هكذا تشتد عنصرية غانتس ضد "المشتركة" والأقلية العربية
2020-02-18
كتابات عبرية
كتابات عبرية

في نهاية الأسبوع، أوضح بني غانتس أن حكومته المستقبلية لن تعتمد بأي شكل من الأشكال على الدعم الخارجي؛ أي من القائمة المشتركة. وسواء دار الحديث عن تكتيك استهدف الحفاظ على وحدة “أزرق أبيض” ومنع تسرب الأصوات لليمين، أو بإيمان كامل، فإن موقف غانتس مخطئ من أساسه، مرفوض من ناحية أخلاقية، ويمكن أن يتحول إلى بكاء للأجيال من ناحية صهيونية.

نائب رئيس الموساد السابق، رام بن براك، من المعتدلين في “أزرق أبيض”، قال مؤخراً إن القائمة المشتركة تتم شرعنتها فقط إذا وافقت على أن إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي. لا تكفي يمين ولاء أعضاء الكنيست. حزب يمثل نحو 80 في المئة من مواطني إسرائيل العرب يجب عليه الاعتراف بأن النضال القومي لشعبه ومعاناة الآباء والأجداد، ومعاناة جميع الشعب الفلسطيني، كل ذلك كان عبثاً وأن دولتهم تعود لشعب آخر.

هذا اختراع مسجل على اسم بنيامين نتنياهو، الذي أضاف طلباً مشابهاً للعملية السياسية لإحباط أي احتمال للتسوية. ونقل هذا الطلب إلى مجال السياسة الداخلية أكثر خطراً؛ لأنه يشوبه ما يظهر للوهلة الأولى عنصرية. كثيرون من رؤساء الأحزاب الأصولية لا يعتبرون إسرائيل الحديثة دولة القومية للشعب اليهودي، وحتى أنهم يعتبرون الصهيونية مثابة تجديف. ولكن “أزرق أبيض” يسير خلفهم.

رؤساء “أزرق أبيض” يقسمون بالإخلاص لإسرائيل على اعتبارها دولة يهودية وديمقراطية. ورغم ذلك، يتطلعون إلى شراكة مع أحزاب مناهضة للديمقراطية، تقوم بإقصاء النساء وتحتقر حقوق الإنسان وتتنكر للمساواة وتسعى إلى دولة شريعة و/أو تؤيد ضم مناطق، وتفرض على الفلسطينيين العيش إلى الأبد كمواطنين من الدرجة الثانية. في أحزاب “الوسط” أيضاً يتبين أن الدم يسبق الديمقراطية.

موقف اليمين معروف: يتشكل من كراهية العرب بحد ذاتها، والتعامل مع المجتمع العربي كطابور خامس والرغبة في استغلاله من أجل إذكاء الكراهية في القاعدة وإحراج خصومهم. عمير بيرتس في سعيه وراء الصوت العربي واستعداده للتعاون مع القائمة المشتركة يعبر عن موقف معاكس وجدير، فهو يعرف أن مكانة العرب، كأقلية تحولهم إلى شريك طبيعي لكل من الديمقراطية والمساواة، عزيزة عليه، حتى لو لم يتبنّ الرواية الصهيونية.

في ظهوره في برنامج “السبت الثقافي” في باقة الغربية، قارن بيرتس بين “الإخلاص المزدوج” للفلسطينيين وإخلاص يهود الولايات المتحدة لإسرائيل. تخيلوا الضجة التي كانت ستندلع لو أن دمج اليهود في الولايات المتحدة أو في إحدى الدول الأوروبية كان مشروطاً بالتنكر لإسرائيل. معظم الجمهور الإسرائيلي بالتأكيد يعتقد أن هذه المقارنة مدحوضة. لأن الأمر يتعلق باليهود وليس بالعرب.

منذ إقامة الدولة ثمة دعوة للمواطنين العرب من أجل الاندماج في المجتمع الإسرائيلي والنضال من أجل حقوقهم وليس من أجل حقوق أبناء شعبهم الذين هم خلف الخط الأخضر. مع مرور 71 سنة تم استيعاب الرسالة: أشركونا؛ صرخ زعماء المجتمع العربي، هم وممثلوهم في القائمة المشتركة. وماذا كان رد ممثلي الأغلبية اليهودية، بمن فيهم من يسمون أنفسهم معتدلين وعقلانيين؟ ابحثوا عنا في الحملة.

موقف غانتس يعني أن التعاون مع القائمة المشتركة خطير على إسرائيل أكثر من استمرار حملة هدم نتنياهو لسلطة القانون والديمقراطية. التاريخ سيسجل بأن الجمهور اليهودي رفض اليد الممدودة للمجتمع العربي، الأمر الذي لن يمنع إدانتهم ووصفهم كمن يغرسون سكيناً في الظهر عند ترجمة خيبة أملهم إلى غضب واغتراب. مثلما غنى يئير نيتساني منذ زمن، الأمر يتعلق بأقلية هي المذنبة دائماً.

بقلم: حيمي شليف

 هآرتس 18/2/2020



مقالات أخرى للكاتب

  • كيف واجه أهالي دوما والمغيّر إرهاب المستوطنين؟  
  • هل هناك خط دبلوماسي إيراني - عربي- أمريكي لمنع حرب إقليمية؟  
  • هل كان اغتيال أبناء هنية بمنزلة حكم إعدام على "المحتجزين" لدى حماس؟  





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي