لماذا تحاول حماس إظهار سيطرة عسكرية ومدنية شمالي القطاع؟  
2024-02-05
كتابات عبرية
كتابات عبرية

 

تتزايد في الأيام الأخيرة تقارير حول استئناف المعارك في مدينة غزة وشمالي القطاع، ما يدل على أن حماس وفصائل أخرى قد استأنفت قدرة على التحرك في هذه المناطق وإدارة عمليات إطلاق نار أمام قوات الجيش الإسرائيلي التي ما زالت تنتشر في المنطقة، وإلحاق خسائر وأضرار بها. حسب أقوال السكان في القطاع، فإن تبادل إطلاق النار ومحاولة المس بالآليات المدرعة تجري كحرب عصابات تماماً – معارك شوارع بدون خطة منظمة ظاهرة للعيان. “أشخاص بملابس مدنية ومسلحون بصواريخ آر.بي.جي يطلقونها نحو أي هدف عسكري متحرك في المنطقة ويستخدمون الأنفاق والفتحات”، قال للصحيفة أحد سكان غزة الذي ما زال يقيم في المدينة في أحد مراكز الإيواء. “هؤلاء الأشخاص ليسوا بحاجة إلى تعليمات من غرفة قيادة، ولا ينتظرون إمداداً لوجستياً. نظرية القتال هي ضرب كل ما هو إسرائيلي ويتحرك في الفضاء”.

في وقت يتحدث فيه الجميع عن إطار لوقف إطلاق النار، ثمة شعور بأن حماس تحاول زيادة المعارك في مدينة غزة وشمالي القطاع، وهي مناطق تدعي إسرائيل بأنها حققت السيطرة عليها، في محاولة لبث القدرة التنظيمية والعملياتية التي تم الحفاظ عليها حتى بعد أربعة أشهر من القتال، ولتخفف الضغط على جنوب القطاع بقدر الإمكان.

رغم محاولة إثبات السيطرة من خلال القتال، ثمة سؤال يطرحه سكان القطاع، النازحون والمهجرون: ما مدى سيطرة حماس على المجال المدني والإداري، وإلى أي درجة تم خلق فراغ كامل في الحكم في القطاع؟ مؤخراً، اهتمت حماس بنشر أفلام يظهر فيها رجالها وهم يعتقلون مشبوهين بالسطو والنهب للبيوت التي بقيت فارغة في شمال القطاع.

هدف حماس هو عرض صورة، حتى لو جزئية، بأن لديها قدرة على مواصلة السيطرة، بما في ذلك حضور الشرطة لمرافقة نشاطات الإغاثة والنشاطات الإنسانية الخاضعة لها.

حسب موظف في جهاز حماس للإغاثة المدنية، فإن قدرة المنظمة تضررت بشكل كبير، لكن هذا لا يعني أن دورها انتهى. “نحاول التنظيم حتى في الظروف الصعبة، على الأرض رجال شرطة ورجال أمن داخلي، لكن ليس بشكل بارز ومكشوف. أي شخص من حماس يعتبر هدفاً لإسرائيل، بما في ذلك سيارات الشرطة أو الأشخاص الذين يرتدون الزي الأزرق. لذا، فإن الحضور مدني بالأساس”، قال الموظف. “لا توجد مهمات شرطية مهمة الآن في القطاع، ومعظم السكان يظهرون المسؤولية بحيث لا يمكن التحدث عن ظواهر واسعة للسطو والسرقة من البيوت المتروكة. الأساس الآن هو توفير الطعام واحتياجات أساسية للسكان وتشغيل الأجهزة والبنى التحتية المدنية التي تهتم بتوزيع هذه الأمور بشكل عادل بقدر الإمكان”.

ويوضح سكان القطاع بأن وجود الشرطة يتغير من مكان إلى آخر، لأن الهدف الرئيسي هو الرقابة على رفع الأسعار ومنع عمليات سرقة المساعدات الداخلة إلى القطاع. من يسرقون المعدات ليسوا المحتاجين والجائعين. “الخوف من الزعران وتجار الحرب الذين يسرقون من أجل البيع، الأمر الذي نحاربه”، قال شخص في الجهاز المدني.

إن الاعتقال الذي تم توثيقه ونشره هدف إلى نقل رسالة بأن رجال حماس يحافظون على النظام على الأرض، رغم أن ظاهرة السرقة لم تبدأ في الأسابيع الأخيرة، بل منذ بداية الحرب. نشرت إسرائيل صوراً لرجال حماس، لكن هناك أشخاصاً هاجموا رجال الأمن ورجال الشرطة كما يبدو. “رغم محاولات إظهار السيطرة، فإننا بعيدون عن ذلك. الأمر الأبرز إعلامياً هو السرقة من البيوت أو من شاحنات المساعدات. ولكن هل فكر أحد بقضية الرقابة على الأسعار أو توزيع المساعدات أو كمية الوقود التي يتمكن التجار من تهريبها وبيعها في القطاع؟”، قال ناشط حقوقي يعيش في جنوب القطاع. وحسب قوله، فإن المهمة الأساسية الآن كبح جماح التهريب ورفع الأسعار ومنع الانهيار الكامل لمنظومة المساعدات.

إلى جانب ذلك، يقول أهالي القطاع إن السيطرة الأمنية والمدنية تتغير من مكان إلى آخر؛ ففي رفح ودير البلح ما زال فيهما حضور أمني ومدني بينما الأمر مختلف في الأماكن الأخرى، بل محدود ومرتبط بحجم المعارك والقتال. ولكن محاولة حماس إظهار الحضور الشرطي ولو رمزياً، في مدينة غزة وعدة أماكن في الشمال، بما في ذلك جباليا، هو بالأساس دعاية موجهة للساحة الفلسطينية والعربية. تصمم حماس أن تظهر بأنها تملك قدرة على الإدارة، ولتثبت بأن لها حضوراً في كامل القطاع، حتى في شماله، رغم تصريحات إسرائيل عن انهيار حماس وبعد أربعة أشهر من الحرب.

جاكي خوري

هآرتس 5/2/2024



مقالات أخرى للكاتب

  • ما سبب "الهلع" الذي يتملك نتنياهو وإسرائيل بانتظار "لاهاي"؟
  • كيف تبدو رفح شركاً استراتيجياً لإسرائيل؟
  • هل سيكون اجتياح رفح سبباً في نشوب حرب بين حزب الله وإسرائيل؟  






  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي