دراسة جديدة تؤكد.. قيلولة الظهيرة تُحسِّن الذاكرة والوعي

Napping in the afternoon can improve memory and alertness – here’s why
2021-04-12

نشر موقع «ذا كونفرزيشن» الأسترالي دراسة حديثة نشرت مطلع 2021 أجراها كلٌّ من جون أكسلسون، الأستاذ المشارك في مجال علم النفس بمعهد كارولينسكا، وتينا سونديلين، زميلة أبحاث في علم النفس بجامعة ستوكهولم، تناولا فيها فوائد حصول الإنسان على قيلولة الظهيرة وآثارها في الوظائف الإدراكية للعقل؛ إذ أثبتت الدراسات أنها تُحسِّن الذاكرة واليقظة والانتباه والقدرات المعرفيِّة.

أشارت الدراسة إلى أن بعض الأشخاص يؤكدون بشدة ضرورة الحصول على قيلولة الظهيرة، سواء كان ذلك لتعويض عدم حصولهم على قدر كافٍ من النوم أو لأنها تجعلهم يشعرون باليقظة لباقي اليوم. حتى إن بوريس جونسون، رئيس وزراء بريطانيا، يُفضل الحصول على غفوة قصيرة أثناء العمل (حسب زعم مصدر مجهول، وإن نفت سكرتيرته الصحفيَّة هذه المزاعم).

وكان وينستون تشرشل، وألبرت أينشتاين، وليوناردو دافنشي من المشاهير الذين كانت القيلولة تمثل شيئًا أساسيًّا بالنسبة لهم.

ولكن في حين أن الكثير منا قد لا يرون أننا عادة ما يكون لدينا الوقت الكافي للحصول على القيلولة خلال يومنا، فإن طبيعة العمل من المنزل، التي فرضتها علينا الجائحة، ربما أتاحت لنا الفرصة الآن لتجربة الحصول على القيلولة خلال اليوم.

القيلولة تجعل الإنسان أكثر راحةً ويقظةً

ولفتت الدراسة إلى أن حصول الإنسان على قيلولة في منتصف النهار تجعله يشعر بمزيد من الراحة واليقظة. وأظهرت بعض الدراسات أنها من الممكن أن تفيد وظائفنا المعرفيَّة أيضًا. ومع ذلك، عليك التفكير في المدة التي يجب أن تنامها في قيلولة منتصف النهار قبل التوجه إلى السرير.

وأثبتت بعض الدراسات أنك إذا أردت أن تكون متيقظًا بعد هذه الفترة (على سبيل المثال، إذا حصلت على المزيد من الدقائق الإضافية من النوم خلال وقت استراحة الغداء) وهي ما تُعرف بـ«الغفوة القصيرة» والتي يُنصح أن تتراوح مدتها بين 10-30 دقيقة، لأن حصول الأشخاص على غفوة أكثر من هذه المدة قد يتسبب في شعورهم بالنعاس والخمول، على الرغم من أنهم يستمرون في النوم لمدة أطول.

إلا أن شرب القهوة قبل الحصول على فترة القيلولة مباشرةً قد يساعدك على الاستيقاظ دون الشعور بالنعاس مما يعزز انتباهك أيضًا.

وباعتبار أن الغفوات القصيرة لها تأثير رائع في زيادة الطاقة لدى الإنسان، فإن الغفوات الطويلة تساعد أكثر على تجديد النشاط وتكون أكثر فائدةً للتعلم. على سبيل المثال، تعمل تلك الغفوات الطويلة على زيادة تنشيط الحُصيْن، أو ما يُعرف باسم قرن آمون، وهي منطقة في الدماغ مهمة للتعلم ودمج المعلومات من الذاكرة قصيرة المدى والذاكرة طويلة المدى.

ومن ثم، أثبتت الدراسة أن حصولك على قيلولة لمدة ساعة أو ساعتين في فترة الظهيرة تفيد مهاراتك الحركيَّة وقدرتك على تذكُّر الوقائع والأحداث.

حصول كبار السن على القيلولة يعزز قدراتهم المعرفيَّة

وقد ذكرت دراسة جديدة أُجريت في الصين أن حصول الأشخاص على فترات منتظمة من قيلولة الظهيرة تُحسِّن القدرة الإدراكيَّة لدى كبار السن تحسنًا ملحوظًا. وعند تحليل عادات القيلولة لدى 2200 شخص ممن تزيد أعمارهم على 70 عامًا، وإجراء مجموعة من الاختبارات التي تقيس قدراتهم المعرفيَّة، كالذاكرة والمهارات اللغويَّة؛ وجد الباحثون أن الأشخاص الذين يحصلون عادةً على القيلولة أقل عُرضة للإصابة بالاختلالات الإدراكيَّة من غيرهم. وكان هذا صحيحًا بغض النظر عن العُمر أو مستوى التعليم.

وأوضحت الدراسة أن طول فترة القيلولة يؤدي دورًا أيضًا في هذا الأمر؛ إذ أظهرت دراسة مماثلة أن من يحصلون على فترة قيلولة لمدة تتراوح بين 30 إلى 90 دقيقة عادة ما يتمتعون بقدرات إدراكيَّة أفضل مقارنةً بالأشخاص الذين يحصلون على فترة قيلولة أطول أو أقصر من ذلك أو حتى ممن لا يحصلون على فترة قيلولة مطلقًا.

كيف نستفيد من القيلولة؟

لم تتضح بعد كافة الأسباب التي تجعل الغفوات القصيرة مفيدة جدًّا لتحسين اليقظة والتركيز. من المحتمل أن تلك الغفوات تساعد الدماغ على التَّخلص من المُخلفات السامة الناتجة من النشاط العصبي للجسم أثناء الاستيقاظ وتجديد الخلايا العصبية، والتي من شأنها أن تحول دون نشاط الدماغ، فضلًا عن أنها تُجدد مخازن الطاقة في الدماغ. كما أن حصول الأشخاص على فترات قصيرة من القيلولة يعمل على تحسين الانتباه واليقظة لديهم من خلال تعافي بعض المناطق غير النشطة في الدماغ، ومن ثم منع حدوث حالة من عدم الاستقرار في الخلايا العصبية في الدماغ.

ومن ناحية أخرى أشارت الدراسة إلى أن فترات القيلولة الطويلة لها تأثير أكبر في استعادة صحة الدماغ والخلايا العصبية، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى توفر الوقت الكافي للاستغراق في مراحل النوم المتعددة، التي يدعم كل منها عمليات التعلم المختلفة.

فعلى سبيل المثال، يكون الدماغ يقظًا أثناء مرحلة حركة العين السريعة (المرحلة الوسطى من مراحل النوم التي تسبقها مرحلة النوم الخفيف وتليها مرحلة النوم العميق) مثلما يكون أثناء الاستيقاظ. وقد يكون هذا النشاط الموجود في مناطق الدماغ المختلفة، لا سيما تلك المناطق المهمة المسؤولة عن التعلم والذاكرة، هو السبب في أن نوم حركة العين السريعة تدعم كلًّا من الذاكرة طويلة المدى والذاكرة العاطفية.

وأثناء نوم حركة العين السريعة على وجه الخصوص، يقوي الدماغ دوائر الخلايا العصبية المُطورَّة حديثًا، والتي تعد مهمة لتحسين المهارات الحركيَّة. كما أن فترات النوم الأطول تقلل من الدوائر العصبية غير المُهمة، ويمكن أن يُحسِّن هذا التوازن مدى سرعة عمل الدماغ وفعاليته عمومًا.

المرونة الذهنية

وأوضحت الدراسة أن مرحلة النوم العميق – التي تستغرق معظم الوقت – تحتوي على موجات دماغية بطيئة ومغازل نوم (تظهر في مخطط كهربية الدماغ عند النوم)؛ وهي عبارة عن إشارات دورية تشبه اندفاعات تنطلق بين مناطق الدماغ المختلفة، والتي يُعتقد أنها تعيد تنشيط الذكريات وتعزيزها. كما تزيد موجات الدماغ البطيئة والمغازل من مرونة الدماغ؛ أي قدرة الدماغ على التعلم والتكيف مع التجارب الجديدة.

على الرغم من أن القيلولة لها العديد من الآثار الإيجابية قصيرة المدى، فإنه لا يُنصح بها للأشخاص الذين يعانون من الأرق. ونظرًا إلى أن القيلولة تقلل من الرغبة في النوم، فقد تجعله أكثر صعوبة عند الذهاب إلى الفراش في المساء. ويجب أيضًا تجنب القيلولة في المواقف التي تتطلب الأداء الأمثل المطلوب على الفور بعدها؛ إذ قد يستغرق الأمر بعض الوقت للاستيقاظ الكامل.

أظهرت أبحاث أخرى أن القيلولة المتكررة مرتبطة بارتفاع مؤشر كتلة الجسم وارتفاع ضغط الدم. وكانت القيلولة أكثر شيوعًا بين العاملين بنظام المناوبة والمتقاعدين والمدخنين، والأشخاص الذين لديهم جينات مرتبطة باضطرابات النوم أو السِمنة.

وما زلنا لا نعرف إلى الآن إلى أي مدى تكون القيلولة ضارة أو مفيدة لهذه الفئات، ولكن من الواضح أن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوم أو يحتاجون إلى قسط أوفر من النوم، هم مَن تكون القيلولة أكثر شيوعًا لديهم.

واختتمت الدراسة باقتراح أن تحصل على قسط من القيلولة بعد الغداء، إذا شعرت بتذبذب انتباهك في فترة الظهيرة أثناء العمل من المنزل؛ إذ إن للقيلولة القصيرة تأثيرًا جيدًا في تحسين اليقظة والانتباه. وإذا كان لديك وقت للحصول على قيلولة لفترة أطول، من الممكن أن يدعم ذلك ذاكرتك وقدرتك على التعلم.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي