هل يصلح ماسك ما أفسده بوتين وزيلنسكي؟
2022-10-09
إميل أمين
إميل أمين

نهار الرابع من أكتوبر تشرين الأول الجاري، وفي خطوة مثيرة تتسق وشخصيته الأكثر إثارة للجدل، طرح الفتى المعجزة، إيلون ماسك، خطة لإنهاء الأزمة الروسية – الأوكرانية، عبر عدة نقاط وقد طلب من متابعيه على تويتر البالغين نحو 107 ملايين فرد التصويت عليها بالموافقة أو الرفض.

عدة أسئلة تتبادر إلى الذهن حول ماسك وخطته، وتبدأ من الحيثيات التي دفعته إلى هذا الطرح، وهل هو من عندياته شكلا وموضوعا، أم أنه ليس أكثر من باب دوار لآخرين يحاولون الحفاظ على ماء الوجه وبعد أن تبين لهم أن الانتصار الأوكراني أمر مستحيل عقلا وعدلا، كما أن الهزيمة الروسية غير واردة، في الحال أو الاستقبال ومحاولات التصعيد والتضييق على القيصر حكما ستقود العالم عبر كارثة الجحيم النووي.

ما هي ملامح خطة رجل تسلا وسبيس إكس الشهير؟

باختصار غير مخل تتمثل في عدة نقاط بدءا من الاعتراف الرسمي بشبه جزيرة القرم، كأراض روسية أي عودتها إلى ما كانت عليه منذ العام 1783، بمعنى تصحيح الخطأ الذي ارتكبه خروشوف مع ضمان وصول المياه إليها.

تاليا نزع الفتيل الذي تسبب في العملية العسكرية الروسية من الأصل أي تجميد أو إن شئت الدقة قل إنهاء مخاوف الروس من انضمام أوكرانيا لحلف الناتو، من خلال تكريس وضعها كدولة محايدة.

وفي مواجهة ما قام به بوتين من ضم لمقاطعات أربع لدولته يعاد الاستفتاء مرة أخرى، لكن تحت رعاية وإشراف الأمم المتحدة، فإذا رفض السكان التبعية لموسكو، فإن على الروس أن يحلموا عصيهم ويرحلوا، مرة ولا يعودوا إلى الأبد.

إضافة إلى ما تقدم، يجرى كذلك استثناء آخر في منطقة الدونباس ، وشبه جزيرة القرم ، يقرر فيه الأشخاص الذين يعيشون هناك ، ما إذا كانتا جزءا من روسيا أم أوكرانيا.

تبدو صياغة الخطة ، في واقع الأمر ، أبعد كثيرا من أن تكون طرحا يخص ماسك وتبدو رائحة الكواليس فيها واضحة، ورجالات العالم الخفي الذين سطورها ظاهرين ولو من على البعد.

في حيثيات خطة ماسك منطلقات لها وجاهتها الظاهرية أخلاقيا، وتماسها مع معطيات الأمن القومي للعالم الغربي من ناحية أخرى.

يكاد ماسك يكتسي ثوبا بيوريتانيا طهرانيا، بحديثه عن حتمية وقف نزيف الدم وموت الناس دون داع في الوقت الحاضر من الروس والأوكران.

لكنه وبنظرة استشرافية معمقة يقطع بأن تحول مشهد كرة الثلج، إلى انهيار جبل جليده يعني موت ملايين الناس، في أول قارعة ، وبخاصة بعد أن باتت المواجهة النووية، خلف باب الأزمة.

مخاوف استخدام أسلحة الدمار الشامل ، تعززها الهزائم المتتالية للقوات الروسية في أرض المعركة ، وبنوع خاص في المناطق التي ضمها بوتين رسميا قبل أيام ، معتبرا إياها ترابا وطنيا روسيا ، يستدعي تهديده الذود بكل ما تملكه الدولة ، وهو ما يتقاطع مع العقيدة النووية لروسيا.

ما يخيف ماسك ومن هم وراءه ، علامات أخرى مقلقة ، وما من أحد قادر حتى الساعة على الحسم بشأنها ، من نوعية مصير الغواصة الروسية ، بيلغورد ، حاملة الطوربيدات الشبحية النووية ، والقادرة على محو دول كاملة من على الخارطة ، حيث اختفت ولا يزال الناتو يلهث لمعرفة مصيرها ، وأين خبأها بوتين وهل في الأمر رسالة تهديد فحسب، أم تخطيط لمواجهات قائمة وقادمة.

وفي الطريق نجد تحرك قطار روسي يحمل معدات نووية إلى حدود كييف، ومن ثم ظهور بوتين في زي أصفر وقناع، وقفازات، وكأنه في تدريب لاجتماعات حرب نووية.

خطة ماسك في واقع الأمر ، ليست الأولى من نوعها ، فقد سبق وطرح بطريرك السياسة الأمريكية هنري كيسنجر رؤية مقاربة، خلال مؤتمر دافوس في مايو أيار الماضي ، أشار فيه إلى إمكانية أن تسمح أوكرانيا لروسيا بالاحتفاظ بشبه جزيرة القرم.

كيف صوت متابعو ماسك على خطته؟

ذهب نحو 58% إلى الموافقة على الخطة ، فيما رفضها 41% ، هذا على الرغم من محاولة الرئيس الأوكراني زيلنسكي إظهار أن ماسك صديق لروسيا وليس داعما لأوكرانيا ن وهو ما كذبه استفتاء جرى على نحو مليونين و188 ألف شخص أوكراني قام به زيلنسكي نفسه، حيث أشار نحو 80% إلى أن رجل الصواريخ والسيارات الكهربائية داعم لأوكرانيا ، سيما وأنه وضع من قبل خدمة ستارلينك الخاصة بالأقمار الاصطناعية التي يمتلكها في خدمة الاتصالات الأوكرانية ، ما سهل عليهم قيادة المعارك ، والتواصل الاستراتيجي بين أركان القوات المسلحة الأوكرانية .

وبالنظر إلى الموقف الروسي من خطة ماسك ، نجد ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ، ترى أنها جزء من النقاش العام ، والذي بدأ ينتشر وعلى نطاق واسع في الغرب ، خوفا من الزلزال القادم ، حال تمادي الناتو في غيه السادر ، والرؤية لسادة الكرملين .

هل الخطة بداية فتح باب للتفاوض، وعلى استحياء مع بوتين؟

حكما هناك من يحاول ترويع الدول الغربية بالقول إن التفاوض يجعل من بوتين ، هتلر جديدا، غير أن هذه مقاربة ليست في محلها، ذلك أن ألمانيا النازية في ذلك الوقت كانت صاعدة على مقاييس القوة تموج بالعنفوان العسكري والصناعي ، وهو ما لا يتوافر لدى بوتين اليوم وبخاصة في ظل الضربات الاقتصادية التي ستعيق إعادة بناء ترسانته العسكرية لعقود.

الخلاصة: خطة ماسك أخف ضررا من فوضى نووية عالمية حال انهيار روسيا.. أهي بداية التفاوض على مضض ونهاية الأزمة؟

*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس – العربية نت-



مقالات أخرى للكاتب

  • لقاء الجنرالات وأجسام "البنتاغون" المضادة
  • ديمقراطية أميركا... من أيزنهاور إلى بايدن
  • ترمب الثاني... بين الجمهورية والإمبراطورية








  • شخصية العام

    كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي