إسرائيل و"الدبلوماسية البحرية".. وسيلة لتعزيز اتفاقات إبراهيم والتحالف أمام إيران
2023-05-23
كتابات عبرية
كتابات عبرية

تتعاظم أهمية المجال البحري في العقود الأخيرة لعدة أسباب. ويزداد دور دول المجال البحري في التجارة العالمية وكذا سياستها. وفعلياً، اقتصاد العالم “يسافر في البحر”، وقد ارتفع عامل “الاقتصاد الأزرق” بسبب ضائقة الأراضي على اليابسة وتطورات تكنولوجية تسمح بإنتاج الغذاء وإنتاج الطاقة ونقل بنى تحتية حيوية إلى جزر صناعية. نتيجة الحاجة إلى بنى تحتية إعلامية سريعة، فثمة استخدام متزايد لبنى إعلامية تحت البحر أيضاً.

في الوقت نفسه، تعدّ المجالات البحرية وحرية الملاحة فيها ساحات لتحديات أمنية. إيران وامتداداتها هي التي تهدد حرية الملاحة في المجالات البحرية – في البحر الأحمر وبحر العرب والخليج الفارسي. في الوقت الحالي، تتسع نشاطاتها لتشمل البحر المتوسط أيضاً. هذه التحديات تشمل ضرب السفن أو ضرب منشآت بنى تحتية بحرية بواسطة السفن أو الطائرات المسيرة واستخدام الألغام البحرية وإطلاق صواريخ أرض – بحر على أشكالها ضد أهداف بحرية، إضافة إلى سيطرة القوات الإيرانية على السفن التي تنقل مواد الطاقة في الخليج الفارسي، كوسيلة ضغط على دول وشركات.

مشروع القانون الذي قدمه الكونغرس الأمريكي يطالب بوضع استراتيجية بحرية تشمل تحالفاً من أجل الرد على الإرهاب البحري في الشرق الأوسط. يتعلق هذا الاقتراح بالحاجة إلى إقامة تحالف إقليمي في الشرق الأوسط تستطيع الدول في إطاره مواصلة العمل على تحقيق المصالح الأمريكية – حتى عندما ينتقل الاهتمام الأمريكي إلى مناطق أخرى في العالم، بالأساس الشرق الأقصى.

يتوقع أن يكون لإسرائيل دور مهم في تحقيق هذه الاستراتيجية. إن اتفاقات إبراهيم إلى جانب نقل التعاون العسكري الأمريكي – الإسرائيلي من القيادة الأوروبية إلى قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الأمريكي، تسمح لإسرائيل بأن تصبح لاعبة رئيسية في تشكيل التحالف البحري برئاسة الأسطول الخامس الذي تستقر قيادته في البحرين. قائد الأسطول الخامس، العميد كوفر، قاد في السنتين الأخيرتين عملية تستهدف تعزيز تحالفات بين الدول التي تحت مسؤوليته، إلى جانب تعزيز بناء القوة في مجال “المسيرات البحرية” كرد على التهديد المتزايد لحرية الملاحة في هذا الفضاء. إسرائيل نفسها تبذل جهوداً كبيرة لتعزيز العلاقات والتعاون مع الأسطول الخامس ودول المنطقة.

الأسطول الإسرائيلي وجهات سياسية أخرى في إسرائيل، التي تشكل جميعها “لاعبة” في الفضاء البحري، هي لاعب رئيسي في تشكيل تحالف مهم فيه المجال البحري وهو ما يرسخ مثل هذا التحالف، بسبب خصوصية هذا الفضاء وطبيعة نشاطات الأساطيل الحربية. دمج إسرائيل في هذا التحالف سيكون فيه نوع من تطبيق دبلوماسية بحرية.

يدور الحديث عن نشاطات بحرية متنوعة في زمن السلام وتأثيرها على سلوك دولة أخرى. الأسطول الحربي يمكنه الإبحار بحرية في البحر المفتوح والمشاركة في نشاطات إنسانية ونشاطات مساعدة في البحث والإنقاذ ونشاطات أخرى من خلال التعاون مع أساطيل أخرى في المنطقة والقيام بنشاطات عملياتية في المياه الدولية والمشاركة مع أساطيل أخرى وتفعيل عمليات جوية وبرية من البحر.

اللغة المشتركة بين رجال البحرية في الأساطيل المختلفة لها خصائص معينة تمكن من تطوير خطاب بحري بين رجال بحرية من قوميات مختلفة رغم غياب علاقات دبلوماسية رسمية بين دولهم؛ هذا لأن تأمين الملاحة وطبيعة المهمات في البحر تتغلب على العقبات الدبلوماسية القائمة. المنظّر البريطاني كين بوث، أشار إلى سبع خصائص للأسطول الحربي، التي تنعكس في إدارة الدبلوماسية البحرية: تعدد الأهداف، والقدرة على السيطرة، والحركة، والقدرة على إظهار القوة، والقدرة على الوصول، والرمزية والقدرة على البقاء لفترة طويلة في الفضاء، كل ذلك له صلة بدور إسرائيل المحتمل في تحالف بحري إقليمي.

دبلوماسية بحرية مشتركة وإقامة تحالفات خطوة كفيلة بتنقل رسالة وحدة بين الشركاء في التحالف مع تعزيز الالتزامات السياسية. الأفضلية أنه يمكن بناء تعاون بدون الوصول إلى أراضي دولة ذات سيادة، بل في المياه الإقليمية. هكذا تتعزز الثقة بين جميع الشركاء. يعمل في البحر الأحمر منذ بضع سنوات تحالف يشمل بعض الدول العربية التي تعمل على منع المس بحرية الملاحة هناك، بالأساس من قبل الحوثيين في اليمن. ربما يكون للأسطول الإسرائيلي والأذرع الأخرى في الجيش الإسرائيلي دور مهم في بناء صورة بحرية، من خلال جمع المعلومات وبناء صورة بحرية وجوية في فضاء جميع القوات العاملة، بما في ذلك الفضاء المدني والقوات العسكرية أو شبه العسكرية، التي تعمل فوق وتحت سطح البحر في الفضاءات القريبة والبعيدة. بهذا يمكن أن تساعد إسرائيل في الإحباط والتشويش على وتحييد تهديدات ضد أهداف في البحر أو من البحر. إضافة إلى ذلك، تستطيع إسرائيل استخدام الفرض وعمليات إجبار بحرية، ونشاطات بحرية تستهدف إجبار العدو على فعل شيء ما خلافاً لرغبته أو إيقاف نشاطات يقوم بها بواسطة القوات البحرية. تم إثبات هذه القدرات على يد الأسطول الإسرائيلي في السنوات الأخيرة. وسيضاف إليها عمليات الردع البحرية التي تهدف إلى ردع العدو عن تنفيذ عمليات في المجال البحري وبشكل عام.

إضافة إلى ذلك، يملك الأسطول الإسرائيلي تنوعاً واسعاً من السفن والقدرات والوحدات، التي يمكنها العمل في تنوع واسع لفرق العمل، بدءاً من المهمات الإنسانية والمرافقة وحماية حرية الملاحة في مناطق تحت التهديد، ومروراً بمهمة بناء صورة أو جمع معلومات، وانتهاء بإحباط عمليات إرهابية في البحر وتهريب السلاح. استخدام القوات البحرية يمكن أن يكون مكشوفاً أو شبه مكشوف بالتعاون بين الأساطيل في البحر المتوسط والبحر الأحمر وأماكن أخرى. كل ذلك له صلة كبيرة بالطبع بمواجهة التهديد من قبل إيران وامتداداتها.

دولة إسرائيل، مع التأكيد على الجيش بشكل عام وسلاح البحرية بشكل خاص، يمكن أن تكون شريكة مهمة في هذا التحالف البحري، سواء بسبب قدرتها في مجال الاستخبارات أو استخدام القوات فوق سطح المياه أو تحتها أو تجربتها الأخيرة في العمل في المجال البحري. الصناعات الأمنية في إسرائيل في مقدمة التكنولوجيا في مواضيع بحرية كثيرة ومتنوعة والتي يمكن أن تساهم بشكل كبير في هذا التحالف البحري. المشاركة في هذا التحالف ستوفر الفرصة لمواصلة تطوير هذه القدرات.

على إسرائيل استغلال علاقاتها مع الولايات المتحدة ودول المنطقة في سياق الرد على التهديدات المختلفة على حرية الملاحة، لا سيما في الفضاءات البحرية القريبة من دول البحر الأحمر وبحر العرب والخليج الفارسي. مشروع القانون الأمريكي ربما يكون الأساس لتطوير الانشغال بالمجال البحري بشكل عام وبالدبلوماسية البحرية بشكل خاص كأداة مهمة لمواجهة التحديات التي تضعها إيران وامتداداتها.

 

 يوفال ايالون

نظرة عليا 22/5/2023



مقالات أخرى للكاتب

  • هل كان "منع الفيتو الأمريكي" متفقاً عليه مع تل أبيب؟  
  • الأمن الإسرائيلي متوجساً من "لاهاي": ما مصير علاقاتنا مع الولايات المتحدة؟  
  • “الجزيرة” تنشر “فيلم رعب”.. والمتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي: كانوا في ساحة شهدت قتالاً من قبل!





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي