تونسيان يكسران الحجْر بالفن في شارع الحبيب بورقيبة

2021-02-25

التونسيون في حاجة إلى عودة الموسيقى لقلب العاصمةتونس - استعاد نجيب وفريد مكانهما وسط شارع الحبيب بورقيبة بعد أسابيع من الغياب، وجلسا على مقعد خشبي ثم بدآ بالعزف أمام المارة بينما تُرابط على بعد أمتار منهما سيارة أمنية على مقربة من عمود تعلوه كاميرات المراقبة.

ودأب نجيب وفريد على القدوم من منطقة حي التضامن الشعبية غرب العاصمة إلى الشارع الشهير الملقب بشارع الثورة، واستطاعا في فترة وجيزة تكوين صداقات ومحبّين ممن يقبلون على متابعة موسيقى الشارع.

وأصبحت شوارع العاصمة التونسية الرئيسية تنبض على وقع “موسيقى الشارع” بعد أن غزت فرق “هاوية” الطرقات ضمن ظاهرة “فنية” لم تكن مألوفة لدى التونسيين قبيل ثورة 14 يناير 2011.

وقبل انتشار جائحة كورونا كان شارع الحبيب بورقيبة يغصّ بالمارة بعد ظهر كل يوم للاستمتاع بأنغام المجموعات الموسيقية الهاوية، من بينها مجموعة “أنصار السلام” التي تضم 6 عازفين وفنانين وتقدم عرضا موسيقيا على وقع أنغام مغربيّة تتحدث عن الغربة والحرمان والحرية.

وحظرت قوات الشرطة تحت يافطة القيود وتدابير الحجر الصحي الجزئي التي أعلنتها الحكومة لمنع تفشي فايروس كورونا التجمعات والتظاهرات في شارع الحبيب بورقيبة وغيرها من الفضاءات الثقافية.

وسمحت قوات الأمن لنجيب وفريد باستئناف العزف في منتصف الشارع على بعد نحو 200 متر من مقر وزارة الداخلية المحاط بالأسلاك والحواجز.

وأمام العازفين وسط الجادة الوسطى للشارع قطعة قماشية ومن فوقها نقود تبرع بها بعض المارة الذين سرعان ما تجمعوا حول الموسيقيين سعداء بعودة الحياة إلى شارع الحبيب بورقيبة. ويختص نجيب بالعزف على آلة القيثار المغربية بينما يتكفل فريد بضبط الإيقاع.

وقال نجيب إنه كان ينشط ضمن فرقة موسيقية لكنه اختار الذهاب إلى الشارع والعزف الحر.

وأضاف دون أن يتوقف عن العزف وترديد أغاني فرقة “ناس الغيوان” المغربية التي ذاعت شهرتها في سبعينات القرن الماضي “يعتقد الناس أننا عازفان من المغرب. ولكننا نحب هذه الموسيقى وهذه الفرقة تحديدا ونحن نردد دائما أغانيها الملتزمة”.

وأشار فريد “نحن نستمتع هنا. كثيرون يحبون الاستماع لهذه الإيقاعات ولكن الشرطة كانت تمنعنا في الأسابيع الأخيرة. إنهم يرفضون التجمعات في الشارع”.

ويقيم التونسيون عادة في شارع الحبيب بورقيبة أنشطتهم الثقافية، إذ يشهد الشارع مهرجانات الموسيقى والمسرح والسينما، وهناك يحتفلون بأعيادهم الوطنية.

واتخذت عدة فنون على غرار الموسيقى والرسم والرقص الشوارع مسرحا لها بعد أن باتت “مفتوحة” لممارسة كافة أشكال “المقاومة الثقافية” أمام الفنانين الذين لم تتح لهم الفرصة لتقديم مواهبهم في القاعات “الراقية”، وفق شهادات عدد من فناني الشارع.

وبحسب أحد الفنانين فإن صعود موجة فن الشارع في تونس مكن الشباب المبدع الذي لم يجد فضاء مناسبا يمارس فيه هواياته من تقديم عروضه الفنية، كما يمكن كذلك المتفرج الذي لا يجد إمكانيات مادية للتوجه إلى المسارح والمهرجانات من الاستمتاع بأغان هادفة وجميلة على قارعة الطريق وبطريقة مجانية.

كما يعد الشارع مسرحا لغضب التونسيين من حكوماتهم المتعاقبة فيقيمون المسيرات ويرفعون شعارات تعبر عن مطالبهم السياسية والاجتماعية.

وشارع الحبيب بورقيبة قلب العاصمة التونسية ونبضها، فلا أحد يدخل العاصمة من جهاتها الأربع دون أن يجد نفسه في هذا الشارع الشاهد على الورد والثورة، ويجعله نقطة انطلاق في رحلته بين الأنهج الفرعية والمدينة العتيقة.

وفي بداية ظهور موجة فناني الشارع كان إدخال البهجة على قلوب السكان المتعطشين للفن ومجابهة “السيطرة الأمنية” التي كانت تقمع التجمعات الموسيقية والفنية في الشوارع لنحو 23 عاما من بين أبرز أهداف الموسيقيين المنتشرين في الطرق الرئيسية.

لكن اليوم أصبح فن الشارع وسيلة للتنفيس عن التونسيين الذين حرموا من الكثير من الأنشطة والفعاليات الترفيهية بسبب الإجراءات المتخذة للحد من تفشي الوباء.

ويعتبر فريد ونجيب أن العزف في شارع الحبيب بورقيبة بات ضرورة أكثر من ذي قبل، حيث يؤكد العازفان “سنستمر في العزف هنا وترديد أغاني ناس الغيوان. نتفهم قيود الحجر الصحي ولكننا نسعى دائما للتواجد هنا”.

ويمتاز الشارع بالعديد من المعالم البارزة، فهناك تمثال المؤرخ وعالم الاجتماع عبدالرحمن بن خلدون التونسي الذي أنجز في منتصف السبعينات في ساحة “الاستقلال”، إلى جانب المسرح البلدي الذي افتتح سنة 1902 وكان يسمى بـ”كازينو تونس”.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي