الصين في انتظار ابن آوى
2022-06-02
إميل أمين
إميل أمين

مرة جديدة يفتح الرئيس الأميركي جو بايدن باب السجال واسعا مدويا، ومتسببا في الكثير من الإحراج لمستشاريه، والذين يسعون لتلافي الكثير من أخطائه اللفظية والعقلية دفعة واحدة.

خلال زيارته الأخيرة لليابان، تناول بايدن شأن جزيرة تايوان بطريقة تعيد فتح ملف أقل ما يوصف بأنه ملغوم، والتساؤل هل هذا هو الوقت القيم، لأن يستفز بايدن مشاعر الصين، عبر الحديث عن الدفاع عن تايوان عسكريا حال قررت الصين إعادتها إلى دائرة الصين الواحدة من جديد؟

ليس سرا ما تقوم به الولايات المتحدة الأميركية تجاه تايوان، وكأنها تسعى إلى كعب أخيل في الجسد الصيني، وربما جاءت أزمة أوكرانيا مؤخرا لتدفع إدارة بايدن لتحويل تايوان إلى ما يعرف بمنطقة "النيص"، أي تلك التي تعج بالأسلحة وأشكال الدعم الأميركي الأخرى التي يصعب مهاجمتها، والعهدة هنا على الراوي صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.

لم يعد سراً أن واشنطن تعتزم زيادة وجودها العسكري في المنطقة لمحاولة احتواء ما ترى أنه "هجوم صيني محتمل" على تايوان.

هذه هي المرة الثالثة التي يدلي فيها الرئيس بايدن بتصريحات تحمل مسحة عدائية ضد الصين، مما يجعل حكومة الرئيس الصيني بينغ تأخذ التهديدات على محمل الجد، وتمضي في طريق الاستعداد لمعركة القطبية
القادمة مع الأميركيين، إن بسبب تايوان، أو بحر الصين الجنوبي، ناهيك عن الصراع الأوسع في منطقة الإندو باسيفيك.

يعن للقارئ أن يتساءل: "هل من مصلحة ما للولايات المتحدة الأميركية في الدخول إلى معترك صراع عسكري مسلح مع الصين؟

أحد أعقل الأصوات التي استمع إليها الشعب الأميركي في الأيام القليلة الماضية، كان صوت الباحث البارز في معهد ديفنس برايوريتيز، والعقيد السابق في الجيش الأميركي دانيال ديفيس، والذي طلب من الكونغرس التدخل وتأكيد صلاحياته في شن الحروب، معتبرا أن الذهاب إلى حرب مع الصين حين لا يكون الأمن الأميركي مهددا، أمرا خاطئا يمكن أن تستبعه كوارث محتملة على الولايات المتحدة ومصالحها في الداخل والخارج.

على أن بعض الأصوات الأميركية، ورغم انتقاداتها في السابق للكثير من مواقف الرئيس بايدن السياسية، داخليا وخارجيا، اصطفت هذه المرة بجانبه ضد الصين.

من بين هولاء السيناتور توم كوتون، والذي اعتبر أن "القوة العسكرية أفضل وسيلة لردع الصين"، فيما ذهب الجنرال السابق ذو الأربعة نجوم جاك كين إلى ما هو أبعد من ذلك، ففي حديثه إلى شبكة فوكس نيوز الإخبارية الأميركية، أشار إلى أن الرئيس الصيني شي جين بينغ "يحتاج إلى فهم أننا في في الواقع، سندافع عن تايوان".

في خلفية المواقف الأميركية، وعبر موقع جيوبولتيكال فيوتشر، تحدث مالكه ومؤسسه، جورج فريدمان، رجل استخبارات الظل الأميركية، بكلمات تحمل رائحة الدفاع عن فكر بايدن والمواجهة العسكرية مع الصين، بل تشجيعه على المضي قدما في هذا السياق.

يقول فريدمان، إن الصواريخ الأميركية ستهاجم الزحف الصيني البرمائي بوحشية قبل أن يصل حتى إلى شواطئ تايوان، وهذا هو السبب في أن بكين تتحدث كثيرا عن الغزو دون أن تقوم به بالفعل.

ما الذي يحدث في الداخل الأميركي، هل هو حرب نفسية ضد الصين، أم سعي لفتح جبهة حرب جديدة مع الصين؟

الشاهد أنه لا يمكن النظر إلى موقف واشنطن من بكين، بدون الربط بين التحالفات التحتية والفوقية بين الصين وروسيا، ووضعية بكين من موسكو تجاه كييف.

رسميا لا تبدو بكين قد متفقة مع موسكو في شأن طريقة التعاطي مع أوكرانيا عبر الغزو المسلح، لكن هذا لا يعني الموافقة على تدفق الأسلحة على الأوكرانيين، وكأن الأمر حرب بالوكالة بين الناتو وروسيا.

الصين وهي تراقب المشهد الأوكراني، لا يغيب عنها احتمالات تكرار ذات السيناريو بينها وبين تايوان، ولهذا فهي تمضي من منطلق طرح المبادرات الخلاقة، لاسيما إذا كانت موصولة بأمنها القومي، تبدأ من الذات وليس من الآخرين.

ترى الصين أن الولايات المتحدة تبذل قصارى جهدها في التلاعب بالكلمات بشأن مبدأ "الصين الواحدة".

في المقابل يؤكد المتحدث باسم الخارجية الصينية، وانغ وين بين، على أنه لا توجد قوة في العالم، بما في ذلك داخل الولايات المتحدة نفسها، يمكنها تجنيب الداعين إلى استقلال تايوان الهزيم".

هل هو سيناريو الحرب إذن؟

الأسبوع الماضي، وعلى عهدة نيوزويك الأميركية، أظهرت صور أقمار اصطناعية حديثة، ما يوحي بأن الصين تخطط لغزو تايوان، وذلك بعد رصد هدف وهمي على شكل طائرة يديرها الجيش الياباني، ويمكن استدعاؤها للاستخدام في حال أقدمت الصين على مهاجمة تايوان.

الناطق باسم الخارجية الصينية أظهر مكنونات قلب وعقل الصين، حين قال "أنصح الولايات المتحدة بالاستماع إلى أغنية صينية قديمة مشهورة تقول إنه عندما يأتي صديق، يتم الترحيب به بنبيذ جيد، وعندما يأتي ابن آوى، يرحب به ببندقية الصيد".
هل الصين تستعد لابن آوى الأميركي؟

الفورين يفيرز، وفي تقرير مطول لها تنصح المخططين العسكريين في الولايات المتحدة، وكذلك حلفاء واشنطن وشركاؤها، أن يتعاملوا مع حقيقة أنه في النزاع على تايوان، ستعتبر الصين أن جميع الخيارات التقليدية والنووية مطروحة على الطاولة.

إلى أين يذهب بايدن وإدارته بأميركا والعالم؟

قد لا يطول انتظار الجواب، إذا ما استمرت سياسات الهروب الأميركي إلى الأمام قائمة وقادمة على النحو الذي نراه من كييف إلى بكين، وتبقى كل السيناريوهات قائمة والاحتمالات مفتوحة.

*كاتب مصري - العربية
*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس



مقالات أخرى للكاتب

  • أميركا: انتخابات الرئاسة وحديث البدائل
  • بايدن مأزق للديمقراطيين أم لأميركا؟
  • متلازمة التعاسة.. بعيدًا عن السياسة





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي