هل "الهدوء المؤقت" هو ما يضعف استراتيجية إسرائيل أمام العالم إزاء غزة؟
2023-05-10
كتابات عبرية
كتابات عبرية

الهدف الإسرائيلي البعيد إزاء قطاع غزة هو تجريد هذه المنطقة أمنياً لتكون خاضعة لحكم جهة شرعية تعترف بإسرائيل ولا تمارس العنف ضدها. في النقطة الزمنية الحالية، هذا الهدف غير واقعي وغير قابل للتحقق.

ما دام قطاع غزة تحت سيطرة حماس – عدو واضح لإسرائيل، ويبذل كل ما في وسعه ضدها – فإن أمام القيادة السياسية في إسرائيل بديلين لمواجهة تحديات الأمن في هذه الساحة. كلاهما غير جذابين:

الأول، احتلال القطاع وتغيير الحكم بحملة عسكرية واسعة وعميقة، أثمانها المباشرة وغير المباشرة عالية، وجدواها غير واضحة، مع غياب جهة أخرى تمسك بدفة الحكم.

أما البديل الآخر فيسمى “مفهوم الجولات”؛ أي حفظ الهدوء والردع الذي يتحقق في جولات قتالية، في ظل الجهود لتقليص مدة كل “جولة” ومسافة واسعة قدر الإمكان بين الجولات. وذلك في ظل الاستخدام في الحياة اليومية لروافع ضغط وحوافز تزيد ثمن الخسارة وتجعل الهجمات على إسرائيل غير مجدية. هذا هو النهج الذي تتميز به السياسة الإسرائيلية، ومن غير المتوقع أن يتغير عقب المواجهة الحالية أيضاً.

هدوء مؤقت وهش

إن ضعف هذه الاستراتيجية ينبع من أن الهدوء الذي تعرضه للعالم سيكون مؤقتاً وهشاً، وسيصمد حتى اللحظة التي يشعر فيها الخصم بأنه من الجدي له أن يخرقه، سواء من أجل تحسين وضعه أم بهدف منع تآكل مكانته.

لدفع الخصم إلى لجم دوافعه، على إسرائيل أن ترفع الثمن الذي تجبيه في كل جولة، وتثقل في الحياة اليومية على سياقات تعاظم قوته. بهذه الطريقة تكون كفيلة بأن تؤثر على العنصرين اللذين يؤثران على قراره: الرغبة القدرة.

من ناحية إسرائيل، ضربة البدء في حملة “درع ورمح” حققت هدفها الأساس: تعزيز الردع وجباية ثمن من “الجهاد الإسلامي” على استفزازه لإسرائيل، في ضربة الصواريخ التي أطلقها عقب موت خضر عدنان.

إسرائيل مطالبة بتركيز جهودها الآن على هدفين: الأول منع أي إنجاز عن الخصم من شأنه أن يغير الميزان، والثاني استغلال الفرصة لتعميق ضرب محافل الإرهاب في غزة.

ضرب القيادات والذخائر

إلى جانب تشديد الجهد الدفاعي لمنع “المفاجآت” والإصابات بالأرواح، على إسرائيل أن تضرب بقوة مزيداً من القيادات وذخائر الجهاد الإسلامي. إذا ما ظهرت مؤشرات تدل على نية حماس الانضمام إلى القتال، فسيكون من الصواب المبادرة إلى ضرب قياداتها أيضاً، وإدخال أبراج الإرهاب إلى قائمة أهداف الهجوم الأولى. ولتقليص مدة القتال، نقترح أن تعمل إسرائيل بقوة منذ البداية. إدارة المعركة في عملية متدرجة ستؤدي إلى امتدادها لفترة أطول من المرغوب.

ولما كانت ساحة المعركة هي الجنوب، فعلى الجيش الإسرائيلي أن يستعد لإمكانية محاولة حماس الرد من الشمال كي تخلق جبهة أخرى لإسرائيل في محاولة لتوريطها مع “حزب الله” أيضاً.

وثمة ساحة أخرى تحتاج إلى يقظة ورد مصمم، وهي “الساحة الداخلية”: على شرطة إسرائيل و”الشاباك” أن يبديا يقظة ويردا بشكل سريع ومصمم على الإرهاب والأحداث القومية العنيفة داخل إسرائيل، بتأثير المواجهة في غزة، على خلفية التحريض قبيل يوم “النكبة”، ومع الفرق – يوم القدس – اللذين سيحلان الأسبوع المقبل.

على إسرائيل أن تتطلع إلى إنهاء الحملة الحالية فيما يكون الإحساس في “الجهاد الإسلامي” هو إحساس الخسارة الواضحة وانعدام الجدوى. نتيجة كهذه ستبث رسالة واضحة للخصوم الآخرين أيضاً وتساعد في إبعاد الجولة التالية أيضاً.

مئير بن شباط

إسرائيل اليوم 10/5/2023



مقالات أخرى للكاتب

  • هكذا نقل نتنياهو اليهود من "الوصايا العشر" إلى ضربات قصمت ظهر الدولة   
  • هل حققت إسرائيل هدفها بضربها راداراً للدفاع الجوي في أصفهان؟  
  • إسرائيل بعد ضربتها لأصفهان.. هز مقصود للسفينة الإقليمية أم لعب بالنار؟  





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي