دستورياً.. هل يستطيع ترامب أن يعفو رئاسيا عن نفسه وعائلته؟

واشنطن-وكالات:
2020-12-03

الرئيس المنصرف ترامب ألمح في عدة مناسبات لإمكانية إصداره عفوا عن نفسه

محمد المنشاوي:

فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب العالم في 22 يوليو/تموز 2017 بتغريدة قال فيها إن الجميع يتفق على أن الرئيس لديه السلطة الكاملة للعفو عن نفسه، فـ "لماذا نفكر في ذلك؟ في حين أن الجريمة الوحيدة هي التسريبات ضدنا. لا تصدقوا الأخبار الكاذبة".

ودفع ذلك لنشر سلسلة من المقالات والتعليقات بشأن قدرة الرئيس على العفو عن نفسه، خاصة أن تغريدة ترامب جاءت مع بداية تحقيق التدخل الروسي في انتخابات 2016، والذي خلصت نهاية المطاف إلى أنه لا يمكن توجيه الاتهام إلى الرئيس ترامب في ذلك الوقت.

وتكرر الجدل حول حق الرئيس في منح العفو الرئاسي لنفسه، مع هزيمة ترامب في الانتخابات الرئاسية واضطراره لمغادرة البيت الأبيض منتصف العشرين من يناير/كانون الثاني القادم.

ودفعت تقارير صحفية متزايدة إلى إحياء النقاش حول سلطات العفو التي يمنحها الدستور للرئيس، وذلك بعد تفكير ترامب في إصدار عفو رئاسي عن 3 من أبنائه، هم دونالد جونيور وإيفانكا وإيريك، إضافة إلى صهره ومستشاره جاريد كوشنر، وكذلك محاميه الخاص رودي جولياني.

ولم يُتهم الرئيس المنصرف أو أفراد عائلته بأي جرائم لكنهم سيواجهون عدداً كبيراً من التحقيقات عندما يغادر ترامب البيت الأبيض. ولن يحميه العفو الرئاسي إلا من التحقيقات الفدرالية، لا التحقيقات التي تلاحقها جهات قضائية أخرى مثل تلك التي تجري في ولاية نيويورك.

وكان الرئيس الوحيد الذي حصل على عفو هو ريتشارد نيكسون، الذي حصل على عفو من خليفته جيرالد فورد عام 1974 بعد استقالته بسبب فضيحة ووترغيت.

ريتشارد نيكسون

صلاحية العفو

دستوريا، تقتصر سلطة العفو للرئيس على المخالفات الاتحادية، حيث يمنحه الدستور سلطة العفو عن الجرائم ضد الولايات المتحدة، ولا تمتد سلطة عفو الرئيس إلى المخالفات التي تنتهك قوانين الولايات، في حال ارتكاب أي شخص جرائم فدرالية بمن فيهم أفراد عائلته المقربون.

وبموجب الدستور، تمتد سلطة العفو للرئيس إلى جميع الجرائم الجنائية الاتحادية، وتوجه عادة جميع طلبات العفو إلى مكتب المدعي العام في وزارة العدل للتحقيق والمراجعة، ولكن الرئيس حر في تجاوز هذا المنصب. ولا يسري العفو إذا لم يقبله المستفيد من العفو.

وتتضمن الفقرة الثانية من المادة الثانية من الدستور، والمحددة لصلاحيات ومهام الرئيس، نصا يشير إلى أن من ضمن سلطاته "إرجاء تنفيذ الأحكام، ومنح العفو عن جرائم ارتكبت ضد الولايات المتحدة، ما عدا حالات الاتهام النيابي من قبل الكونغرس".

ومن أهم النقاط العالقة ما يتعلق بحق ترامب في منح نفسه أيضا عفوا رئاسيا قبل مغادرته البيت الأبيض، حيث إن القدرة القانونية والدستورية للرئيس على العفو عن نفسه (العفو الذاتي) مسألة لم تحل بعد.

وخلص رأي مكتب المستشار القانوني للبيت الأبيض قبل وقت قصير من استقالة الرئيس نيكسون عام 1974 إلى أن الرئيس لا يمكنه أن يعفو عن نفسه حيث إن القاعدة الأساسية تنص على أنه "لا يجوز لأحد أن يكون قاضياً في قضيته الخاصة" وقد أيد بعض الخبراء هذا الرأي في وقت لاحق.

ترامب وعائلته

خلاف دستوري

ولم يحدث على مدار التاريخ الأميركي أن أقدم رئيس على العفو عن نفسه، لذلك السبب تعد هذه المسألة القانونية غير تقليدية ولم يتم التعامل معها من قبل، ولم تعالج أي محكمة فدرالية هذه المسألة مباشرة.

وكرر ترامب، في خضم تحقيقات التدخل الروسي منتصف عام 2018، التأكيد أن لديه "الحق المطلق" في القيام بذلك طبقا للدستور.

ودخل الكثير من الخبراء الدستوريين في جدال حول هذه القضية دون حسم واضح، وتوصلوا إلى استنتاجات متباينة.

ويميل مؤيدو الرأي، القائل إن الرئيس قد يعفو عن نفسه، إلى التأكيد على عدم وجود قيود أمام ذلك في نص الدستور، فضلاً عن بعض الآراء والتصريحات التاريخية للمحكمة العليا فيما يتعلق باتساع سلطة الرئيس في إصدار العفو عموماً.

وعلى النقيض من ذلك، فإن أولئك الذين يؤكدون أن الرئيس يفتقر لسلطة العفو الذاتي يثيرون حججاً قانونية مفادها أن العفو الذاتي لا يتفق مع الأحكام الدستورية الأخرى.

وتشمل الحجج ضد العفو الذاتي المواضيع الدستورية للحكم على الذات والتعامل مع الذات، والطبيعة الجائرة للرئيس الذي يعلو على القانون، وانتهاك مبدأ الثقة العامة، وإدراج كلمة "منحة" في نص الدستور (لا يمكن للمرء أن يمنح شيئاً لنفسه) وتعريف "العفو" (لا يمكن للمرء أن يمنح العفو لنفسه) وعدم كفاية الضمانات الأخرى مثل العواقب السياسية.

وحتى لو أصدر الرئيس قرارا بالعفو عن نفسه، يرى خبراء القانون الدستوري أنه من المشكوك فيه ما إذا كانت المحكمة العليا ستصدر حكماً نهائياً بشأن مشروعية هذا العفو، نظراً لاعتبارات عملية وشواغل تتعلق بالفصل بين السلطات.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي