مواقف شجاعة في تاريخ الأمة لاينبغي ان تُنسى حتى ولو اختلفنا مع أصحابها
2025-02-19
عبدالناصر مجلي
عبدالناصر مجلي

 

سقط حسن نصر الله رحمه الله على طريق القدس ، وقد كان بإمكانه أن يفر الى ايران بعد أن أرسل الخامنئي طائرة خاصة له، لكنه رفض الهرب للنجاة برأسه ، وبقي في الميدان ، ليس كسني أو كشيعي ، بل كفارس عربي شجاع مؤمن بعدالة القضية التي يقاتل من أجلها ، وكان قد قال كلمته الشهيره قبل استشهاده، بأن معركة القدس هي المعركة التي لاغبار عليها، كما لو كان يهيئ نفسه لكل الاحتمالات ومنها بالطبع اغتياله.
كان يمكنه أن يفر لكنه بقي في الميدان ، حتى ارتقى مجللا بالغار والمجد والشهادة، ولو كان سقط في اليمن أو العراق أو سوريا أو حتى في لبنان في صراع داخلي، لما التفتنا اليه أبدا، لأن الأمة كانت على خلاف كبير معه في كثير من القضايا كان ينبغي ان لايحدث أصلا ، لكنها لم تختلف معه أبدا على نصرته لغزة.
كذلك الحال كان بإمكان الحوثي أن يلزم الصمت لكنه رفض، وشارك في قصف اسرائيل عشرات المرات في اسناده لغزة وأهلها، وتم عرض صفقات كثيرة عليه للتوقف عن القصف، لكنه رفض وبقي مع غزة حى اللحظة الأخيرة ، وهو موقف شجاع مهما كانت نوايا الحوثي ومقاصده ، لكننا نشهد على مارأينا بأنه لم يقف مع أطفال غزة سوى اليمن ولبنان ، نصرالله والحوثي أحدهما استشهد والثاني ينتظر، ودفع لبنان ثمنا باهظا لنصرته لغزة ولموقفه الشجاع.
شخصيا لا أتفق مع حزب الله أو مع الحوثيين أو حتى مع حماس في كثير من الأمور ، وبل وضد وجود جماعات مسلحة خارج نطاق الدولة، مهما كانت أعذارها ومبرراتها ، ذلك لأن معركة الأمة واحدة ويجب أن تقوم بها بشكل جماعي ، وليس أحادي حتى نفوت الفرصة على أعداء أمتنا من الاستفراد بنا واحدا تلو الاخر، لكننا في نفس الوقت لايمكن أن نتغاضى، عن المواقف الشجاعة لهذا الشخص أو ذاك لمجرد الاختلاف معه في قضية ما، وصدق الله العظيم القائل في محكم كتابه الكريم :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ .صدق الله العظيم (المائدة :8).
إن الانصاف أمر ضروري لأنه فعل تاريخي شديد الأهمية لجهة ارشفة الأحداث، وإرسالها الى المستقبل لتعلم الأجيال القادمة ، بأن أجدادهم قاوموا الظلم والطغيان ، وضحوا بالغالي والرخيص من أجل الشرف والعزة والعرض والأرض والحقوق والكرامة والدين.
ولذلك نقول في هذا المقام ، وفي هذه اللحظة العصيبة من تاريخ أمتنا لحزب الله ، آن لكم أن تكونوا جزء من الدولة وشركاء في بناء لبنان ومن أجل لبنان ومستقبل شعب لبنان الآمن والمستقر.
وللحوثي نقول أيضا آن لكم أن تعودوا الى شعبكم ووطنكم وقومكم ، وأن تجنحوا الى السلام وتقبلوا به كخيار أخلاقي وديني ووطني وإنساني وسياسي، ولنتشارك جميعا في اغلاق صفحة الحرب الملعونة والدموية، ونفتح صفحة جديدة ناصعة من صفحات اليمن الجمهوري العظيم ، الذي يقبل بنا جميعا دون إقصاء أو إلغاء أو استفراد بالحكم.
ولحماس نذكرهم بالقول أنه قد حان بعد تأخير طويل ، أن تتحد قواكم أيها الفلسطينيون الشجعان والأحرار، في إطار كيان واحد ، ودولة واحدة تجمعكم جميعا ، بمختلف فصائلكم وأحزابكم ، حتى لاتتكرر المآسي في شعبكم، وحتى لاتعطوا عدوكم فرصو للفتك بكم والقضاء عليكم.
وعليه فهذا تاريخ أمتنا ولايجب أن نخاف من ذكره ، أو نتبرأ من شجعانها وفرسانها حتى ولو اختلفنا معهم في هذا الزمن المخيف ، فلولا الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين العربية ، لما قامت حروب بين العرب والصهاينة ، فقد عاش اليهود العرب مع أشقائهم المسلمين ،مئات السنين في وئام وسلام حتى تم الاحتلال وتم قيام اسرائيل.
نقول هذا الرأي بعد أن بانت المطامع في غزة والتي كنا قد حذرنا منها منذ البداية ، وهاهم العرب يواجهون أزمية حقيقية تهربوا منها كثيرا ، وهي تفريغ غزة من أهلها بعد تدميرها وإن تم هذا ، فستصيب اللعنة هذه الأمة مرتين ، المرة الأولى وهي تشاهد أطفال غزة تتخطفهم طائرات وصواريخ البغي والارهاب الاسرائيلي، دون اتخاذ مواقف حقيقية رادعة لوقف العدوان ، والثانية وهي تشاهد من تبقى من أهل غزة وهم يساقون الى المنافى قسرا وجبرا.
لكنني أقول بأن ذلك لن يتم فقد تعلم العرب الدرس الأليم جيدا، ولن يتكرر حتى ولو أدى ذلك الى اشتعال حرب كبرى في المنطقة، ونقول للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ، وللملك عبد الله الثاني ملك الاردن ، وللأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس الوزراء السعودي ، وللشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر ، والى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة ، والى كل الزعماء العرب ، أمتكم كلها معكم ومن ورائكم ، في رفضكم الشجاع لتهجير أهل غزة ، فاصمدوا ولاتتنازلوا عن ذرة رمل واحدة ، فالله ثم أمتكم وشرفاء العالم معكم، ولستم وحدكم ولن تكونوا فاثبتوا ثبتكم الله وقواكم ونصركم فأنتم أهل لهذا الثبات.
والى الرئيس الامريكي الشجاع دونالد ترامب ، نقول نحن يافخامة الرئيس معك في صنع السلام ، وأنت قادر بعون الله على صنعه لانك فارس يكره الحروب ، وننتظر منك كما وعدتنا أن توقف الحروب المشتعلة في العالم ، وأنا شخصيا أثق بك وبقدرتك على صنع المستحيل ، وعلى تفهم المبادرة العربية القادمة بشأن غزة ، وعلى السعي لجعل حل الدولتين ممكنا ليعم السلام فلسطين كلها، بين الشعببين الفلسطيني والاسرائيلي والمنطقة بعد طول معاناة . فتقدم يافخامة الرئيس وفقك الله ، لصناعة التاريخ ولجعل السلام حقيقة واقعة في هذا العالم، الذي ينتظر منك الكثير لتخرجه من دوامة الحروب ،
والفتن والألام والمآسي التي تعصف به عصفا كارثيا ومفجعا.
أما أنتم أيها العرب فنعيد التذكير بأن قدسكم في خطر والتاريخ يراقبكم ماذا أنتم فاعلون
، فإن ضاع من بين أيديكم فلا خير فيكم أبدا.
نعم للسلام العادل والحقيقي
لا للحرب ولا للعدوان .

 

 

*من صفحة الكاتب على فيسبوك

 



مقالات أخرى للكاتب

  • الى الحوثي بادر اليوم قبل أن يُبادر اليك غدا
  • الحوثي.. الجمهوري رغم أنفه
  • ارفع شعار 26 سبتمبر فوق الهامات ليعلم القريب والبعيد بأن اليمن الجمهوري لم يمت







  • شخصية العام

    كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي