من المريض نفسياً.. نتنياهو أم الإسرائيليون؟
2022-06-15
كتابات عبرية
كتابات عبرية

بنيامين نتنياهو ليس مريضاً نفسياً وغير مجنون ولا يحتاج إلى علاج نفسي، يعرف الفرق بين الخير والشر، بين القانوني والجنائي، بين المسموح والممنوع. وحسب ما نشر من مواد التحقيق في ملفات الآلاف، يظهر بوضوح أن المخالفات التي ارتكبها، من تلقي هدايا بآلاف الدولارات؛ والجهود التي بذلها من أجل أن يرتب لنفسه إعلاماً متعاطفاً مقابل تسهيلات تنظيمية؛ ومحاولة بلورة اتفاقات “خذ وهات” مع ناشر “يديعوت أحرونوت”، نوني موزيس، كان قد فعلها بعقل واضح ومتزن، بعد تخطيط دقيق وبكونه متمسكاً بالهدف العقلاني كلياً.

المحكمة هي التي ستقرر ما إذا كانت هذه المخالفات جنائية. ولكن لا نقول بأن نتنياهو فعلها في لحظة تشويش وجنون أو بتأثير أدوية الأمراض النفسية. إذا كان صراخ زوجته سارة ومشاهد الرعب من نجله يئير قد أثرت على سلوكه عندما كان رئيساً للحكومة، فإن نتنياهو جدير بالثناء. وكما هو معروف، أبناء العائلة قد يذهبون عقل الإنسان، لكن وفي ضائقته الشديدة هذه التي استمرت سنوات كثيرة، أظهر نتنياهو في نظر كثيرين قدرة منقطعة النظير كي يحصل على دعم الجمهور الواسع، ليس بصفته ضحية تستحق الشفقة، بل لكونه زعيماً جاء من مستوى آخر. ليس لدينا سوى التساؤل إذا كان شخص ما يعرف كيف يحسب خطواته بعقلانية ورباطة جأش وهو يتعرض لهجوم هستيري في بيته، أليس في هذا ما يمكن أن يدل على أن شيئاً ما لديه غير سليم؟ ولكن الحديث هنا يدور عن مسألة سريرية غير ذات صلة.

المسألة الرئيسية الوحيدة التي تقف أمام الاختبار هي: هل تعد أقوال إيهود أولمرت “ما هو غير قابل للإصلاح ذلك المرض النفسي المصاب به رئيس الحكومة وزوجته وابنه. هذا غير قابل للإصلاح” أقوالاً صحيحة؟ هل تستند إلى حقائق؟ أم أن فيها نوعاً من المس بسمعة نتنياهو الطيبة؟ إذا كان الأمر هكذا، فهو يستحق التعويض.

هنا يكمن الضرر الكبير في ادعاء التشهير. فسواء تبين أن تشخيص لأولمرت كان كاذباً أو ثبت صدقه، فلا يجب أن نعتبر أقواله تشهيراً، لماذا؟ لأنه خلافاً لتلقي الرشوة والفساد، أو خلافاً للاحتيال، فإن المرض النفسي لا يمكن أن يسيء لسمعة من عانى منه، ولا يجب السماح بوضع تتم فيه محاكمة المرض النفسي وكأنه مخالفة فيها إساءة سمعة.

في الحقيقة، قانون منع التشهير ينص على أن نشر التشهير أمر قد “يهين شخصاً بسبب العرق أو الأصل أو الدين أو مكان السكن أو الجنس أو ميوله الجنسية أو إعاقاته”. هكذا يتم تعريف الإعاقات: “إعاقة جسدية، نفسية أو عقلية، بما في ذلك معرفية، دائمة أو مؤقتة”. ولكن حسب القانون، فإنه حتى وصف شخص بأنه مختل عقلياً ومضروب في رأسه أو مجرد غبي – ثمة نوع من القذف في هذا.

إذا قررت المحكمة بأنه تم المس بسمعة نتنياهو لأن أولمرت افترى عليه بدون أساس، وأنه مريض نفسياً، فسيكون مطلوباً منه مواجهة تعريف نتنياهو لـ “السمعة الجيدة”. نتنياهو متهم بمخالفات جنائية إذا تمت إدانته بها فقد تتسبب بالإساءة لسمعته تلحق به العار. سمعته الجيدة تحطمت حتى قبل الحكم عليه. نتنياهو نفسه اشتكى بشكل علني وفي كل مناسبة بأن وسائل الإعلام والمعارضة والنيابة العامة واليساريين – جميعهم يشوهون سمعته. من هنا، أقوال أولمرت ليست سوى مدماك آخر.

رغم ذلك، لم يشن نتنياهو أي حرب قانونية ضد من شهروا به، بل يبدو أنه امتص الإهانة بتفهم. الأكثر أهمية، أنه رغم العار والخجل، واصل نتنياهو منصبه كرئيس للحكومة، واختار إهانة وشتم خصومه بنفسه خلال ذلك. الآن يحصل على دعم كبير في الاستطلاعات. يبدو أن تشويه سمعة نتنياهو تخدمه. وهذا الأمر يستحق المعاينة النفسية، ليس المقصود هنا نتنياهو، بل الجمهور.

 

بقلم: تسفي برئيل

هآرتس 15/6/2022



مقالات أخرى للكاتب

  • كيف واجه أهالي دوما والمغيّر إرهاب المستوطنين؟  
  • هل هناك خط دبلوماسي إيراني - عربي- أمريكي لمنع حرب إقليمية؟  
  • هل كان اغتيال أبناء هنية بمنزلة حكم إعدام على "المحتجزين" لدى حماس؟  





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي