كولومبيا.. النساء يخسرن وظائفهنّ ويلزمن منازلهنّ بسبب كورونا

فرانس برس
2020-12-24

تدفع النساء في كولومبيا ثمناً باهظاً لجائحة كوفيد-19. فبعد الحجر الذي طال وأدّى إلى عواقب اقتصادية، هنّ يواجهن اليوم خطراً مضاعفاً عن ما هو لدى الرجال بفقدان وظائفهن، وباتت الكثيرات منهنّ يلازمن منازلهن بعدما أصبحن عاطلات من العمل. وسجّلت البطالة في كولومبيا التي يناهز عدد سكّانها 50 مليون نسمة، هذه السنة، رقماً قياسياً تاريخياً بلغ نحو 25 في المائة، في حين أنّ 47 في المائة من السكّان العاملين غير مسجّلين.

وحرم فيروس كورونا، مليونين ونصف مليون امرأة من وظائفهن الرسمية. وتفيد الدائرة الإدارية للإحصاء الوطنية بأنّ "عدد النساء العاملات انخفض من 9.2 ملايين في الربع الثاني من سنة 2019 إلى 6.7 ملايين خلال الفترة نفسها من 2020".

تجسّد إليزابيث وماريا إديلما وجاكلين، مأساة النساء اللواتي استُبعدن من سوق العمل، فتفرّغن لرعاية منازلهن وأبنائهن.

تضحية

قبل عشرين عاماً، أدّت أعمال العنف إلى نزوح، إليزابيث موسكيرا، من منطقة تشوكو الواقعة على الحدود مع بنما، في شمال غرب كولومبيا، وتُعتبر أفقر مقاطعات هذا البلد. وفي ميديين، ثاني أكبر مدنه، أصبحت إليزابيث عاملة منزلية. عندما تفشى وباء كوفيد-19، خيّرها مخدوموها خوفاً من أن تصاب بالعدوى، بين العيش عندهم باستمرار، أو فقدان وظيفتها. وحرصاً على مواصلة تأمين إعالة أبنائها الستة الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و21 عامأً، تركتهم بمفردهم ومكثت في مكان عملها. لكنها ما لبثت أن قدّمت استقالتها في 26 يوليو/تموز. وتشرح هذه المرأة البالغة الأربعين من العمر: "كنت أدرك أننا سنجوع إذا توقفت عن العمل، لكنني وجدت أنّ الأولوية هي لأولادي". وبسبب الإقفال الذي أثّر سلباً على الأعمال التجارية، فقد الأب وظيفته وتوقف عن إرسال الأموال إليها. واليوم، تأمل إليزابيث ألا ينقطع الماء والتيار الكهربائي عن منزلها بسبب عجزها عن تسديد المستحقات.

ومع أنّ الاقتصاد الكولومبي بدأ يتعافى منذ نهاية الحجر الذي فُرض من نهاية مارس/آذار إلى نهاية أغسطس/آب، بلغت نسبة البطالة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، 14.7 في المائة، وهي أكبر لدى النساء (20.1 في المائة) مما هي لدى الرجال (10.7 في المائة). وتشكو إليزابيث التي تعتاش من بعض أعمال التنظيف المتفرّقة من أنّ "الأمر صعب"، وتضيف "أحياناً نأوي إلى الفراش من دون أن نأكل".

حرمان

عندما أغلق صالون التجميل الذي كانت ماريا إديلما أغيلار، تعمل فيه في مجال تجميل الأظافر، اضطرت إلى مغادرة الشقة التي استأجرتها في جنوب بوغوتا وكانت تعيش فيها مع أبنائها الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و20 عاماً.كانت، ماريا إديلما، تدرس لتصبح خبيرة تجميل وتعمل لحسابها الخاص. لكنها اليوم تعيش مع أبنائها وقطتيهم في غرفة واحدة ضمن منزل مشترك مع 17 شخصاً آخر. تكافح هذه الأم العزباء البالغة من العمر 35 عاماً، لتؤمّن القوت لعائلتها. بعد الاعتناء بالأعمال المنزلية والأولاد في الصباح، تقرع أبواب المنازل لتعرض على أصحابها خدماتها في مجال "التنظيف، وتجميل الأظافر، وغسل الأطباق"، وتقبل بكل عمل يتاح لها في هذه المجالات، لكنّها في بعض الأحيان تكسب بالكاد وجبة. وتؤكّد ماريا إديلما التي اضطرت أيضاً إلى ترك الدراسة، أنّ "كثيراً من النساء يبحثن عن عمل". ويلاحظ مدير مؤسسة التعليم العالي والتنمية، لويس فرناندو ميخيا، أنّ الفجوة بين الجنسين أصبحت في سنة 2020 الأكثر اتساعاً "خلال الأعوام العشرين الأخيرة".

قلق

أمّا جاكلين أردافي (36 عاماً)، وهي مصممة أزياء مستقلّة، فقد فقدت بسبب الوباء مصدر دخلها الوحيد. فمصنع النسيج الذي كانت تتعاون معه في كالي (جنوب غرب)، ثالث أكبر مدن كولومبيا، لم يحتفظ سوى بموظفين دائمين فقط. وحدا ذلك بجاكلين إلى الانكباب على "الأعمال المنزلية" والتفرّغ للاهتمام بنجلها البالغ من العمر سبع سنوات، بعدما كانت حماتها تتولى رعايته حتى الأمس القريب. وسرعان ما بدأت الديون تتراكم. وتشرح الشابة التي تشعر بأنّ صحتها تتدهور أيضاً: "في بعض الأحيان كنت أستيقظ في الصباح باكيةً لشدّة قلقي". ولكن رغم القلق، اقترضت جاكلين وزوجها المال لإنشاء مشغل لتصنيع الملابس الرياضية والمشدّات الخاصة بالنساء اللواتي يخضعن لجراحة بسبب سرطان الثدي. ويلاحَظ أنّ القطاعات التي شهدت أكبر قدر من تسريح الموظفين، هي تلك التي يغلب عليها الطابع النسائي، كالخدمات المنزلية، والمساعدة الاجتماعية، والتعليم الابتدائي، وسواها.

ويحذّر مدير مرصد سوق العمل في جامعة إكسترنادو، ستيفانو فارني، من أنّ هذا التراجع "الخطير للغاية" قد يتفاقم إذا لم تتخذ الدولة إجراءات.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي