مسلسل التاج.. كسر الصورة النمطية لأميرة القلوب والخيانة الزوجية

2020-11-28

صناع المسلسل حرصوا على اختيار ممثلين يتشابهون شكلا مع الشخصيات الحقيقية (نتفلكس)

لمياء رأفت

يعرض في الوقت الحالي على منصة نتفليكس (Netflix) مسلسل "التاج" (The Crown) وهو الموسم الرابع بعد 3 مواسم ناجحة للغاية، وقد كان الأكثر انتظارا بين المواسم السابقة لأنه يقدم لأول مرة شخصية الليدي ديانا سبنسر أميرة القلوب والزوجة السابقة للأمير تشارلز التي عاشت حياة درامية للغاية وتوفيت بطريقة مأساوية تعاطف معها ملايين البشر، في حالة لم تتكرر في التاريخ. ولكن هل جاءت القصة في المسلسل مشابهة لتلك التي في خيال الناس؟ أم كشفت جانبا جديدا في حياة ديانا؟

من الضحية؟

بدأت أحداث المسلسل في موسمه الأول مع الملكة إليزابيث في شبابها، وقد تورطت في الملكية التي لم ترغب بها يوما. لكنها أخلصت لهذا المنصب الجديد حتى ضحت بالكثير فيما يخص زواجها وتربيتها لأبنائها، وتأثر أكبر أبنائها وولي عهدها الأمير تشارلز بهذا الضغوط وخرج بشخصية مقموعة تحتاج إلى حنان وتقدير لم يجدهما في ظل التقاليد العائلية الصارمة للغاية.

واحدة من أهم السرديات فيما يخص قصة تشارلز وديانا هي إظهاره كزوج خائن على علاقة بعشيقة تزوجها بعد مرور سنوات من وفاة طليقته وهي السيدة كاميلا باركر، ولكن مسلسل التاج يقدم وجهة نظر أخرى لذات القصة، حيث أطلعنا العمل الذي أشرف عليه بيتر مورغان مؤرخ العائلة المالكة على قصة ما قبل علاقة الأمير بديانا.

قصة الأمير خطوة جديدة كما أظهرها المسلسل في التقاليد الملكية التي دأبت على تدمير العلاقات العاطفية لأفراد هذه العائلة، فالموسمان الأول والثاني ركزا بصورة كبيرة على قصة الأميرة مارغريت التي رفضت التقاليد زواجها من رجل مطلق، والموسم الثالث شهد بدايات قصة حب تشارلز وكاميلا المرأة الوحيدة التي شعر معها بالحب والاستقرار، ولكن عادت العائلة مرة أخرى لترفض هذا الارتباط بسبب شخصية كاميلا الجريئة وعلاقاتها المتعددة، فيعيش الأمير الشاب نفس المصير.

كان زواج تشارلز وديانا طبقا للمسلسل، والأعمال الوثائقية التي تناولت الشخصية، مدبرا من العائلة المالكة التي رأت في الفتاة الشابة ذات الأصل العريق خيارا ممتازا بجمالها وبراءتها الشديدة وسنها الصغيرة، ولكن تلك المزايا لم تكن كذلك في عين الأمير الذي تعلق قلبه من قبل بأخرى تلائمه أشد الملاءمة.

من الجاني؟

قدم المسلسل الحكايات الخلفية حول شخصية تشارلز وكيف وصل إلى هذه النقطة التي دمرت زواجه، كذلك قدمت قصة ديانا منذ كانت فتاة في 16 من عمرها تحاول لفت انتباه الأمير، وترى لنفسها مصيرا مختلفا ومجدًا قادما، وتبدأ معه علاقة عاطفية باردة متغاضية عن سلوكه المتباعد، أو معاملة العائلة المالكة الصارمة معها، وألقت كل محاذيرها جانبا ودخلت في علاقة هي تعلم من قبل كونها من 3 أطراف: الزوج والزوجة والعشيقة.

أظهر المسلسل كذلك عشق ديانا للكاميرات والإعلام، ورغبتها الشديدة في تسليط الضوء عليها واستخدام جمالها الشديد لتصبح دوما ملء السمع والبصر، مما استعدى عليها العائلة المالكة التي دوما ما كانت على علاقة حساسة مع الصحافة والإعلام بسبب جمودهم الشديد، وبالتالي تحولت الأميرة الصغيرة لمحبوبة الملايين وهدف إعلامي جعلهم يشعرون بالغيرة الشديدة وعلى رأسهم زوجها الذي عاش حياته في ظل والدته ووالده طوال عمره، مما ساهم في زيادة التوتر في العلاقة بين الزوجين ووصولها إلى الطريق المسدود.

أعاد مسلسل التاج تقديم قصة الأمير والأميرة من زواياها المختلفة، ولم يتبنى سردية محددة تضعنا أمام الجاني والضحية، بل دفعنا إلى التعاطف مع كل الشخصيات، حتى لأفراد العائلة المالكة الخاضعين بصورة كلية لتقاليد مجحفة وصارمة للغاية.

وساهم في إيصال هذه المشاعر والأحاسيس المتضاربة لدى الشخصيات التمثيل الرائع من كل من "جوش أوكونور" في دور تشارلز، و"إيما كورين" في دور ديانا، حيث لم يحرص صناع المسلسل فقط على اختيار ممثلين يتشابهون في الناحية الشكلية مع الشخصيات الحقيقية الحاضرة في أذهان المشاهدين، ولكن كذلك تقديمهم لروح الشخصية وتناقضاتها المختلفة وغير المتوقعة من الجمهور الذي دأب على تبني ناحية واحدة من القصة.

هذا بالطبع إضافة إلى مكياج الممثلة إيما كورين المثالي في تغيير شكلها ليصبح أقرب ما يكون إلى ديانا، والملابس التي حاكت الفساتين الشهيرة لديانا والتي مازالت في أذهان الكثيرين ممن عاشوا في هذه الحقبة، ولكن في ذات الوقت ليس نفس التصاميم ولكن مع تعديلات تستحضر روح اللحظة والفستان والشخصية معا.

وقد جدد مسلسل التاج إلى موسم خامس متوقع عرضه عام 2022، وقد أعلن صناع العمل عن تأخرهم هذا بسبب تغيير طاقم الممثلين والممثلات بين الموسمين الثالث والرابع والموسم الجديد، كما حدث من قبل بعد الموسم الثاني، لاختيار ممثلين جدد أكثر ملاءمة للفترة العمرية لشخصيات المسلسل الرئيسية.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي