كيف تحفر جذور النباتات في التربة للوصول إلى الماء والمغذيات؟

متابعات الامة برس:
2021-02-28

طارق قابيل: أراد فريق من العلماء في جامعة ديوك (Duke University) أن يرى كيف تحفر جذور النباتات في التربة، وكانوا يبتغون دراسة شيء يحدث ببطء شديد ولا تراه أعيننا عادة، لذلك قاموا بإعداد كاميرا لتصوير بذور الأرز النامية التي تنبت في مادة هلامية شفافة، والتقطوا صورة كل 15 دقيقة لعدة أيام بعد الإنبات.

عندما شغل العلماء لقطاتهم مرة أخرى بمعدل 15 إطارا في الثانية، وضغطوا 100 ساعة من النمو إلى ‏أقل من دقيقة، رأوا أن جذور الأرز تستخدم خدعة ماهرة لاكتساب أول موطئ قدم لها في التربة: ‏أطرافها النامية تقوم بحركات لولبية تشبه نزع السدادات الفِلِّينية، فتهتز وتنمو متعرجة في ‏مسار حلزوني‎.‎

وباستخدام لقطات الزوال الزمني، مع روبوت يشبه جذر نبات الأرز، اكتسب الباحثون رؤى جديدة حول كيف ولماذا تدور أطراف جذور النبات أثناء نموها.

وقد نشرت نتائج هذه الدراسة في دورية "بروسيدينغز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينسز" (Proceedings of the National Academy of Sciences)، في 23 فبراير/شباط الجاري.

أكبر من لغز داروين

وجاء الدليل الأول من شيء آخر لاحظه الفريق: بعض الجذور لا تستطيع أداء الرقصة اللولبية. ووجدوا أن السبب هو حدوث طفرة في جين يسمى "إتش كيه 1" (HK1)، تجعلها تنمو بشكل مستقيم للأسفل، بدلا من الدوران والتعرج كما تفعل الجذور الأخرى.

ولاحظ الفريق أيضا أن الجذور الطافرة نمت بعمق يصل إلى ضعفي الجذور الطبيعية، وهو ما أثار سؤالا طرحه إشعياء تايلور زميل ما بعد الدكتوراه في مختبر عالم الأحياء فيليب بينفي: "ماذا يفعل النمو النموذجي لطرف الجذر بطريقة حلزونية للنبات؟".

وكما ذكر بيان صحفي صادر عن جامعة ديوك، فإن بينفي رد قائلا إن الحركات المتعرجة في النباتات كانت "ظاهرة أبهرت تشارلز داروين" حتى قبل 150 عاما. وفي حالة البراعم، هناك فائدة واضحة: الالتواء والدوران يجعل من السهل السيطرة عليها أثناء صعودها نحو ضوء الشمس. لكن كيف ولماذا يحدث ذلك في الجذور، كان لغزا أكبر من لغز داروين.

يقول الباحثون إن إنبات البذور يمثل تحديا، فإذا أرادت البقاء على قيد الحياة، فإن أول جذر صغير يظهر يجب أن يثبت ويرسخ، وأن يسبر إلى أسفل لامتصاص الماء والمغذيات التي يحتاجها النبات للنمو. الأمر الذي دفعهم إلى التفكير: ربما يكون هذا النمو اللولبي في جذوره إستراتيجية بحث، أو طريقة للعثور على أفضل مسار للمضي قدما، كما قال تايلور.

الجذر الآلي

في التجارب التي أجريت في مختبر أستاذ الفيزياء دانيال غولدمان بجامعة جورجيا للتكنولوجيا، كشفت ملاحظات جذور الأرز الطبيعية والمتحولة التي تنمو فوق صفيحة بلاستيكية مثقبة، أن الجذور الحلزونية الطبيعية كانت أكثر عرضة بـ3 مرات لإيجاد ثقب والنمو إلى الجانب الآخر.

وقد قام المتعاونون في جورجيا للتكنولوجيا (Georgia Tech) وجامعة كاليفورنيا (California University)، ببناء روبوت ناعم مرن ينفتح من طرفه مثل الجذر، ويضعه في مسار به عقبات تتكون من أوتاد متباعدة بشكل غير متساو.

ولصنع الروبوت، أخذ الفريق أنبوبين بلاستيكيين قابلين للنفخ ووضعهما داخل بعضهما بعضا. وقد أدى تغيير ضغط الهواء إلى دفع الأنبوب الداخلي الناعم من الداخل إلى الخارج، مما يجعل الروبوت يطول من طرفه. ويؤدي التعاقد مع أزواج متعارضة من "العضلات" الاصطناعية إلى ثني طرف الروبوت جنبا إلى جنب أثناء نموه.

وحتى من دون أجهزة استشعار أو عناصر تحكم متطورة، كان الجذر الآلي لا يزال قادرا على شق طريقه عبر الموانع وإيجاد مسار عبر الأوتاد، ولكن عندما توقف الانحناء من جانب إلى آخر، سرعان ما تعلق الروبوت بالوتد.

أخيرا، قام الفريق بزراعة بذور أرز طبيعية ومتحولة في مزيج ترابي يستخدم في ملاعب البيسبول، لاختبارها على العوائق التي قد يواجهها الجذر بالفعل في التربة.

ومن المؤكد أنه بينما كان لدى الطفرات مشكلة في الحصول على موطئ قدم، كانت الجذور الطبيعية ذات الأطراف النامية الحلزونية قادرة على اختراق التربة.

ابحث عن الأوكسين

وتوصل الفريق إلى أنه يتم تنسيق النمو اللولبي لطرف الجذر بواسطة هرمون نباتي يسمى أوكسين (Auxin)، وهي مادة نمو يعتقد الباحثون أنها قد تتحرك حول طرف جذر متزايد في نمط يشبه الموجة. ويؤدي تراكم الأوكسين على جانب واحد من الجذر إلى استطالة تلك الخلايا أقل من الموجودة على الجانب الآخر، وينحني طرف الجذر في هذا الاتجاه.

ووجد الباحثون أن النباتات التي تحمل طفرة "إتش كيه 1" (HK1) لا يمكنها الرقص بسبب خلل في كيفية نقل الأوكسين من خلية إلى أخرى، ومنع هذا الهرمون داخل خلايا الجذور يفقدها قدرتها على الدوران.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي