يقتل الأبرياء وينكل بالسائقين في الضفة وينسحب من غزة: ما هذا الجيش؟  
2024-01-21
كتابات عبرية
كتابات عبرية

 

الإسرائيليون يحبون جيشهم، بدون قيود وشروط، حب أعمى. اليسار الصهيوني يحب الجيش الإسرائيلي أكثر من اليمين. وكان يمكن توقع موجة غامرة من المقت والغضب والرغبة في معاقبة الجيش الذي تخلى عنا في 7 تشرين الأول. حياة عشرات آلاف الإسرائيليين والفلسطينيين كان سيتم إنقاذ آلاف الفلسطينيين لو كان هناك جيش في 7 تشرين الأول. وعندها لما وجد قتلى ومخطوفون أو حرب.

كان يمكن أيضاً توقع أن اليمين، الذي يخدم الجيش أهدافه أكثر مما يخدم أهداف اليسار – احتلال وتدمير الشعب الفلسطيني – سيحب الجيش أكثر من اليسار. لكن هذا لا يحدث. اليسار مع الجيش دائماً، واليمين أيضاً ولكن بدرجة أقل. لم يتغير شيء إزاء نظرة التقديس بعد 7 تشرين الأول.

هذه أيام حرب، ويسهل فيها فهم حب الشعب لجنوده. هذا هو زمن الطرود للجنود والتسهيلات وقصص البطولة والحداد. لا شيء أكثر إنسانية من ذلك. الآن، في الوقت نفسه، يمكن التساؤل كيف بعد الهزيمة الشديدة في 7 تشرين الأول، بقيت الثقة والتقدير، ولا نقول عبادة الجيش، على حالهما بعد أن تحمل قادته المسؤولية، والإعجاب الذي كان عشية الحرب استمر وكأن شيئاً لم يحدث.

واضح أن المستوى السياسي، برئاسة نتنياهو، هو المتهم الأساسي، لكن الجيش هو الذي انكشف بكامل عورته، مع ذلك، لم يلتصق به عار 7 تشرين الأول. بعد كل الميزانيات الضخمة والموارد التي يحصل عليها والتقدير والأهمية، لم تكن هناك أي معلومات استخبارية قبل 7 تشرين الأول، ولم يكن هناك جيش في يوم المذبحة. الجيش الإسرائيلي تبخر وتلاشى واختفى، وإسرائيل غفرت. قادة الجيش والقادة السابقون هم أبطال الساعة.

لماذا نحن متسامحون معه بهذا القدر؟ تاريخ إسرائيل مرصوف بالعسكرة. بعد حرب يوم الغفران، انتهى عهد عبادة الشخصية لقادة الجيش، لكن لم ينته حب الجيش. إذ يتم عرضه كجيش الشعب، لكنه لم يكن كذلك يوماً ما. الجيش الإسرائيلي جيش نصف الشعب في أفضل الحالات. وبعد خصم العرب والحريديم والمرضى ورافضي الخدمة والمتهربين من الخدمة، يمكن تسميته جيش الشعب.

هو يمثل عدداً من المرضى المزمنين في إسرائيل، وهو أيضاً المسؤول عنهم. مع ذلك، يسجدون له. وإذا كان لإسرائيل اسم سيئ، وهو لها، فذلك بسبب الجيش. وإذا أصبحت إسرائيل دولة منبوذة فهذا بسببه بدرجة كبيرة. هو يشهر بها كما يفعل الآن بواسطة القتل والتدمير بدون التمييز الذي يزرعه في غزة، ثم نغفر. وكجيش يتمثل جوهره الأساسي بالاحتلال، فإنه يعرض الجانب المظلم لإسرائيل؛ فهو يتنمر ويهين ويقتل بشكل عشوائي. لم يعد لدينا ما هو أكثر قيمية من جيش الدفاع الإسرائيلي.

حتى الإخفاقات الصارخة لم تحطم صورته. وسائل الإعلام تتمرغ تحت أقدامه، مثلما لا تستخذي أمام أي جهة أخرى. لا توجد مجموعة مراسلين بعيدة جداً عن أي قيمة لوسائل الإعلام مثل مجموعة المراسلين العسكريين. لا توجد وسائل إعلام مستخذية جداً مثل التي يظهرها معظمهم. كل جندي بطل، كل قائد مثير للإعجاب. في أيام الحرب، يتم تضخيم هذه الصفات بشكل طبيعي، الجيش يحارب للدفاع عنا، وجنوده يضحون بحياتهم بشجاعة من أجل حماية الدولة. ولكن الجيش أحياناً يعرض الأمن للخطر أيضاً، كما يفعل الآن في الضفة الغربية؛ حيث يشعل الانتفاضة القادمة. وأعضاء جهاز الصحة الذين يحافظون على سلامتنا بإخلاص لانهائي (في الواقع دون تعريض حياتهم للخطر) لا يتم تقديرهم كما يجب.

لقد حان الوقت كي نسأل ما هذا الجيش الذي نحبه كثيراً؟ الجنود الذين رأيتهم في الأسبوع الماضي وهم ينكلون بالسائقين على الحواجز؟ الوحدات التي اختفت في 7 تشرين الأول؟ هذا هو الوقت الذي يجب علينا التعامل فيه مع الجيش كتنظيم ورط إسرائيل في الحرب الأكثر فظاعة في تاريخها، ويجب ألا ننسى له ذلك.

 

 جدعون ليفي

هآرتس 21/1/2024

 



مقالات أخرى للكاتب

  • موافقة حماس على الصفقة.. فخ لنتنياهو وإسفين بين واشنطن وتل أبيب  
  • "قَتلنا وجَوّعنا وطردنا ودمرنا"… ألا يستحق نتنياهو و"دفاعه وأركانه" المثول أمامك يا "لاهاي"؟  
  • ما سبب "الهلع" الذي يتملك نتنياهو وإسرائيل بانتظار "لاهاي"؟






  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي