هل يظن نتنياهو أن مفتاح “الشرق الأوسط الجديد” مخبأ في الخليج العربي؟
2020-08-20
كتابات عبرية
كتابات عبرية

يمكن الاعتماد على نتنياهو وترامب ليحتفلا بالاتفاق مع الإمارات في ساحة البيت الأبيض مع كثير من النصوص المتبجحة والمبالغ فيها. في نظر نفسيهما، فإن قصة الغرام السرية المزعومة التي خرجت إلى النور هي مبرر لجائزة نوبل للسلام. ليس أقل.

الصفقة الإسرائيلية الإماراتية تخدم احتياجات سياسة ترامب والمصالح العسكرية لبن زايد، ويحتمل أن يكون نتنياهو بالذات هو الذي يمثل دوراً هامشياً في المسرحية.

فضائل العلاقات مع دول عربية في منطقة الشرق الأوسط مفهومة من تلقاء ذاتها، ولكن ليس فيها ما يبدد المخاوف من أن تكون المصالحال شخصية هي التي أملت توقيت النشر، وأن ثمن الصفقة سيكون أعلى من المقابل. فمحاولة تصنيف الخطوة كاتفاق سلام هي فعل تسويقي مخادع يستهدف كيّ الوعي وتنصيب نتنياهو في صف واحد مع بيغن، ورابين، وبيرس، وترامب إلى جانب كارتر وأوباما. وهذه أيضاً مبالغة تتطلب الدقة. فلا يدور الحديث عن اتفاق سلام مع أعداء بل عن لقاء مصالح، اتفاق دبلوماسي تصريحي، ينطوي على منظومة علاقات طويلة السنين ويفتح باباً على العالم العربي. ليس معروفاً إذا كان الاتفاق الذي يشطب (أو يجمد) بسط السيادة في المناطق ينطوي على تنفيذ خطة ترامب التي معناها إقامة دولة فلسطينية. فضلاً عن ذلك، فإن مسألة صفقة السلاح المرافقة لها تثير علامات استفهام ثقيلة الوزن، ورغم النفي القاطع، ليس واضحاً اذا كانت إسرائيل تنازلت عن معارضتها لبيع طائرات “إف 35” للإمارات. مهما يكن من أمر، يحتمل ألا يكون الأمريكيون يأبهون بها على الإطلاق. فالصفقة تخدم احتياجات سياسة ترامب والمصالح العسكرية لبن زايد، ويحتمل أن يكون نتنياهو بالذات هو الذي يمثل دوراً هامشياً في المسرحية.

بشكل رسمي، تضطر إسرائيل إلى التنازل عن الضم. وفهم شركاء نتنياهو من اليمين الذين اعتادوا على “سرقة الجياد” معه بأنهم هم الذين وقعوا ضحية وعد عابث هذه المرة.

بشكل رسمي، تضطر إسرائيل إلى التنازل عن الضم. وفهم شركاء نتنياهو من اليمين الذين اعتادوا على “سرقة الجياد” معه بأنهم هم الذين وقعوا ضحية وعد عابث هذه المرة. ومع ذلك، فإن معظم الإسرائيليين لا يتأثرون. فقد اعتادوا على وعود بلا تغطية وملوا الانشغال بالاحتلال وبالمسألة الفلسطينية. من الصعب إلقاء الذنب عليهم، فالسعي وراء ما تعرضه من أضواء يثير العواطف أكثر بكثير: إجازات الدلال، والفنادق العظمى، والشواطئ المصطنعة، والفرص التجارية. خيال رائع عن إجازة في أبو ظبي تجرف المشاعر أكثر من النقاش المنغص عن عملية اتخاذ قرارات فاسدة، وإدارة سليمة، وكورونا، وتصعيد في الجنوب وغيرها. دون أن نتحدث عن ثقل المادة المتعلقة بالانشغال بمحاكمة نتنياهو.
حتى لو افترضنا بأن هذا اتفاقاً دبلوماسياً تفوق فضائله لإسرائيل نواقصه بلا قياس، فمهما كانت النتيجة جيدة لا يمكنها أن تغطي على عملية اتخاذ قرارات عليلة. فقد أقصى نتنياهو القيادة السياسية العليا تماماً. ولم يطلع رئيس الوزراء البديل وزير الدفاع غانتس، ووزير الخارجية غابي أشكنازي، ووزراء كبار من الليكود، على الأمر إلا عبر وسائل الإعلام. وقال نتنياهو بأنه إنجاز سياسي له وحده، وله جهوده السياسية التي سبقت الشراكة الائتلافية. وإضافة إلى ذلك، ادعى بأن ترامب وبن زايد طلبا تقليص دائرة شركاء السر خوفاً من التسريب. وإذا كان هذا يذكركم بشيء ما، فلستم خاطئين.
من الصعب ألا يشك المرء في نظافة تفكير من تختلط مصالحه الشخصية في سلوكه السياسي – الأمني، والاقتصادي والحزبي. وهذا نهج لدى نتنياهو… فهكذا عين جمزو مديراً لمشروع كورونا دون أن يطلع غانتس. وبهذه الطريقة كان قد عمل حين اشترى غواصات دون أن يطلع وزير الدفاع يعلون، وهكذا أعلن في كانون الثاني عن الضم، وهكذا ألغاه بعد سبعة أشهر. وبهذه الطريقة أيضاً أعلن عن توزيع المليارات، دون تنسيق مسبق، في ذروة أزمة كورونا، وهذا طريقه ليقرر بشأن الانتخابات – وحيداً!
يتصرف نتنياهو كشخص له دولته الخاصة، وهو يعرف نفوس ناخبيه ويعول على حاجتهم اليائسة للمهرب. وعليه، فهو يسوق اتفاقاً مع الإمارات كإنجاز تاريخي. بواسطة أبو ظبي، يجري على مواطني إسرائيل جولة أبو علي أخرى. يمكن لنا أن نكون راضين عن تطبيع العلاقات مع اتحاد الإمارات، ولكن يجمل بنا، قبل أن نحجز غرفة في برج العرب، أن نتذكر بأن الحياة الطبيعية لن تكون إلا بعد أن تحل إسرائيل والفلسطينيون نزاعهم الدموي منذ مئة سنة. مفتاح الشرق الأوسط الجديد موجود تحت الفانوس وليس في الخليج العربي .

بقلم: أوريت لفي نسيئيل
معاريف 20/8/2020



مقالات أخرى للكاتب

  • كيف واجه أهالي دوما والمغيّر إرهاب المستوطنين؟  
  • هل هناك خط دبلوماسي إيراني - عربي- أمريكي لمنع حرب إقليمية؟  
  • هل كان اغتيال أبناء هنية بمنزلة حكم إعدام على "المحتجزين" لدى حماس؟  





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي