هل كانت إيران وراء رفع جنوب إفريقيا دعواها ضد إسرائيل في "لاهاي"؟  
2024-01-25
كتابات عبرية
كتابات عبرية

 

ستنشر محكمة العدل الدولية قراراً بشأن الأمر الاحترازي عقب دعوى جنوب إفريقيا بارتكاب إسرائيل إبادة جماعية. فما لجنوب إفريقيا وإسرائيل؟ ولماذا جنوب إفريقيا بالذات؟ وبالفعل، مثل أمور كثيرة ترتبط بحكم مهزوز في جنوب إفريقيا، ربما يدور الحديث هنا عن رشوة سياسية.

منذ سنين وإيران تطلق أذرعاً طويلة في الشرق الأوسط، والهدف المعلن هو محو إسرائيل من الخريطة. وهي موجودة الآن، أو تسيطر جزئياً، على لبنان، واليمن، وسوريا، والعراق. حتى وقت أخير مضى، كانت تسيطر جزئياً على قطاع غزة أيضاً، وتحاول توسيع قبضتها في مناطق الضفة. ولا يدور الحديث فقط عن سيطرة عسكرية. لقد طورت إيران علاقات وثيقة مع بعض من دول جنوب أمريكا، وعلى رأسها فنزويلا. والهدف المشاركة في حرب دعائية ضد إسرائيل، سواء في مؤسسات دولية أم في إعلام دولي. فهل كانت دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، بارتكاب إبادة جماعية، بدفع إيراني، بل وبدفع رشوة لها من إيران؟

بالفعل، إن الحزب الحاكم في إفريقيا، ANC، عانى في السنوات الأخيرة مصاعب اقتصادية. بعد الانتخابات المحلية في 2021، لم ينجح في دفع رواتب للعمال المحليين أو ضرائب وتعويضات للعمال الدائمين. وفي الأشهر الأخيرة، وصل الحزب إلى حافة الإفلاس، عقب دفع قرابة 6 ملايين دولار لأحدى الشركات التي عملت له، ورفعت ضده دعوى إفلاس. والمعنى السياسي دراماتيكي؛ كان من الصعب على الحزب التنافس في الانتخابات العامة في جنوب إفريقيا؛ “سقوط الـ ANC”، كما جاء قبل شهرين في عنوان تصدر “الفايننشال تايمز”. وفجأة حدثت انعطافة في الحبكة؛ وبدا كل شيء على ما يرام، أصبح التوقيت مشوقاً. حصل هذا قبل أسبوع، بالضبط أسبوع، بعد أن عرضت جنوب إفريقيا ادعاءاتها ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية. إن بذل جنوب إفريقيا بالذات، الدولة الواهنة، جهوداً عظيمة وميزانية غير بسيطة أيضاً، مع وفد واسع المشاركين، لرفع الدعوى، بات أمراً يثير التساؤلات. هل يوجد ارتباط بين الدعوى الدولية ضد إسرائيل وإلغاء الدعوى ضد الـ ANC في محكمة جنوب إفريقيا؟ تشتبه صحف استقصائية محلية بوجود ارتباط. فلا يدور الحديث فقط عن 6 ملايين دولار، بل عن مبلغ 60 مليون دولار، يتيح لـ ANC التنافس في الانتخابات للبقاء في الحكم. وفجأة، يعلن الحزب بوجود عجز مالي وأن لا مجال للقلق. لديه أموال نقدية كافية لميزانية انتخابات أيضاً.

أتكون إيران هي التي بادرت إلى دعوى الإبادة الجماعية من خلال تمويل سخي للحزب الحاكم في جنوب إفريقيا؟ فالادعاءات بالإبادة الجماعية ليست جديدة. التحالف المناهض للصهيونية والإسلاموية يطلق هذا الادعاء منذ سنوات عديدة. في سياق هجمة حماس في 7 أكتوبر، كان الزعيم الأول الذي عني بالموضوع هو علي خامنئي الزعيم الأعلى لإيران، الذي أعلن في 17 أكتوبر بأنه “من الواجب أخذ النظام الصهيوني إلى المحكمة بسبب ارتكابه إبادة جماعية”.

مرت خمسة أيام، وفي 22 أكتوبر انضمت جنوب إفريقيا إلى الاحتفال، وفي إطار زيارة إلى طهران، أعلنت وزيرة خارجيتها نيلدي بردور، بأن “إسرائيل ترتكب إبادة جماعية”. مر شهران، فجمع المحامون والباحثون المواد والاقتباسات، ورفعت الدعوى. إيران تأمر، وجنوب إفريقيا تطيع. وانطلقت الدعوى على الدرب.

لا نملك مسدساً مدخناً، قالت لي محافل في جنوب إفريقيا، لكن الحقيقة العلنية هي أن الحزب الحاكم عندنا يرفض الكشف عن مصدر التمويل الذي حوله من الإفلاس إلى حزب يقف على قدميه مرة أخرى.

يدور الحديث أيضاً عن مصالح اقتصادية عالمية. فالسناتور الجمهوري جيم ريش، يهدد بإخراج جنوب إفريقيا من AGOA، اتفاق التجارة الحرة بين الولايات المتحدة ودول في إفريقيا، على خلفية دعم حكم بريتوريا لحماس وإيران. أما جنوب إفريقيا، من جهتها، فتعمل بنشاط كي تدخل إيران إلى اتفاق BRICS، الذي يسمح بتجارة حرة بين دول عديدة في العالم الثالث، وبذلك تنقذ إيران من العقوبات. ليس واضحاً ماذا سيكون قرار “لاهاي”، لكن لا خلاف على أمر: جنوب إفريقيا أصبحت، في سياق الصراع الدولي ضد إسرائيل، ذراع إيران. وإذا كان قرار ما ضد إسرائيل، فسيكون نجاح إيران مزدوجاً.

لقد بادر العالم الحر إلى مواثيق دولية مهمة، مثل ميثاق الإبادة الجماعية، وأقيمت مؤسسات مهمة مثل المحكمتين الدوليتين في لاهاي. وإذا كانت النتيجة فوز إيران في الدعوى التي تتهم فيها إسرائيل بإبادة جماعية -وهي الدولة التي تهدد بارتكاب إبادة جماعية بحق إسرائيل وتدعم جهات تعلن إبادة يهود كهدف أعلى- فإن العالم الحر بات إذن في حالة انتحار. لقد انقلب السحر على الساحر. لا تقولوا لم نعرف. لكن الارتباط الإيراني – الجنوب إفريقي، الذي أدى إلى رفع الدعوى، دليل آخر.

بن – درور يميني

يديعوت أحرونوت 25/1/2024



مقالات أخرى للكاتب

  • هل تؤتي ثقافة المافيا التي اتبعتها إدارة ترامب ثمارها في الشرق الأوسط؟
  • إسرائيل بـ"عرباتها" تخفق في تحقيق أهداف الحرب: غزة.. إلى متى؟
  • باحثاً عن مخرج.. هل تنكسر عصي نتنياهو في دواليب ترامب وخطته؟







  • شخصية العام

    كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي