هل تتغلب العواطف على عدم التكافؤ العلمي بين الزوجين

2020-11-23

يخشى العديد من المقبلين على الزواج من الارتباط بشريك حياة لا يكون فيه تكافؤ في المستوى العلمي، لاعتقادهم أن هذا الاختلاف يمكن أن يقوض العلاقة الزوجية ويكون مصدرا للمشاكل التي تؤرقهم ومن ثم يعدلون عن الارتباط .

ولئن اعتبر علماء النفس والباحثون في الشؤون الأسرية أن الزوجين المتكافئين يحظيان بفرصة هامة لإنجاح حياتهم العائلية، فإنهم أكدوا أيضا أن الاختلاف الثقافي والتعليمي هو حالة صحية في الحياة الزوجية، لكونه يولد أفكارا وآراء تكون ركيزة مهمة في نجاح الحياة الزوجية، مشيرين إلى الآلاف من التجارب التي نجحت في مجتمعنا العربي، حيث إنها أُسست بشكل صحيح منذُ البداية، ما أدّى إلى تلاشى التفكير السلبي لدى الشباب إزاء الاختلاف الثقافي والتعليمي.

وفي استطلاع للرأي حول مدى تأثير التباين الثقافي والتعيلمي بين الزوجين قال الكاتب والصحافي غزوان المؤنس إن الكثيرين يرون أن الاختلاف الثقافي والتعليمي يؤثر بالسلب على العلاقات الزوجية، وهي نظرة خاطئة أصبحت تلازم الأجيال.

وأضاف أن هذه النظرة أمست فوبيا تهدد الحالة الزوجية ما جعل الشباب يفكرون بعدم الارتباط بزوجة أعلى منهم لقبا علميا أو ثقافيا.

وأشار إلى أن الاختلاف التعليمي وجب النظر إليه من منظار آخر، فهو يؤدي إلى إصرار الطرف الآخر، على التحدي والاجتهاد من أجل الوصول إلى أعلى المستويات التعليمية، واصفا النظر إلى الشهادة من باب أنها تقيّم الإنسان، بالمعتقد الخاطئ و ير الصحيح.

بدوره يرى الباحث عامر الحمداني الحاصل على البكالوريوس في القانون أن الفارق في المستوى الثقافي والعلمي لا يعمل دائما بشكل سلبي للتأثير في الأهداف التفصيلية من للزواج من قبل المتزوجين.

وقال ربما يرغب المتزوج في بناء بيت الزوجية على أساس تكوين البيت الجديد وما ينتظره الزوجان من أطفال وما يبذلانه في سبيل تربيتهم، بعيدا عن حسابات التكافؤ في التحصيل العلمي على اعتبار أن الزوج ينظر إلى الزوجة كشريكة تهتم بشؤون الحياة الزوجية فقط، والزوجة كذلك تنظر إلى الزوج على أنه ذاك الرجل الذي لا يعيبه تدني مستواه العلمي والثقافي.

وأضاف أنه تبعا للظروف الاجتماعية المؤثرة على كل منهما، ستستمر الحياة الزوجية خالية من حضور عناصر الفارق المقصود في حياتهم اليومية فالطبيب المتزوج من ربة بيت لا تحمل مؤهلا علميا، لا تشاركه في التفاصيل الفنية لعمله أو أبحاثه وما شاكل ذلك، والعكس صحيح، ومن هذا المعيار يبدأ تأثير ذلك الفارق سلبا أو إيجابا.

ويشهد المجتمع حالات نجاح واسعة جدا للحياة الزوجية رغم الفارق العلمي والثقافي، وربما يؤثر التكافؤ الثقافي والعلمي سلبا لوجود الندية في التعامل مع بعض الحالات والمواقف في الحياة اليومية وهو ما أكده الدكتور رشاد عبدالله أستاذ علم النفس التربوي الذي أشار إلى أن حصول الزوجة على مؤهل أعلى من الزوج لا يمكن اعتباره في المطلق سببا يهدد استقرار الحياة الزوجية، وإنما هو أمر يختلف باختلاف كيفية تناول الزوجين له.

موضوع يهمك : دراسة: الرجل الأقل جاذبية أكثر قدرة على إسعاد شريكته

وقال عبدالله إن الزوجة إذا ما كان لديها قبول للأمر وغير مرغمة عليه وتشعر بأن هناك تقاربا فكريا بينها وبين زوجها، فإن ذلك سيسهم في نجاح العلاقة بينهما، شريطة أن يكون الزوج على نفس القدر من التفهم وليست لديه مركبات نقص.

وأكد عبدالله أن التوافق بين الزوجين في المستوى الثقافي والتعليمي من الأمور المهمة والمقومات الضرورية لإنجاح العلاقة الزوجية، وأشار إلى أن هناك شرطا آخر لا يقل أهمية وهو ألا يكون الفارق بين المستوى التعليمي أو المؤهل العلمي شاسعا كأن تكون الزوجة طبيبة أو أستاذة جامعية وزوجها يعمل في مهنة متوسطة للغاية، معتبرا أن هذه الفجوة قد تكون سببا في إفشال الحياة الزوجية وعدم قدرتهما على التوافق، مؤكدا أنه توجد زيجات عدة ناجحة، كما يوجد في المقابل زيجات أفشلتها العقد النفسية التي يعاني منها الزوج أو تمرد الزوجة وتكبّرها على زوجها، مشددا على ضرورة أن يحسم الزوجان قرارهما قبل الزواج بقبول هذا الأمر أو رفضه حتى لا يصطدما بالواقع.

ويعطي المجتمع نظرة أعلى إلى المستوى التعليمي للمتقدم للزواج، وهذا يؤثر على العلاقة بين الزوجين بغض النظر عن قناعتهما الشخصية.

ويرى علماء الاجتماع أن الشهادة الجامعية ليست شرطا من شروط نجاح العلاقة الزوجية بين الطرفين ذلك أنها لا تعكس مستوى الوعي والثقافة لدى الإنسان وأن وعي الشخص ليس مرتبطا بالضرورة بمستواه التعليمي.

ويؤكدون على وجود فجوة بين مناهج التعليم في العالم العربي وبين الاحتياجات اليومية والاجتماعية للإنسان، حيث لا تدرس بشكل أساسي، ومنها العلاقة بين الزوجين والتعامل مع الآخر وفهم الظروف النفسية والتعامل مع المشكلات الأسرية والاجتماعية، وإن يتم التطرق إليها عرضا فهي لا تدرس للطلبة بشكل إلزامي أو إجباري.

ويرى مستشارو العلاقات الاجتماعية أن هناك من يحمل شهادة الدكتواره ولديه ضعف كبير في علاقاته الاجتماعية وتعامله مع الآخرين، حتى مع من هم في مستواه التعليمي، وفي المقابل هناك من هو بمستوى تعليمي متوسط ولديه قدرة كبيرة ومتميزة على التعامل الاجتماعي مع الآخرين ومنهم الزوجة، وهو ما يتطلب من الجنسين التحرر من ضغوط المجتمع ونظرته غير المنصفة في كثير من الحالات، فالواقع يقرر بأن هنالك من الأزواج الذين يتميزون بالنجاح الأسري مع التفاوت في المستوى التعليمي بينهم، وهذا يدعو إلى التركيز والتأكيد على أن يخضع المقبلون على الزواج إلى دورات تأهيلية قبل الزواج.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي