هل تشد طهران قوس النفوذ الإقليمي؟
2021-03-29
كتابات عبرية
كتابات عبرية

في الوقت الذي يتخبط فيه الاهتمام الجماهيري في لجة السياسة الداخلية وتفاهاتها، ينشأ تهديد استراتيجي على إسرائيل قد يتطور إلى حجوم وجودية. إذا ما تطورت بكاملها الطاقة الكامنة في حلف إيران – الصين فسيعلق الشرق الأوسط مرة أخرى في حرب باردة بين القوى العظمى بشكل يهدد إسرائيل. لقد شكل ناصر تهديداً كهذا، عندما ساعد الإسناد السوفياتي سياسته الراديكالية لضمان الهيمنة الإقليمية وتهديد إسرائيل على مدى أكثر من عقد؛ والمحاولة الأمريكية لمصالحة الرئيس المصري فاقمت هذا التهديد الذي تفجر في صيف 1967. والآن، فإن مساعدة صينية مكثفة للنظام الراديكالي في طهران من شأنها أن تسند إيران في محاولاتها لفرض هيمنتها على المنطقة في إطار حرب باردة من نوع آخر تتطور بين الولايات المتحدة والصين. إسناد صيني كهذا، يترافق ومصالحة على نمط أوباما من إدارة بايدن، من شأنه أن يحقق مثل هذه الهيمنة التي تطرح على إسرائيل تحدياً استراتيجياً بحجوم لم تشهدها منذ حرب يوم الغفران.

تعيش إسرائيل في السنوات الأخيرة حرباً تتصاعد مع إيران، في محاولة لمنعها بالقوة من بناء بنية تحتية عسكرية كثيفة حول حدودها. وهذا هو معنى التفجيرات الواسعة المنسوبة لإسرائيل في سوريا وفي غرب العراق. تفهم إيران بأنه يمكن لإسرائيل أن تصد تطلعاتها في الهيمنة وتخصص هذه البنية التحتية لردع إسرائيل من خلال تهديد كثيف على مراكزها السكانية. كما أن معظم الأنظمة العربية تفهم بأن إسرائيل بقوتها وتصميمها تكفي لتصد آية الله. الولايات المتحدة أهم، ولكنها مصداقة ومصممة أقل بكثير. وقد خافت هذه الدول من نزعة المصالحة لديها في عهد أوباما، تشجعت مؤقتاً في عهد ترامب وقلقت من عودة نزعة المصالحة في عهد بايدن. هذا معنى “اتفاقات إبراهيم”: استبدال “النزاع الإسرائيلي العربي” في صيغته المعروفة بائتلاف إسرائيلي – عربي ضد إيران وأردوغان، يبث شكاً تجاه الإدارة الجديدة في واشنطن.

لقد تصدت السياسة القاطعة في عهد ترامب للتحدي الإيراني في نطاقه الشامل: ليس تهديداً نووياً مركزياً، بل خطر هيمنة إقليمية، ترفع مستوى إيران الراديكالية إلى قوة عظمى تتجاوز بكثير الشرق الأوسط، وتضمن حصانة نووية باستفزازاتها التقليدية من جانبها ومن جانب فروعها. وإن جواب مركز في صيغة الاتفاق النووي في العام 2015، الذي يعزز مكانة إيران، لا يتصدى لمثل هذا التحدي المركب. والمطلوب “لعبة منتهاها الصفر”، تسعى لضرب إيران ولا سيما في المجال الاقتصادي وردعها عن المواجهة من خلال ضمان إسناد أمريكي لأعمال إسرائيل العسكرية ضد إيران. في عهد إدارة ترامب اتخذ الإيرانيون جانب الحذر من الرد بشدة على آلاف العمليات العلنية والسرية لإسرائيل. وعندما قاموا باستفزاز واسع ضد صناعة النفط السعودية، رد ترامب بتصفية سليماني، ولم تتجرأ إيران على الرد بحجم يناسب الخطوة الأليمة والمهينة. والأهم كان الضربة الاقتصادية المكثفة التي مشكوك أن تكون إيران قادرة على أن تحتويها لو استمرت لأربع سنوات أخرى.

يلوح في هذه الأيام مرة أخرى ذاك الخليط المعروف منذ عهد آيزنهاور: تدخل اقتصادي وعسكري عميق من القوة العظمى المنافسة للولايات المتحدة مقابل رد متصالح من واشنطن. لقد وقع وزير الخارجية الصيني في طهران على اتفاق استراتيجي لـ 25 سنة في صيغة وضعت في زيارة الرئيس جين فينغ في 2016، استهدفت توزيع التجارة بين الدولتين بأكثر من عشرة أضعاف، إلى 600 مليار دولار في غضون عقد. ويفضل الاتفاق الصين في الاستثمارات الكبرى في إيران – في البنى التحتية، والبنوك والاتصالات. كما أعلنت إمكانية مناورات عسكرية مشتركة ومشاركة في الصناعات العسكرية. من المتوقع لإيران أن توفر للصين كميات كبيرة من النفط والغاز لمدى بعيد بأسعار متدنية نسبياً.

مثل هذا الاتفاق يعطل بقدر كبير رافعة الضغط الاقتصادي الأمريكي، ويعزز موقف المساومة الإيرانية، ومن شأنه أن يبشر بزخم متجدد لمساعي الهيمنة الإيرانية في المنطقة. إن وتيرة تحققه ومزاياه منوطة بمدى حاسم بعلاقات الولايات المتحدة – الصين. يدور الحديث عن ورقة مساومة صينية مهمة في الساحة الدولية تجمدت في عهد ترامب وامتشقت في وجه بايدن. المعنى دراماتيكي لإسرائيل.

 

بقلم: دان شيفتن

إسرائيل اليوم 29/3/2021



مقالات أخرى للكاتب

  • كيف واجه أهالي دوما والمغيّر إرهاب المستوطنين؟  
  • هل هناك خط دبلوماسي إيراني - عربي- أمريكي لمنع حرب إقليمية؟  
  • هل كان اغتيال أبناء هنية بمنزلة حكم إعدام على "المحتجزين" لدى حماس؟  





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي