
قرار الكابينت توسيع الحملة في غزة فيه ثقوب أكثر مما في الجبنة. الأسئلة الأساسية فيه بقيت بلا جواب، وعلى رأسها مسألة المخطوفين ومستقبل القطاع.
سوق هذا القرار أمس باسم “مصدر أمني رفيع المستوى”. ليس واضحاً لماذا تختبئ الحكومة من خلف هذا اللقب ولا تتوجه إلى الجمهور علناً. بعد 19 شهراً في الحرب تستحق إسرائيل المطالبة الآن بتجنيد مقدراتها القومية وتحصل على أجوبة بشأن شؤون تشغل بالها، وتعمل الحكومة في بعضها بخلاف أغلبية الجمهور.
كما أسلفنا، الموضوع المركزي هو المخطوفون. الكابينت يبقي مساحة زمنية لتحقيق “منحى ويتكوف” لنبضة تحرير أخرى حماس في هذه اللحظة تعارضها. غير أن حماس حتى لو وافقت، سيبقى المخطوفون في غزة، ولا يوضح الكابينت كيف ينوي إعادتهم. قوله إن الحملة ستستمر حتى تحرير كل المخطوفين ليس سوى كلمات فارغة؛ لأن القوة العسكرية لا تحرر مخطوفين، بل تعرضهم للخطر.
وثمة موضوع ثانٍ لا جواب له: المساعدات الإنسانية. تتضمن الخطة توزيع المساعدات من قبل شركات مدنية، في عمل يحرسه الجيش الإسرائيلي. خطوة لم تنضج بعد، ونجاحها موضع شك. ستحاول حماس تخريبها مرتين: بإصابة الجنود وإصابة الموزعين على حد سواء – ما من شأنه إلزام الجيش بأخذ المهمة على عاتقه، بخلاف رأيه.
وهناك موضوع ثالث، وهو مستقبل القطاع. من يسمع نقيق الإوزة ويرى سيرها لا يخطئ: هذه إوزة، لا يسميها الكابنت باسمها – حكم عسكري. قرار احتلال الأراضي، والهدم، ونفي السكان، والتحكم والبقاء في غزة إلى الأبد، معناه تجديد الحكم الإسرائيلي في غزة. حتى دون التطرق لمسألة إقامة مستوطنات من جديد، والكلفة الهائلة لمثل هذه السيطرة (بالمال، وبالقوة البشرية، وبالمقدرات الأخرى) فمشكوك أن وزراء الكابينت الذين رفعوا أيديهم “بالإجماع” كما تباهى البيان، أنهم فهموا ما يقررونه.
ويمكن المواصلة: ليس واضحاً مثلاً كيف يمكن العمل بحرية في القطاع والمخطوفون هناك، وليس واضحاً أيضاً أي قوة بشرية ستنفذ هذه المهمة (التي تتطلب بضع فرق) بينما الجيش النظامي منهك ويظهر الاحتياط صدوعاً خطيرة. الكابينت لا يجيب على ذلك، بل يترك للجيش الإسرائيلي التصدي للمشكلة وحده. هذه المهمة أكثر تعقيداً من الماضي؛ لأنها موضع خلاف من ناحية جماهيرية، خصوصاً عندما يكون معناها الفوري التخلي عن المخطوفين واحتلال القطاع بهدف البقاء فيه.
الجنود الذين تتطلبهم المهمة – والمهام الموازية في الشمال وفي الضفة، سوف يسألون عن من يتحمل مسؤولية إرسالهم إلى المعركة فيما الكابنت يفعل ذلك مرة أخرى بقوله إنه ليس في نيته السماح بتكرار 7 أكتوبر الذي وقع في أثناء ورديته. هذا سؤال جوهري (هو الآخر بقي بلا جواب) ليس فقط باسم الحاجة للتحقيق والتعلم واستخلاص الدروس مما حصل، بل لأن الفهم بأن ليس للحكومة نية لتحمل المسؤولية عن نتائج قراراتها يخلق فراغاً مقصوداً.
هذا الفراغ، الذي يخلقه نتنياهو ووزير الدفاع كاتس، يترك الساحة شاغرة تماماً لوزير المالية سموتريتش، الذي يخيل أن الحكومة تعمل في هذه اللحظة بشكله وفي صورته. أمس، أجرى مقابلات صحافية تحت كل شجرة، ولم يخفِ آراءه. مهما كانت دوافعه، سواء محاولة يائسة لإنقاذ مقاعد ضائعة بهدف الاقتراب من نسبة الحسم، أم أيديولوجية صرفة، يجدر الاستماع له. سموتريتش يقول الحقيقة كما هي، دون تجميل أو رتوش: إسرائيل فضلت الحرب على المخطوفين، واختارت العيش داخل غزة، واختارت بقاءها السياسي.
ويا لمدى رمزية حدوث هذا كله حين يرتفع أجر الوزراء والنواب بالتوازي مع صراع يائس للمعلمين والمربيات على شروط بالحد الأدنى! ويا لرمزية هذا اليوم، الذي يحيي فيه رون أراد يوم ميلاده!
يوآف ليمور
إسرائيل اليوم 6/5/2025