في اليوم العالمي للمسرح: التراث الأندلسي و أبو الفنون في إسبانيا

متابعات الأمة برس
2021-04-02

ستون حوْلاً مرت على المبادرة التى تقدم بها المعهد الدولي للمسرح التابع لليونسكو عام 1961 لجعل السابع والعشرين من شهر مارس/آذار من كل عام يوماً عالمياً للمسرح. واحتفاءً بهذا اليوم شاركت مختلف مسارح العالم بهذه المناسبة بتنظيم العديد من الاحتفاليات، والتظاهرات الثقافية، وإقامة ندوات، ولقاءات حول المسرح وتاريخة ودوره التعليمي والريادي، والتثقيفي  والترفيهي في المجتمع، بتقديم عروض مسرحية في هذا اليوم ـ بدون جمهور نظراً لظروف الجائحة، التي ضربت العالم مؤخراً – تخليداً لأقدم وأعرق الوسائل الإبداعية التي عرفتها البشرية منذ العصور القديمة في التاريخ، ولهذا سمي (أبو الفنون) عن كل جدارة واستحقاق، والتذكير بكل ما له صلة بهذا الفن الجماهيري الضارب في القدم، حيث أصبح هذا اللقاء السنوي موعداً مشهوداً، وتقليداً متبعاً في مختلف أنحاء المعمورة.

كان الكاتب المسرحي الروسي المعروف أناتولي فاسيليف قد تساءل ذات مرة: “هل ما زلنا نحتاج للمسرح؟ ذلك هو السؤال الذي سئم من طرحه، على نفسه، وعلى الاَلااف من المُحترفين اليائسين في المسرح، والملايين من الناس العاديين. ولأي شيءٍ نحتاجه؟ في تلك السنين، عندما كان المشهد غير ذي أهمية بالمرة، مقارنة بميادين المدينة وأراضي الدولة، حيث المآسي الأصلية للحياة الحقيقية تتفاقم. وما هو المسرح بالنسبة لنا؟ هل هو شرفات مذهبة وردهات في قاعات مسرحية، وكراسي مخملية، وأجنحة فاخرة، وأصوات ممثلين رقيقة، أو على العكس شيء يبدو مغايراً مقصورات سوداء ملطخة بالوحل والدم، ونتوءات ضارة لأجساد عارية في داخلها. وماذا بمقدوره أن يحكي لنا؟ يستطيع المسرح أن يحكي لنا كل شيء، كيف هي الآلهة في الأعالي، وكيف يذوي المحبوسون في كهوف منسية تحت الثرى، وكيف للعواطف أن ترتقي بنا، وللعشق أن يحطمنا، وكيف يمكن لامرئٍ ألا يحتاج لإنسان طيب في عالمه، أو كيف يمكن للإحباط أن يسود، وكيف للناس أن يعيشوا في دعةٍ، بينما الصغار يهلكون في معسكرات اللجوء، وكيف لهم جميعاً أن يرجعوا عائدين إلى الصحراء، وكيف نُجبر يوماً بعد يوم على فراق أحبتنا.

بمقدور المسرح أن يحكي لنا كل شيء. هكذا كان المسرح دائماً، وسوف يبقى أبداً، طوال الخمسين أو السبعين سنة الماضية، إننا، إذا نظرنا إلى الفنون الجماهيرية كافة، فبمقدورنا أن ندرك على الفور أن المسرح وحده فقط هو الذي يخاطبنا بكلمة من الفم إلى الفم، وبنظرة من العين إلى العين، وبإشارة من اليد إلى اليد، وبايماءةٍ من الجسد إلى الجسد. المسرح ليس بحاجة إلى وسيط ليعمل بيننا نحن بني البشر، بل إنه يشكل الجهة الأكثر شفافية من الضوء، فهو لا ينتسب لا لجهة الجنوب ولا الشمال، ولا للشرق أو الغرب البتة، فهو روح النور الذي يشع من أركان الكون الأربعة كلها، وسرعان ما يتعرف عليه كل الناس، سواء أكانوا من أهل وده، أو ممن لا يقبلونه. إن المسرح يفتح أبوابه على مصاريْعها للدخول المجاني للجميع. ولتذهب إلى الجحيم كل الآلات الإلكترونية والحواسيب، عليكم الذهاب إلى المسرح، واحتلال الصفوف الأمامية، وكذلك الشرفات، وانصتوا للكلمات، وتأملوا المشاهد الحية، لا تفوتوا سانحة المشاركة فيه، ولكن، ثمة مسرح واحد لا يحتاجه الإنسان، وهو مسرح الألاعيب السياسية، مسرح الساسة، مسرح مشاغلهم غير النافعة. ما لا نحتاجه بالتأكيد هو مسرح الإرهاب اليومي، سواء كان بين الأفراد أو الجماعات. ما لا نحتاجه هو مسرح الجثث والدم في الشوارع والميادين، في العواصم والأقاليم، مسرح دجال لصدامات بين الديانات والفئات العِرقية”.

في بلد مانديلا

ويرى الكاتب المسرحي الجنوب – افريقي جون كاني، أن ذكرى اليوم العالمي للمسرح تجعله يشعر بألم عميق لأنه مثل باقي المواطنين السود في بلد مانديلا، عانى مضض التمييز العنصري البغيض، وهو يذكر بحرقة ممضة، وغصة مرة، كيف كان البيض يعاملون السكان الأصليين في بلاده، كما أنه يحكى لنا كيف ذهب لأول مرة في حياته لمشاهدة مسرحية “ماكبث” لشكسبير مع مدرسته ومعلمته، حيث كان ذلك اليوم يوما مشهوداً في حياته، إذ منذ ذلك التاريخ عرف جون كاني ماذا سيفعل في حياته، واختار طريقه فيها، وقال إن الذهاب بالأطفال الصغار والشباب إلى المسرح عادة حميدة ينبغي الحفاظ عليها، في مختلف أرجاء العالم. وقال: “إنه ولد في أرباض بورت إليزابيث، وكانت الحياة بالنسبة له في هذا الحي المهمش حياة بائسة حيث كانت حياتنا تنساب تحت سياط ذلك النظام القاسي الذي كان سائداً، والذي كان قائماً على الفوارق والتمييز العنصري، ومن كان منا ذا حظوة ذهب إلى المدرسة”.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي