إدارة بايدن.. شعبية تتنامى
2022-08-13
جيفري كمب
جيفري كمب

في أبريل 2019، أعلن نائب الرئيس «الديمقراطي» السابق جو بايدن اعتزامه الترشح للانتخابات الرئاسية في 2020 على أمل هزم الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب. وعلى الرغم من أن شهرة اسمه بعد سنوات طويلة من الخدمة في الكونجرس والفرع التنفيذي من الحكومة جعلت منه مرشحاً طبيعياً لتزعم سباق الانتخابات التمهيدية خلال 2019، إلا أن أداءه في التجمعات الانتخابية كان مخيباً للآمال. إذ مُني بهزيمة كبيرة في محطة نيوهامبشر المهمة جداً من الانتخابات التمهيدية في فبراير 2020 على أيدي ثلاثة مرشحين أقوى؛ إذ لم يحصل فيها على أي مندوب. في تلك المرحلة، مُنح بايدن فرصة صغيرة للفوز بالترشيح. ولكن بعد ذلك جاءت انتخابات كارولاينا الجنوبية التمهيدية في 29 فبراير التي حقق فيها فوزاً كاسحاً بفضل الدعم الكبير الذي تلقاه من الأميركيين السود، بمن فيهم صديقه المقرب عضو مجلس النواب جيمس كلايبرن. وفي فصل الربيع، أصبح بايدن أخيراً المرشح «الديمقراطي» المفترض، وفي شهر أغسطس، أعلن أن سيناتورة كاليفورنيا كمالا هاريس ستكون رفيقته في السباق الانتخابي.

فوزه في انتخابات نوفمبر كان حاسماً؛ إذ فاز بأكثر من 81 مليون صوت على الصعيد الوطني، وهو أعلى رقم في التاريخ الأميركي.

الأيام الأولى من عمر الإدارة الجديدة تميزت بشعور بالارتياح. فترامب، وعلى الرغم من جهوده الرامية إلى قلب نتائج الانتخابات، تراجع إلى محل إقامته في فلوريدا. وفعالية لقاحات كوفيد 19 الجديدة قلّصت عدد الأميركيين المصابين بالفيروس. كما أن معظم العالم الغربي استقبل بايدن وفريقه بفرح، وخاصة الحلفاء المقربين في أوروبا وآسيا. وعلاوة على ذلك، كان الاقتصاد الأميركي يبدي مؤشرات على التعافي والنمو.

غير أنه بحلول صيف 2021، بدأت الأحداث الجديدة تُضعف شعبية بايدن داخلياً وخارجياً. ذلك أن «متحور دلتا الجديد» بدأ يترك تأثيراً كبيراً على المواطنين الذين ضاقوا ذرعاً بإلزامية ارتداء الكمامات والقيود المفروضة على السفر والتجمعات الاجتماعية. وفي شهر أغسطس2021، أعلن بايدن بشكل مفاجئ السحب الوشيك لكل القوات الأميركية من أفغانستان، وذلك ضد توصية الجيش ومن دون تشاور مع بقية الحلفاء في «الناتو» المنتشرين في البلاد. الانسحاب تميز بكثير من الفوضى، ولكنه كان فعالاً في إزالة القوات الأميركية من حرب دامت عشرين عاماً. غير أن بايدن انتُقد بشدة بسبب تخليه عن الأفغان الأوفياء الذين عملوا مع الحلفاء. كما أنه عجز عن منع «طالبان» من استئناف حكم التمييز والترهيب في أفغانستان على الرغم من الوعود التي قدموها للأميركيين في مفاوضات السلام في الدوحة في فبراير 2022.

والأخطر من ذلك بالنسبة لبايدن هو أن التضخم، الذي انخفض إلى مستويات تاريخية على مدى عدة عقود، عاود الظهور بشكل مفاجئ، وكان من أبرز نتائج ذلك الارتفاع الكبير في أسعار البنزين. فبدأ الأميركيون يفقدون الثقة في الاقتصاد، وانخفضت أرقام بايدن في استطلاعات الرأي إلى مستويات دون مستويات ترامب. وبحلول الأيام الأولى من صيف 2022، كان بايدن يوصف بأنه رئيس لولاية واحدة فقط، وبدأت الدعوات الموجهة إليه بالاكتفاء بولاية واحدة فقط تزداد داخل الحزب «الديمقراطي».

ولكن بعد ذلك، وفي غضون أسابيع قليلة، بدأت الأخبار السيئة تتغير. فبفضل عدد من الأحداث الإيجابية، أعاد بايدن إحياء إدارته التي كانت تتعرض لانتقادات كثيرة. إذ أظهرت البياناتُ الاقتصادية نمواً قوياً على نحو مفاجئ مع مستويات متدنية قياسية للبطالة. كما بدا أن التضخم أخذ يتضاءل حيث أخذت أسعار البنزين تنخفض. وفي 30 يوليو، قتلت وكالة الاستخبارات المركزية الـ«سي آي إي» أيمن الظواهري، مهندس هجمات الحادي عشر من سبتمبر التي استهدفت الولايات المتحدة، في محل إقامته بكابول من دون التسبب في أي ضحايا جانبيين. والأهم من ذلك كله هو أن «الديمقراطيين»، باتوا على وشك تمرير «قانون تقليص التضخم»، الذي سيرصد قرابة 700 مليار دولار للحد من مشكلة المناخ، وخفض كلفة الأدوية، وزيادة الضرائب على الشركات.

يأمل «الديمقراطيون» أن يكون لهذه الأخبار السارة تأثير في النهاية على الناخبين قبل انتخابات نوفمبر النصفية. غير أن التوقعات ما زالت تشير إلى أن «الجمهوريين» يمكن أن يفوزوا بما يكفي من المقاعد لبسط سيطرتهم على مجلس النواب، ولكن ربما ليس بما يكفي لتحقيق الانتصار الكبير الذي كانوا يأملونه. ولذلك، يأمل «الديمقراطيون» الآن في الإبقاء على سيطرتهم على مجلس الشيوخ، وهي نتيجة ستُعتبر إيجابية بكل تأكيد.

*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس – الاتحاد-



مقالات أخرى للكاتب

  • القوة الأميركية بعد «عاصفة الصحراء»
  • نهر نهاية العالَم الجليدي
  • دراما الانتخابات الأميركية





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي