المعهد العالي للموسيقى في دمشق.. ثلاثون عاما من الفن

الامة برس-متابعات:
2020-12-23

صورة تذكارية تجمع أول دفعة من خريجي المعهد في العام 1995 

دمشق- نضال قوشحة: كان لفنون الموسيقى والغناء نصيب وافر من اهتمام أهل سوريا، فوجدت فيها العديد من معاهد الموسيقى والغناء غاياتها لتعليم أصول الموسيقى والطرب في مراحل مبكرة، إلى جانب بروز العديد من القامات الفنية العملاقة التي أسّست لنهضة موسيقية سورية، امتد تأثيرها حتى على المستوى العربي.

وكانت مدينة حلب صاحبة المكانة الخاصة فوجد فيها الشيخ علي الدرويش الذي ساهم بتأسيس المعاهد الموسيقية في سوريا والعراق ومصر، كما دوّن تراث تونس الغنائي الأصيل. وكذلك عمر البطش الذي تتلمذ على يديه في حلب النابغة المصري سيد درويش فلازمه فيها عامين ليتعلم منه تأليف الموشحات.

تاريخ من الإبداع

تأسّست في سوريا العشرات من مدارس ونوادي الفن، خاصة في دمشق وحلب، مثل النادي الموسيقي السوري الشرقي والنادي الموسيقي الفني ونادي نهضة الموسيقى ونادي دار الألحان والتمثيل ونادي الفارابي ومعهد الآداب والفنون ونادي الصنائع النفيسة ونادي الفنون الجميلة وغيرها من المعاهد والأندية التي كانت تهتم بالفنون وخاصة الموسيقى والغناء.

وكانت أولى محاولة منظمة شهدتها سوريا في التعليم الموسيقي في العام 1946 عندما أسّس الموسيقي والطبيب فؤاد رجائي آغا القلعة، وهو والد الباحث الموسيقي الشهير والأستاذ الجامعي سعدالله آغا القلعة، معهدا موسيقيا على نفقته سماه المعهد الموسيقي الشرقي، جمع فيه خيرة أساتذة الموسيقى للتدريس فيه.

وفي العام التالي أنشأ الزعيم الوطني فخري البارودي معهدا موسيقيا في دمشق سماه المعهد الموسيقي. واجتذب إليه خيرة الأساتذة، ثم توقّف لمدة بسيطة وعاد البارودي لتأسيسه باسم المعهد الموسيقي الشرقي عام 1950، لكن كلا المعهدين في دمشق وحلب صارا تابعين للدولة السورية بعد تأميمهما لتشرف عليهما وزارة الثقافة.

وحمل معهد دمشق اسم المعهد العربي للموسيقى الذي تغيّر اسمه أخيرا إلى معهد صلحي الوادي اعترافا بدوره الكبير في تأسيس المعهد العالي للموسيقى بدمشق عام 1990، وبعدها الفرقة الوطنية السيمفونية عام 1993.

وكانت انطلاقة المعهد العالي للموسيقى قوية والهدف منها تخريج كوادر موسيقية موهوبة قادرة على تحقيق قفزات فنية كبيرة، تحقّق للموسيقى السورية والعربية ما كانت تصبو إليه.

واعتمد المعهد العالي للموسيقى على العديد من الأساتذة الكبار الذين كانوا موجودين في سوريا، كما اعتمد على بعض الخبرات العالمية خاصة من روسيا، وخلال فترة غير طويلة بدأت تظهر العديد من التشكيلات الموسيقية من خلال المعهد والتي كانت تقدّم حفلاتها ضمن نشاطاته.

فظهرت فرق كورال وفرق “موسيقى الحجرة” ضمن مرحلة الدراسة ومن ثم رفد المعهد الحياة الموسيقية السورية بالعديد من العازفين الذين توجهوا إلى الفرقة الوطنية السيمفونية التي تقدّم الموسيقى الكلاسيكية الغربية، ومن ثم الفرقة الوطنية للموسيقى العربية التي تقدّم الموسيقى العربية والشرقية، وكذلك الأوركسترا التابعة للمعهد وأوركسترا القيثارة وأوركسترا آلات النفخ وفرق دار الأوبرا والعديد من التشكيلات الفنية التي تعمل دائما على تقديم الجديد والمبدع في مجال الموسيقى.

 

ثلاثون عاما" من الموسيقا و العطاء... لكل من تَعِب و قدَّم إيمانا" و حبا" بهذا المكان طوال تلك السنوات الماضية و منهم...

تم النشر بواسطة ‏‎The High Institute of Music in Syria‎‏ في الجمعة، ١١ ديسمبر ٢٠٢٠

ومنه تخرّج أيضا رعد خلف مايسترو فرقة زرياب وأوركسترا ماري الخاصتين، ونزيه أسعد وحسام بريمو الذي أسّس العديد من فرق الكورال في سوريا لأعمار شتى وغيرهم الكثير.

ومن خلال خريجي المعهد العالي للموسيقى بدمشق توفّر في سوريا خلال فترة قياسية عدد كبير من المؤلفين الموسيقيين الذين دخلوا مجال الدراما التلفزيونية فألّفوا فيها أعمالا كبيرة.

كما تخرّج من المعهد عشرات من العازفين الذين صاروا معروفين على الصعيد العربي والعالمي منهم كنان العظمة عازف الكلارينيت الذي شارك في حفلات مارسيل خليفة، وكنان أدناوي وشفيع بدرالدين الذي أسّس فرقة سيمفونية في لوكسمبورغ باسم “أورنينا”. والبعض من العازفين قدّموا مشاركات في تسجيلات فنية بصحبة المؤلف الموسيقي زياد الرحباني مع الفنانة اللبنانية الشهيرة فيروز.

جمع الماضي بالحاضر

فرقة كورال المعهد تنشد روائع الموسيقى العالمية

تكريسا لهذا التاريخ الطويل، تم الاحتفال مؤخرا بمرور ثلاثين عاما على تأسيس المعهد، وشارك في الحفل عدد كبير من طلاب وخريجي المعهد، كما شاركت في الحفل الفرقة السيمفونية الوطنية السورية وأوركسترا المعهد العالي للموسيقى وكورال المعهد العالي للموسيقى وكورال الحجرة وفرقة الآلات التقليدية وأوركسترا القيثارات.

وقدّمت في الحفل مجموعة من الألحان العربية والعالمية. فمن موسيقى الروزنا الشعبية التراثية والموشحات الحديثة إلى الحركة الأولى من السيمفوني الخامس لبيتهوفن، كما قدّمت فرقتا الكورال مجموعة أغان غربية وشرقية. وكان للموسيقى الآلية الشرقية نصيب أيضا من الحفل، حيث عزفت مقطوعة لونغا.

كان للمناسبة حضور روحاني كبير عند الموسيقيين فعبروا بالعديد من الآراء عن عواطفهم تجاه الحدث، فقد كتب حسام بريمو وكيل المعهد السابق والأستاذ فيه والمؤسّس لعدد من فرق الكورال “صحبة ثلاثين عاما، أصبح المكان قطعة كبيرة من ذاكرتي ووجداني، دخلته مشروعا موسيقيا، عمل الكثيرون من الأساتذة الكبار على تحويلي إلى موسيقي، الباحة الخارجية، غرف التدريب، غرف المحاضرات، الأوركسترا، الكورال وعشرات الأسماء لم تعد أمكنة وأشخاصا، صارت جزءا مني، لا بل منّا، بين طالب وأستاذ ووكيل وعضو مجلس إدارة، تذوّقت أنواعا شتى من الأحاسيس والخبرات أنا وزملائي، وبات المعهد العالي للموسيقى جزءا عضويا من كياننا ولم يعد مبنى ومؤسّسة تعليمية”.

أما عدنان فتح الله عميد المعهد العالي للموسيقى، فقال “أوجه بطاقة شكر لجهود كل المؤسّسين الذين بنوا هذا الصرح الفني الكبير، وأحيي من حضر منهم ومن غاب. وأؤكّد على أن المعهد سيبقى دائما منبعا للثقافة والحضارة، وأن الطلاب فيه سيحظون بكل الرعاية الفنية اللازمة ليكونوا مؤهلين موسيقيا ومعرفيا بما يساهم في رفعة الموسيقى وتطوّرها بسوريا وخارجها”.

#وزارة_الثقافة_السورية #تحت_رعاية_الدكتورة_لبانة_مشوّح_وزيرة_الثقافة #الذكرى_الثلاثون_لتأسيس_المعهد_العالي_للموسيقا...

تم النشر بواسطة ‏‎The High Institute of Music in Syria‎‏ في الجمعة، ١٨ ديسمبر ٢٠٢٠






كاريكاتير

إستطلاعات الرأي