التستّر على أخطاء الأبناء يدفعهم إلى الانحراف

2021-03-01

التستّر على الخطأ تصريح ضمني بفعله دون خوف

عمان ـ وكالات- يؤكد خبراء التربية أن تستر الأم باستمرار على أخطاء أبنائها، يتسبب في تفاقم المشكلات ووقوع الأبناء في أخطاء أكبر، وبذلك تكون الأم بلا قصد قد تسببت في حيادهم عن المسار الصحيح أو تعليمهم صفات أبسطها الكذب والخداع.

وترى الدكتورة سعاد مخلوف أستاذة علم الاجتماع والسلوك، أن تستر أي من الأبوين على خطأ الابن يهز صورته في نظره، مؤكدة أن الآباء الذين يفعلون ذلك، يجنون على أبنائهم بسلوكيات تبدو بسيطة وعادية في نظرهم، ولكنها تغرس فيهم مبادئ وقيما أبعد ما تكون عن المفروض تربويا، كما أنها تشجّع ضمنيا على المخالفة.

وتقول “ما دام أحد الأبوين اللذين يمثلان القدوة يوافق على السلوك، بل يتستّر عليه، فهذا يمنح الابن أو الابنة تصريحا ضمنيا بفعل هذا التصرف من دون رهبة”.

إن مسألة التستّر تبدأ في التنقل كالعدوى في الأسرة، وبين الأشقاء الذين يطلبون من بعضهم التستّر على الأخطاء، هذا غير المواقف الأخرى التي يمكن أن تترتب ضمن سلسلة من التهاون التربوي، فالأم التي تتستّر على أحد أبنائها الذي يتأخر خارج البيت، هل تدري أين كان؟ أو ماذا كان يفعل؟ أو التي تتجاهل عدم انتظام ابنها الدراسي وإهماله للمذاكرة، ألا يساهم ذلك في ضياع مستقبله؟

بدوره يؤكد الأسري أحمد عبدالله، “أن الحياة الزوجية لا بد أن تكون قائمة على الصدق والشفافية والتلاحم بين الأبوين، فلا تخفي الأم شيئا عن الأب لمصلحة الأبناء، وحرصا على التفاعل الإيجابي بين كل أطراف العلاقة الزوجية والأسرية”.

وتدور دوافع الأم للتستر على أبنائها حول عدة أسباب، أهمها شعور الأم بغياب دور الأب في البيت، أو شعورها بأن مشاركته في حل مشكلة أبنائه تؤدي إلى عواقب وخيمة أو أنها ستكون تدميرية للأبناء، أو إدراكها بأن الأب لا يمتلك ميزة إدارة حوار ناجح مع أبنائه، كأن يكون متسلطا أو صاحب أوامر صارمة أو مفتقدا لروح الدعابة والحنان.

ويردف عبدالله “كما أن ثمة دافعا آخر يخصها شخصيا، وهو حنانها المفرط وعاطفتها الشديدة نحو أبنائها، وخوفها من العواقب عليهم حتى لو كانت في مصلحتهم”.

ويطرح عبدالله عدة حلول لعلاج المشكلة، مؤكدا أن المسؤولية تقع على الأبوين معا، إذ يقول “من الضروري أن تصارح الأم زوجها بكل ما يخص الأبناء، بحكم أنه يمتلك الخبرة اللازمة لحل مشكلاتهم، وخاصة إذا كانوا ذكورا، كما أن الوسيلة التي سيعالج بها المشكلة، على الرغم من قسوتها في بعض الأحيان، تكون شافية ومعالجة للموقف، مثل المشكلات التي تتعلق بالإدمان أو التدخين مثلا”.

ويطالب الأب بالاقتراب من أبنائه ومصادقتهم بإقامة حوار معهم وباصطحابهم إلى العمل أو المسجد أو إلى الأصدقاء، لأن لذلك أكبر الأثر في تعلق الابن بأبيه وزوال الرهبة بينهما، التي تحول في الكثير من الأحيان دون المصارحة.

ويرجع خبراء علم الاجتماع تستر الأم على أبنائها إلى قصور في أسلوب تربيتها لهم، مؤكدين أن لكل أم مهمة خطيرة ينبغي أن توليها كل اهتمامها، وهي تربية الأبناء، معتبرين أن تسترها على أخطائهم دليل على فشلها في تربيتهم.

ويرون أن حل مشكلات الأبناء وتوجيههم يكون بالتعاون مع الأب، الذي ينبغي أن يقترب من أبنائه ويصادقهم.

ويخلق تستر الأم على أبنائها وفق خبراء علم الاجتماع مشكلات كبيرة تدفع ثمنها غاليا، حينما يدخل الأبناء في عمر المراهقة، لأنها سمحت لهم بأن يخطئوا وأن يفلتوا من متابعة الأب بداعي التعاطف أو الشفقة عليهم.

ويشير الخبراء إلى أن مسؤولية تربية الأبناء لا تستأثر بها الأم وحدها، بل إن الأب معني بكل ما يجري مع أبنائه، وهو ما يفرض عليها مصارحته بكل ما يحدث، وإن كانت تخشى فقد ثقة الأبناء بها فيمكن له أن يخبرهم أنه علم بالموضوع من مصدر آخر، وبذلك توجد صيغة للتعامل مع المشكلة من دون اللجوء إلى العنف أو غضب الأبناء من الأم لإفشاء سرهم لأبيهم.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي