الثقافة في مصر تكسر هيمنة الجائحة بالعروض الافتراضية

2020-12-24

المسرح المصري يتواصل مع جمهوره عبر يوتيوب

القاهرة: جاءت جائحة فايروس كورونا المستجدّ لتغيّر المشهد الطبيعي للحياة في عام 2020، معلنة عن إلغاء الأنشطة الثقافية والفنية، التي كانت فرصة للترفيه والتثقيف والتعليم بالنسبة إلى شريحة كبيرة من المجتمع. ولم تسلم مصر من تداعيات الإغلاقات المتكرّرة، المستمرة منذ نحو ثمانية أشهر، فقد فرض الحظر التام والجزئي على الأنشطة الثقافية أن تتأقلم طيلة أربعة أشهر مع التغيرات الرقمية المتسارعة، إلى أن بدأت تستعيد نشاطها الفعلي تدريجيا.

وكشفت وزارة الثقافة المصرية عن إحصائها للأنشطة الفنية والثقافية المنعقدة خلال هذا العام، والذي شهد بالرغم من الوضع العام انعقاد نحو 84 ألف نشاط إلكتروني وفعلي استفاد منه 6.3 مليون مواطن.

فبعد إعلان تعليق الأنشطة الثقافية والتجمعات البشرية في الربع الأول من عام 2020، عاشت مصر حراكا ثقافيا إلكترونيا كانت بدايته مع مبادرة “خليك في البيت الثقافة بين إيديك” التي أتاحت لمستخدمي التكنولوجيا الحديثة فرصة مشاهدة أعمال من أرشيف الفن المصري، تنوّعت بين حفلات فنية نادرة وأفلام سينمائية قديمة ولقاءات حوارية مع أسماء لامعة في الفنّ، حتى أنّ دار الأوبرا أعادت أسطورة الغناء أم كلثوم إلى خشبة دار الأوبرا المصرية، حيث ظهرت على المسرح خلال حفل في السادس من مارس الماضي بفضل تقنية التصوير التجسيمي (هولوغرام).

 

 

السينما المصرية شهدت تراجعا كبيرا في الإيرادات منذ مطلع العام 2020 بسبب ضعف الإقبال الجماهيري

واستطاعت قناة وزارة الثقافة المصرية على اليوتيوب، التي كانت القناة الجامعة لأغلب التظاهرات الفنية، بفضل مبادرة “خليك في البيت” التي قدّمت محتوى فنيا جذب أكثر من 34 مليون زائر من حوالي 28 دولة حول العالم من خلال بث 354 محتوى إبداعيا وبلغ عدد ساعات المشاهدة قرابة 310 ألف ساعة، إلى جانب إتاحة إصدارات ثقافية للاطلاع والتحميل بالمجان حيث بلغ عدد قراء الكتب الإلكترونية 325 ألفا و756 قارئا في حين حقّقت الجولات الافتراضية لمتاحف الفنون التشكيلية 110 آلاف و215 زائرا منذ انطلاق المبادرة.

أما في الفن الرابع، فقد أثرت مباردة “اضحك – فكر – اعرف” المسرحية على اليوتيوب، الحراك الثقافي الافتراضي، بإنتاجها أعمالا مسرحية عالمية بطرح فني مصري، ومشاركة رموز في التمثيل المسرحي، وقدّمت المبادرة التي نفّذها البيت الفني للمسرح، ممثلا في فرقة مسرح المواجهة بالتعاون مع فرقة المسرح القومي، أعمالا مقتبسة من القصص القصيرة للمؤلف الروسي العالمي أنطون تشيكوف، وذلك من خلال تسجيلها وعرضها على اليوتيوب.

ورغم غلق قاعات المعارض والمسارح لأشهر طويلة، إلاّ أن الأعمال المسرحية المعروضة تجاوزت الـ325 عرضا مسرحيا أي بما يعادل 1753 ليلة عرض، حيث أنتج البيت الفني للمسرح وأعاد تقديم 56 عرضا مسرحيا بواقع 705 ليلة عرض، وأنتج البيت الفني للفنون الشعبية 7 عروض مسرحية بواقع 247 ليلة عرض، فيما أنتجت الهيئة العامة لقصور الثقافة 258 عرضا مسرحيا لفرق النوادي والتجارب النوعية ولقاء المخرجين وورشة “ابدأ حلمك” في المحافظات بواقع 774 ليلة عرض، أما المركز القومي لثقافة الطفل فقد أنتج أربعة عروض موجهة للأطفال بواقع 27 ليلة عرض.

قاعات خالية من روادها

وبعد العودة التدريجية إلى إقامة الأنشطة في الأماكن المفتوحة وفق الإجراءات الاحترازية في يوليو الماضي كان المواطن المصري المتعطّش للحركة الفنية على موعد مع نحو 49 ألف نشاط فني ما بين مسرحيات وندوات وأمسيات فكرية وأفلام تسجيلية وعروض المبادرات، في خطوة تتحدى الطابع العام الذي فرضته الجائحة على العالم وحالة الهوس بالعدوى التي طالت أغلب الناس، وكانت له فرصة اكتشاف أعمال غرافيتي كثيرة رسمها أصحابها على جدران الأحياء والشوارع الكبرى تخليدا لذكرى كوفيد – 19.

وفي مقابل صمود عدد من الفنون أمام الجائحة، شهدت السينما المصرية تراجعا كبيرا في الإيرادات منذ مطلع هذا العام، بسبب ضعف الإقبال الجماهيري الناتج عن انتشار فايروس كورونا، وتحديد نسبة إشغال دور العرض بـ50 في المئة فقط من طاقتها الاستيعابية، كما تسبّب كورونا في تأجيل تصوير وطرح الكثير من الأفلام المنتظرة للعام المقبل 2021، خاصة بعدما شهد هذا العام خسائر بالملايين للعديد من الأفلام، وهو ما أدّى إلى تراجع الكثير من المنتجين عن تقديم أفلام جديدة، وإفلاس البعض الآخر.

وانخفض الإيراد السنوي للسينما بشكل غير مسبوق حيث وصل إلى 30 مليون جنيه (1.91 مليون دولار) بعد أن تجاوز العام الماضي الـ400 مليون جنيه (25.5 مليون دولار)، وكنتيجة لذلك اتجهت شركات إنتاج كثيرة إلى عرض أفلامها حصريا على منصات رقمية مدفوعة، كمنصة “شاهد” ومنصة “واتش.إت”، ومنها فيلم “صاحب المقام” للمخرج محمد جمال العدل.

  مباردة "اضحك – فكر – اعرف" أثرت الحراك الثقافي الافتراضي بإنتاجها أعمالا مسرحية عالمية بطرح فني مصري، ومشاركة رموز في التمثيل المسرحي

ورغم الأزمة السينمائية الحادة إلاّ أنّ بعض مهرجانات الفن السابع المصرية أصرّت على تحدي الجائحة وعقد دوراتها بشكل طبيعي مع التزام التوصيات المشددة لمكافحة انتشار الوباء، ولعلّ أبرزها الدورة الرابعة لمهرجان الجونة السينمائي ومهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ42.

وطالت الأزمات أيضا قطاع الدراما المصرية، ورغم الإنتاج الغزير مقارنة بما قدّمته دول عربية أخرى خلال السباق الرمضاني للعام 2020، إلاّ أن أعمالا درامية كثيرة تم ترحيلها للعام القادم، فيما صوّرت أعمال أخرى لتعرض خصيصا على المنصات الرقمية، ومن بينها مسلسل “خيط حرير” للمخرج إبراهيم فخر.

كما صوّرت أعمال درامية أخرى في شكل مسلسلات قصيرة لا تتعدّى العشر حلقات لتعرض افتراضيا كمسلسل “شديد الخطورة” للمخرج حسام علي، ومسلسل “إسعاف يونس” للمخرج معتز التوني.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي