثورة الأمريكية، يدعي لوكونت أن الأمريكيين خاضوا الحرب لاستعادة «حقوقنا» كإنجليز. إنه يتجنب الاقتباس من إعلان الاستقلال، الذي صيغ بالكامل باعتباره مشروع لائحة اتهام ضد «الملك الحالي لبريطانيا العظمى». كما أنه يغض الطرف عن الحجج الأساسية المناهضة لفكرة الملكية الوراثية في أحد أهم نصوص ذلك الصراع، وهو «الحس السليم» لـمؤلفه توماس باين. بدلًا من ذلك، يقول إنه عند تصميم الدستور، تأثر المؤسسون بالمنظر الفرنسي مونتسكيو الذي أشاد بالنموذج الإنجليزي للدستورية.

يكمل الكاتب طرحه قائلًا: غالبًا ما تدور الدفاعات الأكثر جدية عن النظام الملكي حول فكرة أن المؤسسة الملكية وفرت «الاستقرار والاستمرارية»، إلى جانب السماح للمؤسسات الديمقراطية بالتطور. على الرغم من ذلك، يقدم لنا كريستوفر هيتشنز تذكيرًا مزلزلًا بمدى ضآلة هذه الأفكار، مستشهدًا بالحرب الأهلية الإنجليزية وعهد إدوارد الثامن، الذي أُجبر على التنحي ليس بسبب تعاطفه مع النازية، ولكن لأنه أراد الزواج من ممثلة مطلقة.

لماذا يعتبر إلغاء النظام الملكي أمرًا هامًّا؟

قد يكون للنظام الملكي تاريخ موغل في القبح، ولكن في وقتنا الحاضر -حتى إذا توقفنا عن الادعاء بأن أفراد العائلة المالكة لا يمتلكون سلطة سياسية- يعد الدور الذي يضطلعون به دورًا رمزيًا في الغالب. ويستشهد الكاتب بما كتبه هيتشنز: «إنه تعريف تافه للحياة السياسية للأمة؛ لا يشمل الأمور العرفية والقبلية والطقوسية والتذكارية».

لتوضيح وجهة نظره، يسترجع المقال الخلافات التي نشبت الصيف الماضي حول إطاحة تماثيل قادة الكونفدرالية الأمريكية. ويضيف: قد يكون الإفراط في التركيز على القضايا الرمزية إلهاء لا طائل من ورائه، ولكن من الفاحش حقًا إجبار أحفاد العبيد على مواجهة تماثيل عملاقة تكرم الوحوش المؤيدة للعبودية مثل قائد جيش القوات الكونفدرالية في الحرب الأهلية الأمريكية، روبرت إدوارد لي. وإذا كانت العائلة الملكية تضطلع بدور رمزي فقط، يتساءل الكاتب عما يرمزون إليه، وما إذا كان هذا الرمز يستحق أن يتمسك به المجتمع الديمقراطي في القرن الحادي والعشرين.

يتابع الكاتب قائلًا: الشيء الوحيد الذي يرمزون إليه هو التاريخ الذي يحاول جوزيف لوكونت تجميله، وبعض صفحات هذا التاريخ حديثة جدًا. على سبيل المثال، منحت الملكة الحالية وسام الإمبراطورية البريطانية للجنود الذين نفذوا مذبحة الأحد الدامي في أيرلندا. وإذا كان التاريخ هو كل ما ترمز إليه الملكية، فإن هذا سيجعلها بالفعل نسخًا حية باهظة الثمن من التماثيل الكونفدرالية التي تستحق الإطاحة.

ينتقد الكاتب في ختام مقاله فكرة استحقاق أي إنسان لأن يكون له دور داخل مؤسسة الدولة لمجرد أنه ينتمي لسلالة بعينها، ويراها فكرة مسيئة للسبب نفسه الذي يجعلنا نعيش في عالم يولد بعض أفراده أثرياء والبعض الآخر فقراء. ويحث الدولة البريطانية على التوقف عن الاحتفاء بهذه الفكرة البغيضة، من أجل فتح صفحة جيدة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي