مغيّرون في التاريخ: سبعة ألقاب
2020-05-05
سمير عطا الله
سمير عطا الله

قال أحد الصحافيين في رسالة من بلغراد عام 1948 إن الماريشال تيتو في هذا الوقت يحتل سبعة مقاعد، ويحمل سبعة ألقاب: (1) ماريشال الجيش اليوغوسلافي وقائده الأعلى، (2) وزير الدفاع المسؤول عن الجيش والبحرية والسلاح الجوي والشرطة، (3) رئيس اللجنة للحزب الشيوعي اليوغوسلافي وعضو مجلس الرئاسة الأعلى، (4) رئيس اللجنة المركزية، (5) رئيس المكتب السياسي اليوغوسلافي الذي يدير شؤون الدولة، (6) رئيس جبهة الشعب، (7) رئيس الحكومة الاتحادية!

وكان تيتو يوقّع رسائله الرسمية تحت اسم «ج. بروز تيتو، ماريشال يوغوسلافيا». أما اللقب الذي كان يخاطب به فهو «الرفيق الماريشال». ويقال إنه اختار الاسم الحركي «تيتو» خلال العمل الحزبي بسبب إعجابه بالإمبراطور الروماني «تيتوس». وثمة قول آخر بأنه انتقاه تشبُّهاً بكاهن بلقاني قديم هو «القديس تيتوس». أما الحقيقة على الأرجح، فهي أنه أحب رنة الاسم فاتخذه لنفسه. لم يعرف أحد متى وأين وُلد تيتو على وجه الضبط، لكن الأكيد أن والده كان فلاحاً من كرواتيا، وأمه من سلوفينيا أو من أصل تشيكي. أما الرواية الرسمية فقالت إنه وُلد في زاغورجيا قرب زغرب في شهر مايو (أيار) 1892. بدأ جوزيب بروز حياته عاملاً في مصنع للصلب. وفي عام 1914 أُدخل جيش الإمبراطورية النمساوية – الهنغارية فأَسَرَه الروس في عام 1915، وأمضى بضع سنوات في روسيا كأسير إلى أن وقعت ثورة 1917 فأُطلِق وحارب في صفوف الشيوعيين، ولم يعد إلى يوغوسلافيا إلا في عام 1923، فاستأنف عمله في مصانع الصلب وصار رئيساً لنقابة عمال الغولاف، ثم اعتُقل وحوكم وسُجن لخمس سنوات، وأُفرج عنه في عام 1929. وقد اختفت أخباره حتى عام 1934. ويقال إنه خلال هذه الفترة كان في فيينا، وفي فرنسا، وفي إسبانيا. وفي عام 1937 أصبح الأمين العام للحزب الشيوعي اليوغوسلافي المحظور. ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية، تولى قيادة المقاومة ضد الاحتلال الألماني، ووضع النازيون جائزة مائة ألف مارك ذهبي لاعتقاله. لكن تيتو كان شبحاً لا يُرى، إلى درجة قيل إنه كان هناك أكثر من تيتو واحد.
سوف يدخل تيتو التاريخ على أنه الرجل الذي ضمن وحدة يوغوسلافيا التي ما لبثت أن انهارت بعد وفاته. وسوف يدخل التاريخ على أنه الأوروبي الوحيد في قيادة حركة عدم الانحياز. وسوف يدخل التاريخ على أنه الشيوعي الذي أحب حياة الرأسماليين وعاش مثل أوناسيس بين جزيرته الخاصة ويخته الكبير. وسوف يدخل التاريخ على أنه الرجل الذي طبّق النظام الشيوعي في بلغراد وأقام أوثق العلاقات مع واشنطن. وسوف يدخل التاريخ أخيراً على أنه أول زعيم شيوعي أعلن الانفصال عن ستالين. وظل حياً.
إلى اللقاء...

 

* عن الشرق الاوسط



مقالات أخرى للكاتب

  • شيخ المستعربين
  • ما بعد غزة كما ما بعد السويس
  • سلام دون انتصار





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي