
163 يوما مرت منذ المرة الأخيرة التي تفضل فيها رئيس وزراء إسرائيل بالحديث مع وسائل الإعلام الإسرائيلية. بنيامين نتنياهو فعل هذا أول أمس، كالعادة عنده، بسبب مصالح خاصة ضيقة: حسم حكم محكمة العدل العليا الذي قضى بأن إقالة رئيس الشباك رونين بار تمت بخلاف القانون؛ التسونامي السياسي الذي في إطاره تتنكر الولايات المتحدة وأوروبا وتفك ارتباطها عن إسرائيل، بسبب سياستها في قطاع غزة؛ العاصفة التي أثارتها الأقوال الشجاعة ليئير غولان عن السياسة إياها، وبالتأكيد تحقيق “قطر غيت” ومحاكمة ملفات الآلاف التي رغم تقدمها البطيء فشلت جهود موضع التحقيق والاتهام في كبحها.
كما فهم نتنياهو أن سنوات الإعلام الحر ترفض مواصلة بعث بياناته المسجلة، ومحاولته خلق قناة التفافية، من خلال أشرطة مسجلة يومية يتحدث فيها مع مستشاره توباز لوك، باءت بفشل ذريع، وبالتالي عاد لأن يحتل الشاشات من خلال خطاب دعاية بالبث الحي والمباشر، يجيب فيه عن بضعة أسئلة. أما النتيجة فكانت مسرحية رعب.
أساس الاهتمام العام يتركز منذ المؤتمر الصحافي على هروبه من مسؤوليته عن تمويل حماس، وإلقاء المسؤولية الحصرية عن الإخفاق على الجيش والشاباك، وتصريحاته غريبة الأطوار والمنقطعة عن الواقع عن طبيعة المعركة، التي بموجبها إسرائيل هزمت أمام مخربين بشباشب، سيارات تندر وكلاشينكوفات. غير أنه لما لم يعد هناك خلاف حقيقي عن أن نتنياهو يهندس الماضي والحاضر لأغراضه الشخصية، فجدير ومرغوب فيه التركيز بالذات على المستقبل القريب الذي ينعكس من أقواله. على سؤال هل الانتخابات ستجري في موعدها، في حالة استمرار الحرب؟ اختار نتنياهو ألا يجيب. عن السؤال الذي عني بالحاجة لتشكيل لجنة تحقيق رسمية أجاب، “نحن في وسط حرب، فهل تريدون الآن انتخابات أو لجنة تحقيق؟ ان يتسلح كل الجنود والقادة بالمحامين وليس بالقنابل؟”.
سواء صمته بالنسبة لسؤال إجراء انتخابات، أم رده بالنسبة للجنة التحقيق الرسمية، يبعثان تخوفا شديدا من أن أهداف الحرب لا ترتبط بالرغبة في هزيمة حماس بل يدور الحديث عن أهداف محلية أكثر بكثير: الامتناع عن تقديم الحساب على دوره في إخفاق 7 أكتوبر، بل ربما محاولته عدم إجراء الانتخابات في موعدها تحت ذريعة الحرب، التي لا تنتهي وفرضها على إسرائيل. وكأنه لأجل التأكد من أن الحرب بالفعل لم تنته، اشترط نتنياهو لانتهائها بتحقيق جريمة الحرب التي تسمى “خطة ترامب”: أي ترحيل جماعي للسكان الفلسطينيين في غزة. جيد وقوف نتنياهو في مؤتمر صحافي وإجابته عن أسئلة.. هكذا فقط كان يمكن أخذ الانطباع بلا وسائط عن حجم الخطر وعن الحاجة الملحة لإزاحة هذا الرجل الخطير عن منصبه.
أسرة التحرير
هآرتس 23/5/2025