ترمب وتويتر كلاهما يحتاج الآخر
2020-06-05
 بدر بن سعود
بدر بن سعود

وصول ترمب إلى البيت الأبيض، يؤكد سلامة التجربة الانتخابية في أميركا، ويعزز مكاسبها المستمرة منذ ما يقارب 232 سنة، فالرجل بلا تاريخ في العمل العام، وليست لديه تجربة سياسية تقبل القراءة، وهو في كل مناسبة يراهن على الشارع الأميركي أكثر من الطبقة السياسية، ومعظم من يتوجه إليهم بكلامه يمثلون الطبقة العاملة وما دون المتوسطة في أميركا، بينما يصنف باعتباره تاجرا ضخما يقترب في تكوينه الاجتماعي والاقتصادي إلى الحزب الجهموري، وإلى من ينتقدهم في واشنطن، وقد تسلّم الرئاسة الأميركية وخصومه من سياسيي الولايات المتحدة أكثر من أصدقائه، والإعلام تحامل ضده بدرجة كبيرة ومازال، باستثناء قناة (فوكس نيوز) اليمينية التي يفضلها ويمتدحها، وبشهادة الإعلام الأميركي نفسه فقد كذب ترمب 18 ألف كذبة في أربع سنوات، وليس تجاوزا أن يقال إنه لا يشبه من قريب أو بعيد 44 رئيساً سبقوه في حكم أميركا.

آخر ما حدث مع ترمب كان على منصة "تويتر" التي تمثل منبره الإعلامي الأهم والحصري، فمعظم قراراته وأفكاره وتوجهاته تنشر من خلالها، ومن ثم تنتقل إلى الإعلام وحوارات السياسيين في الداخل الأميركي وحول العالم، وقد ساهم ترمب في التسويق لتويتر بشكل يومي وعلى مستوى العالم، في حملته الرئاسية الأولى وبعد انتخابه وحتى اليوم، واستطاعت هذه المنصة عن طريقه تجاوز تراجعها وأزماتها المالية في عامي 2016 و2017، واستعادت عافيتها في العام 2018 بعد ارتفاع قيمة أسهمها بنسبة 25 في المئة، ولكنها عادت وتراجعت في الأيام الأخيرة من مايو 2020، والسبب وصفها لتغريدتين نشرهما ترمب بأنهما غير موثوقتين، وفيهما تكلم الرئيس الأميركي عن جدوى بطاقات الانتخاب الورقية المرسلة بالبريد العادي، وناقش احتمالية تزويرها في الانتخابات الرئاسية القادمة، وجاء رد ترمب على وصف تويتر بعد ساعات قليلة، وفي شكل أمر تنفيذي يرفع فيه الحماية عن منصات التواصل الاجتماعي، ويحملها المسؤولية القانونية عن المحتوى المنشور على مواقعها.

الرئيس الأميركي لا يمكنه بقرار شخصي، من وجهة النظر الدستورية، التغيير في قانون آداب الاتصالات، أو إجراء عملية تنظيم أو إغلاق لمنصات التواصل الاجتماعي، وهذا العمل يحتاج موافقة من الكونغرس أو لجنة الاتصالات الفيدرالية، وما يحاول ترمب فعله بأقل تقدير، هو استبعاد المادة رقم (230) من الدستور، وهذه المادة توفر حماية لشركات التواصل الاجتماعي، ولا تحملها مسؤولية المحتوى الذي ينشر بمعرفة مستخدميها، علاوة على أن موقفه بصفته رئيسا لأميركا قد يشجع المسؤولين الذين لديهم سلطات تنفيذية على القيام بما يريد نيابة عنه، وكل تحرك تشريعي باتجاه رفع الحصانة الممنوحة لشبكات التواصل سيؤدي بها إلى الإفلاس.

ترمب يدرك أهمية منصة "تويتر" التي يتابعه فيها أكثر من 80 مليون مستخدم، وقد جرب تأثيرها الفاعل في التواصل مع الأميركيين وصناعة قضايا الرأي العام، وفي تحديد ما يرغب في مناقشته وفرضه على الإعلام وأهل السياسة، وتوقف ترمب عن التغريد يعني أن تويتر ستتوقف عن التحليق وتنهار تماماً، وكلاهما يحتاج الآخر.

يبقى أن شبكات التواصل عليها ملاحظات كثيرة، وشعبية الرئيس الأميركي تأثرت بسبب أزمة كورونا وتداعياتها الاقتصادية، ومعظم ما يحدث يدخل في سياق ردات الفعل ومحاولة إحراج الخصوم، خصوصاً أن موضوع الخلاف يخص الانتخابات الأميركية التي أصبحت على الأبواب.

* نقلاً عن الرياض



مقالات أخرى للكاتب

لا توجد مقالات أخرى للكاتب





كاريكاتير

إستطلاعات الرأي