حرب أوكرانيا.. والأهداف بعيدة الأمد
2022-07-02
جيفري كمب
جيفري كمب

توضح قمة مجموعة الدول السبع الكبرى المنعقدة في ألمانيا خلال الأيام القليلة الماضية، وقمة حلف شمال الأطلسي «الناتو» المنعقدة في مدريد حالياً، استمرارَ عزم الدول الغربية على مساعدة أوكرانيا في حربها مع روسيا. وقد أوضحت روسيا أنها ليست في عجلة من أمرها للتفاوض على إنهاء الحرب على الرغم مما يقال حول الخسائر في الجنود والمعدات العسكرية.

وما لم يحدث تغيّر جذري في ساحة المعركة، فسيستمر الصراعُ الأكثرَ تكلفةً وسفكاً للدماء في أوروبا منذ عام 1945.

وكلما طال أمد الحرب، زاد تأثيرها على أوروبا والمجتمع الدولي بأسره. وستعاني دول كثيرة اقتصادياً من تداعيات الحرب، لا سيما تلك التي تعتمد على كل من أوكرانيا وروسيا للحصول على الإمدادات الغذائية والزراعية.

وتخشى الدول الصغيرة في أوروبا، بما في ذلك مولدوفا ودول البلطيق، من أن توجه روسيا قواتها ضدها في مرحلة ما. وتخشى دول أوروبية أكبر، مثل بولندا، من تفاقم مجريات الحرب حتى تبلغ أراضي هذه الدول ويتورط فيها حلفاؤها في «الناتو». وتخلت السويد وفنلندا عن حيادهما التقليدي، وتقدمتا بطلب للحصول على عضوية «الناتو».

وتعمل جميع دول «الناتو» على زيادة ميزانياتها الدفاعية. وتعهد الحلف بزيادة قواته الجاهزة للقتال من 40 ألفاً إلى 300 ألف، في تغيير جذري للسياسات. وعلى الرغم من عدم وجود حافز لدى أوكرانيا أو روسيا لوقف القتال حالياً، فهناك عدد من الأحداث قد تغيِّر تطورات المأزق الحالي. فإذا نجحت روسيا في احتلال أوديسا، فلن يكون لأوكرانيا منفذ إلى البحر.

وإذا شنت روسيا هجوماً جديداً على كييف ونجحت هذه المرة في احتلال المدينة، فمن المحتمل أن تسقط الحكومة الأوكرانية وتلجأ إلى الغرب. ونظراً لأن كلا الاحتمالين سيؤدي إلى كارثة للغرب، فسيواصل جهودَه الجاريةَ لتزويد أوكرانيا بأسلحة متطورة قد تعرقل العمليات العسكرية الروسية. وهذا الالتزام سيتوقف على استمرار الوحدة بين حلفاء «الناتو».

وقد تفشل هذه الاستراتيجية، إذا حدثت خلافات كبيرة، خاصة إذا تسبب الانتقام الاقتصادي الروسي، بما في ذلك حدوث اضطرابات في إمدادات الطاقة، في تكلفة مؤلمة حقاً. وفي هذا الوقت، كان التأثير الأكثر عمقاً للحرب، بخلاف التكلفة البشرية، هو المواقف المتغيرة في الغرب تجاه موسكو وأهدافها الاستراتيجية. وهذه المواقف يُنظر إليها الآن من زاوية أكثر تشاؤماً مما كان عليه الأمر في الماضي القريب.

وحتى وقت اندلاع الحرب، في 24 فبراير الماضي، كان كثير من المحللين الغربيين يجادلون بأن لدى روسيا مخاوف أمنية حقيقية بشأن علاقة أوكرانيا المتنامية مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وبأن هذه المخاوف يتعين تفهمها. ولهذه الأسباب، يجب اتخاذ خطوات لتقليص المخاوف الروسية من خلال وضع إطار أمني جديد للقارة.

صحيح أنه مازال هناك عدد من الباحثين الغربيين يعتقدون أن هذه الحجة لها وجاهتها، لكن هناك إجماع متزايد على أن شن الحرب بشكل مفاجئ في أوكرانيا يتطلب تقديم رؤية مختلفة لنوايا موسكو. فهدف روسيا طويل الأمد يتمثل في استعادة الهيمنة على أوروبا الشرقية، وتحييد أوروبا الغربية وتقسيمها، والعمل على رحيل القوات العسكرية الأميركية من القارة.

وفي ظل هذا التصور، يتعين على الغرب القيام بعملية تعديل مكلفة ومؤلمة لتوفير الموارد العسكرية والاقتصادية لإنقاذ أوكرانيا. وهذه الأهداف الغربية لا يمكن تحقيقها إذا زادت السياسات المحلية في كل من الولايات المتحدة وأوروبا من الانقسامات داخل حلف «الناتو». فأي تحرك في الولايات المتحدة للتراجع نحو موقف أكثر انعزاليةً سيكون كارثياً. ومن المحتمل أيضاً أن تجد روسيا صعوبةً في مواصلة سلوكها مع تحول البلاد نحو عزلة أكبر ومع استمرار تراجع الرفاهية الاقتصادية لمواطنيها. وعموماً، فتوقعات الأشهر القادمة ليست جيدة.

*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس – الاتحاد-



مقالات أخرى للكاتب

  • القوة الأميركية بعد «عاصفة الصحراء»
  • نهر نهاية العالَم الجليدي
  • دراما الانتخابات الأميركية





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي