القائمة المشتركة: البحث عن الخبز لن ينسينا مأساتنا وكرامتنا
2021-03-22
كتابات عبرية
كتابات عبرية

إذا اعتمدنا على قنوات التلفاز، يمكننا الذهاب للنوم؛ لأن رئيس حكومة، اسمه بنيامين نتنياهو، قد انتخب بالفعل. ومثلما قيل “لا يطلب منك التفكير، فنحن نفكر عنك، وما عليك سوى أن تأكل وتشرب وتنام”.

ولكن الجماهير العنيدة لم تستمع لنصيحة أبواق الحكومة، ولم تكتف بالأكل والشرب والنوم. لقد جاءوا بعشرات الآلاف إلى بلفور من أجل التخلص من الزعيم المشهور، الذي يتصرف وكأنه رجل آلي ويكرر إجابات ليس لها صلة بالأسئلة. وإذا سألت نتنياهو عن “مي تو” فسيقول لك إن يئير لبيد كان وزير مالية غير جيد. انتهت الألاعيب ولم يبق في كيس الساحر المثقوب سوى “سماعة بائسة”. ها هو يتوج لبيد مرشحاً لرئاسة الحكومة، وفي المقابل يشترط إجراء المواجهة معه بأن يعلن لبيد عن نفسه بأنه مرشح لرئاسة الحكومة. هناك قصة عن ولد توجه إلى شخص بالغ وسأله: “أنت من الصين؟”، أجاب “لا”. وفي كل مرة يكرر السؤال يحصل على الإجابة نفسها، إلى أن سئم الرجل وقال للولد: “نعم، أنا من الصين. ماذا تريد؟”. فأجاب الولد بوقاحة: “لمَ لا أرى عينين ضيقتين كالصينيين؟”.

في الحقيقة، ما هذه الوقاحة يا لبيد، كيف سيقف نتنياهو أمامك لمواجهة ما إذا لم تكن مرشحاً لرئاسة الحكومة؟ هذا هو نتنياهو الجديد، يضع فرضية ويريد من الواقع أن يلائم نفسه بحسبها.

في هذه الأثناء قرر منصور عباس، رئيس راعم، “استغلال” نتنياهو كما استغله بني غانتس وشاؤول موفاز، وبعد ذلك رماهما. السؤال المقلق هو: أين سيضبط عباس نتنياهو كي يستغله. لأن نتنياهو كالزئبق يغير شكله في كل لحظة معطاة. وها نحن، كيف لم نلاحظ أن قانون القومية لم يأت للإضرار بالمواطنين العرب، بل جاء موجهاً ضد طالبي العمل الأفارقة، حسب ادعاء نتنياهو في مقابلة مع صحيفة “كل العرب”. يبدو أن هذا الكذب الفظ لن يزعج منصور عباس، الذي قال قبل ذلك برحابة صدر: “لكنه، أي قانون القومية، لا يحرمنا من المواطنة”.

في قناة الكنيست، كان المذيع نداف اليميلخ سأل عباس إذا كان يزعجه الجلوس مع سموتريتش، فأجاب عباس: “من يأتينا ويساعدنا ويساعد مجتمعنا سنذهب إليه”. لم يتأخر العرض المناسب، وأعلن سموتريتش: “منصور عباس يمثل ديناً إرهابياً”. ولو أن شخصية رفيعة في الولايات المتحدة تحدثت بشكل مشابه ضد الديانة اليهودية فلن تبقى في منصبها دقيقة واحدة.

في ظل الصدمة من مغازلة نتنياهو وردود فعل رئيس الحكومة المتغطرسة والمتعالية، الذي هو غير مستعد لقبول أي دعم من “راعم”، إضافة إلى تصريحات شركائه الطبيعيين، سموتريتش وايتمار بن غبير، أتذكر جملة “الكرامة الشخصية روحك الثانية، حافظ عليها حتى لا تموت مرتين”.

هكذا كانت طريقنا دائماً مختلفة عن طريق عباس، حتى في الأيام الصعبة، في سنوات الخمسين المظلمة. تظاهر آباؤنا أمام مقرات الحكم العسكري وهتفوا “خبز وعمل”. وكتبوا ليلاً على الجدران شعارات تنادي بعودة اللاجئين الذين طردوا بالأمس. لم ينسهم نضالهم في الحصول على رغيف الخبز تلك الكارثة التي نزلت على أبناء شعبهم، ولم ينتزع من قلوبهم تفاخرهم القومي.

أمس قررتُ الخروج من زنزانة قنوات التلفاز، ووزعتُ والعشرات من مؤيدي القائمة المشتركة في قريتي، برامج القائمة. كان ينتظرنا جو نقي وسماء زرقاء ووجوه مبتسمة، تلقوا توجهنا لهم بمحبة وقالت نظراتهم بدون كلام “سنواصل”.

ومن يسأل نوضح له: عنوان بيتنا لم يتغير. سنواصل بقامة منتصبة طريق الأجيال السابقة.

 

بقلم: عودة بشارات

 هآرتس 22/3/2021



مقالات أخرى للكاتب

  • إسرائيل بعد ضربتها لأصفهان.. هز مقصود للسفينة الإقليمية أم لعب بالنار؟  
  • كيف واجه أهالي دوما والمغيّر إرهاب المستوطنين؟  
  • هل هناك خط دبلوماسي إيراني - عربي- أمريكي لمنع حرب إقليمية؟  





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي