هل تتحول أزمة إسرائيل الأمنية إلى سياسية واقتصادية؟  
2024-01-01
كتابات عبرية
كتابات عبرية

 

عرض الجيش الإسرائيلي على الجمهور في نهاية الأسبوع الماضي عدداً من الإنجازات الأخيرة في الحرب ضد حماس في قطاع غزة. تم تدمير منشآت متشعبة للأنفاق الكبيرة، التي تصفها إسرائيل بأنها أنفاق استراتيجية في شمال القطاع. في الوقت نفسه، يستمر القتال في معقل حماس الأخير في الشمال، الذي لم يتم فيه حتى الآن تحقيق أي سيطرة عملياتية- حي الدرج والتفاح في شرق مدينة غزة. الهجوم الذي تقوم به هناك الفرقة 162 يتوقع أن يستمر لبضعة أيام أخرى.

وتدور معارك في وسط القطاع أيضاً. هناك هجوم محدود على مخيمات اللاجئين (الفرقة 99)، في الجنوب (الفرقة 36 بحجم مقلص). ولكن جهد الجيش الإسرائيلي الرئيسي ما زال منصباً على خانيونس. هناك الفرقة 98 المعززة وهي تقوم بعملية واسعة للعثور على فتحات الأنفاق والسلاح. الهدف الرئيسي هناك هو المس بقيادة حماس، التي يختبئ بعض كبار قادتها كما يبدو في الأنفاق الموجودة في المنطقة، إضافة إلى محاولات العثور على المخطوفين.

كدرس من قضية قتل ثلاثة من المخطوفين نجحوا في الهرب من أسر حماس، على يد الجيش الإسرائيلي في حي الشجاعية، تم تشكيل غرف عمليات في قيادات الفرق المشاركة في الهجوم تخضع لمنسق شؤون الأسرى والمخطوفين، الجنرال احتياط نيتسان ألون. الهدف هو زيادة نجاعة نقل المعلومات إلى القوات التي تعمل في الميدان وبالعكس، إلى القيادات، في محاولة لمنع تكرار كارثة مشابهة التي جزء منها كان ينبع من حساسية هذه القضية.

إسرائيل تقريباً لا تعمل في منطقة رفح، حيث يعيش حوالي مليون فلسطيني، معظمهم هجّروا من بيوتهم ويعيشون على مساحة صغيرة جداً. هناك تغيير واضح يتم الشعور به من حيث إطلاق الصواريخ؛ فحجم الإطلاق على غلاف غزة انخفض إلى عدد قليل من الصواريخ في اليوم، فيما يتم إطلاق صلية أو اثنتين في الأسبوع على مركز البلاد.

يدير الجيش كل هذه العمليات استعداداً للانتقال للمرحلة القادمة في الخطة ضد حماس. المرحلة الثالثة للحرب قد تشمل تقليص جزء من القوات المكتظة العاملة في القطاع، وتسريح وحدات في الاحتياط، والتركيز على مناطق معينة ما زالت حماس فيها قوية نسبياً، بالأساس على صيغة الاقتحامات اللوائية.

موعد المرحلة الثالثة

لا يمكن القول إن هناك إجماعاً حول هذا الأمر. ولكن سواء في أوساط الجنرالات في هيئة الأركان أو في أوساط بعض أعضاء الكابنت السياسي، يتضح إدراك بأن صيغة العملية الحالية في القطاع تقترب من استنفاد نفسها. وهذا يتعلق بالاعتبارات السياسية (العلاقات مع الولايات المتحدة) والعبء الواقع على جنود الاحتياط. مع بدء السنة الدراسية، يخلق حساسية أخرى؛ فمن يسبق من في التسريح؟ الطلاب الشباب الذين قد يخسرون السنة الدراسية أو أرباب العائلات وأصحاب المصالح التجارية الذين شاهدوا بصعوبة بيوتهم منذ ثلاثة أشهر؟

المرحلة الثالثة لا تشير إلى نهاية الحرب في قطاع غزة. الأهداف العلنية للمعركة ضد حماس وتفكيك هذه المنظمة من قدرتها العسكرية والنظامية، إلى جانب إعادة المخطوفين، لم يتم تحقيقها بعد. مع ذلك، هناك توافق في المواقف على وجود حاجة لاستخدام القوة العسكرية لفترة طويلة إلى جانب الاحتفاظ بقوات كبيرة نسبياً للدفاع عن الحدود مع غزة ولبنان.

بعد فترة طويلة من الجمود في المفاوضات حول إطلاق سراح الـ 129 مخطوفاً الباقين، الذين أكثر من 20 منهم موتى، حسب معطيات الجيش الإسرائيلي، فقد نشرت مؤخراً عدة تقارير عن دلائل على التقدم، على خلفية مبادرات جديدة للوساطة من قبل قطر ومصر. وقد استغرق رئيس حماس في القطاع يحيى السنوار، 12 يوماً من أجل الرد بالرفض على هذه الاقتراحات.

حتى الآن هناك من يلاحظون وجود شرخ ما في رفض حماس إجراء مفاوضات ما لم يتوقف إطلاق النار وتسحب إسرائيل قواتها من القطاع. الرئيس الأمريكي، جو بايدن، دفع قدماً بالمفاوضات خلال عطلة عيد الميلاد. التزام بايدن العاطفي بموضوع المخطوفين كبر. والحكومة الإسرائيلية في المقابل لم تضع على الطاولة أي اقتراح جوهري جديد منذ فترة طويلة.

أشار البنتاغون بشكل مهذب إلى اختلافات في المواقف بين الولايات المتحدة وإسرائيل، حتى في البيان الإجمالي للمحادثة الهاتفية بين وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن ونظيره يوآف غالنت. وناقش الاثنان الإعداد لمرحلة الاستقرار في القطاع بعد انتهاء القتال الأساسي. وقد أكد أوستن أهمية حماية المدنيين في غزة والحاجة إلى تسريع إدخال المساعدات الإنسانية.

في نهاية الأسبوع، تجاوز وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الطريق المسدود لدى الكونغرس، فصادق على بيع إسرائيل قذائف مدفعية وذخيرة بمبلغ 150 مليون دولار تقريباً. يدرك بلينكن، الذي سيصل في هذا الأسبوع إلى إسرائيل، الحاجة العملياتية للجيش الإسرائيلي، ويعمل على زيادة الاحتياط لديه على خلفية النقص العالمي في القذائف الذي يتأثر أيضاً بسبب الحرب في أوكرانيا. ولكن اليد التي تحرر هذا الخنق يمكنها مستقبلاً أيضاً إبطاء التيار، وتدرك إسرائيل هذا الأمر جيداً.

يبدو أن لحظة الحقيقة لرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في إدارة الحرب تقترب. كلما حاول تأجيلها، يتعين عليه اتخاذ قرارات مؤلمة خلال الشهر القادم، بعضها مرتبط ببعض، حول طبيعة الحرب في القطاع فيما بعد وبخصوص صفقة المخطوفين القادمة، إذا حدثت. وهو في الحالتين يخشى من التصادم مع معارضة شديدة من قبل اليمين في الائتلاف.

في مساء الخميس، منع نتنياهو في اللحظة الأخيرة نقاشاً في مجلس الحرب حول ترتيبات اليوم التالي، إزاء ضغط الوزيرين بن غفير وسموتريتش، اللذين ليسا أعضاء في مجلس الحرب على الإطلاق. وحسب تقرير براك ربيد في “واللاه”، فإن الرئيس الأمريكي أجرى محادثة هاتفية قاسية مع نتنياهو، وطلب منه تحرير أموال الضرائب الفلسطينية التي جمدتها إسرائيل للسلطة في الضفة.

كلما مر الوقت يبرز الاستنتاج أكثر. سيكون من الصعب ترجمة الجهد الكبير والجدير بالتقدير للجيش الإسرائيلي و”الشاباك” في العملية البرية في القطاع إلى تغيير استراتيجي؛ لأن حكومة نتنياهو تضع العراقيل أمامهم. رئيس الحكومة نفسه هو العائق أمام هذا التغيير. فمصلحة الدولة لم تعد نصب عينيه، بل إنقاذ نفسه سياسياً وقانونياً. الأزمة الأمنية الشديدة قد تتحول في القريب إلى أزمة سياسية واقتصادية غير مسبوقة. ونتنياهو الذي يظهر بأنه غير مؤهل لإدارة الأزمة المركبة ومتعددة الوجوه، يمسك بالدولة بقبضة خانقة في محاولة لإنقاذ نفسه.

عاموس هرئيل

هآرتس31/12/2023



مقالات أخرى للكاتب

  • هل سيكون حزيران المقبل شهر استقالات قادة الأجهزة الأمنية؟  
  • هكذا نقل نتنياهو اليهود من "الوصايا العشر" إلى ضربات قصمت ظهر الدولة   
  • هل حققت إسرائيل هدفها بضربها راداراً للدفاع الجوي في أصفهان؟  





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي