دعه يذهب.. كيفين كوستنر يتحدى الانتخابات الأميركية وكوفيد-19

2020-11-11

نضج فني جديد للنجم كيفين كوستنر في أحدث أفلامه

محمد صلاح:

في يوم الأحد الماضي، ووسط استحواذ الانتخابات الرئاسية الأميركية على اهتمام الرأي العام، واستمرار أزمة كوفيد-19، ورغم أن حملته الدعائية كانت موجهة للشريحة الأكبر سنا من الجمهور.

حقق فيلم "دعه يذهب" (Let Him Go) الذي عُرض في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، مفاجأة بافتتاحه عطلة نهاية الأسبوع محققا أعلى إيرادات بلغت قيمتها 4.1 ملايين دولار، في اليوم الثالث من انطلاقه.

متقدما على أفلام: الرعب "تعال العب" (Come Play) للمخرج جاكوب تشيس، والكوميدي "حرب مع الجد" (War With Grandpa) للمخضرم روبرتو دي نيرو، والأكشن "لص أمين" (Honest Thief) للنجم ليام نيسون، والخيال العلمي "عقيدة" (Tenet) للمخرج كريستوفر نولان، بحسب موقع ديدلاين (Deadline).

ما يثير الاهتمام هو أن الفيلم يقدم دراما كلاسيكية عائلية أخلاقية من تلك التي لم نعد نراها كثيرا، من تأليف وإخراج توماس بيزوتشا، مقتبسا عن رواية لاري واتسون التي تحمل الاسم نفسه، وبطولة النجم الأميركي الفائز بجائزتي أوسكار كيفين كوستنر، ومواطنته ديان لين، والنجمة الإنجليزية ليزلي مانفيل.

من الحزن إلى الرعب

تنقلنا الافتتاحية إلى قلب المأساة مباشرة، عبر لقطات متسارعة لتأسيس مشاهد الفقد والحزن، ووضعنا على حافة الهاوية، في نوع من الدراما التي لم نعد نراها كثيرا الآن، تدور أحداثها في أوائل الستينيات على مدى ساعتين، تبدأ عندما يعود الابن جيمس (رايان بروس) من الحقول لتناول الإفطار، ويرقص مع زوجته لورنا (كايلي كارتر) فرحين بمولودهما الجديد، وتنتهي بمقتل جيمس في حادث ركوب خيل.

ثم تنقلنا لما بعد 3 سنوات، لنكتشف أن لورنا تزوجت وعانت هي والطفل من عنف الزوج الجديد دوني (ويل بريتين) الذي خطفهما وأخفاهما تماما.

لنكمل الطريق مع شخصين مسنين حزينين في رحلة يخوضانها عبر المروج والغابات والجبال والطرق السريعة المنعزلة، وكأنهما أصبحا جزءا من الطبيعة الشاسعة. يتحدثان عن الخسارة والاستغناء، وعن حقيقة أن أيامهما على هذه الأرض معدودة.

فبعد أن فُجعا بوفاة ابنهما، يقرر الشريف المتقاعد جورج بلاكليدج (كيفين كوستنر) وزوجته الفارسة مارجريت (ديان لين) أن يغادرا مزرعتهما في مونتانا، لكي ينقذا حفيدهما الصغير من قبضة أسرة غامضة تعيش في داكوتا الشمالية، تقودها امرأة شرسة تُسمى بلانش ويبوي (ليزلي مانفيل)، بعد أن اكتشفا مكان اختفائه هناك.

يحاول الجدان تحرير الطفل والعودة إلى المزرعة، لعله يعوضهما عن الابن الراحل؛ ولكن بعد أن يُدركا أن المرأة المتوحشة ليست لديها أية نية لتلسيمه بالحسنى، يضطران للقتال حتى النهاية من أجل الحفاظ على الأسرة عبر أحداث تتخللها لحظات مروعة من العنف، تجعل الفيلم يذهب إلى الجنون، ويأخذنا من الحزن إلى الرعب في "تغيير ممتع، يجعل الجمهور يستعد له عند دخوله" كما يقول بنيامين لي الناقد السينمائي بصحيفة "الغارديان" (The Guardian) البريطانية.

كيمياء ناضجة

يقول الكاتب الصحفي ومخرج الأفلام الأميركي بيلغ إيبيري "ما يزال كيفين كوستنر جميلا عندما يكون حزينا".

فلو تفحصنا القصة سنجدها تحتوي على مقومات فيلم إثارة عنيف؛ ولكن مع هذين النجمين الرشيقين، كوستنر الرزين السلبي ولين القوية الشغوفة، أصبح العمل رومانسيا غربيا أكثر أناقة رغم إطلاق النار.

فقد ظهرا في أفضل حالاتهما، وشكلا "كيمياء ناضجة"، بحسب تعبير جلين كيني، الناقد السينمائي بصحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times)، أضفت على أدائهما مزيدا من العمق للتقدم في العمر، بالنسبة لزوجين متقاعدين من الغرب الأوسط الأميركي، مرتبطين منذ فترة طويلة ويشتركان في علاقة قوية وسلسة، شكلت الأساس للطريقة التي سيقاتلان بها من أجل بعضهما البعض في نهاية المطاف، عندما يحين الوقت.

وكأنهما يعيدان تقديم أدوارهما في "الويسترن" بأداء قوي وإيقاعات هادئة، وسط متعة بصرية خلابة تحت سماء زرقاء لامتناهية ترصعها الغيوم البيضاء. مما يذكرنا بدور كوستنر في رائعة "الرقص مع الذئاب" (Dances with Wolves)، الذي أخرجه وقام ببطولته عام 1990، وحصد 7 جوائز أوسكار. ودور لين في المسلسل التلفزيوني الشهير "حمامة وحيدة" (Lonesome Dove) عام 1989. إلى جانب تألق ليزلي مانفيل، التي على الرغم من بساطتها السطحية؛ لكنها بدت بنظرتها المميتة أفعوانية مدهشة، حتى كادت تخطف الأضواء من نجومها المشاركين ذوي القوة الكهربائية العالية، بأداء يفوق دورها في "تهديد الشبح" (Phantom Thread) بعشرة أضعاف. بحسب رأي بنيامين لي.

الأمر الأكثر إثارة للاهتمام يتجلى في ديناميكية الزوجين، عندما تتولى مارجريت زمام المبادرة بجرأة وقوة في مواجهة سلبية وتردد جورج، على عكس ما اعتدناه من رسم صورة سينمائية للنساء اللواتي يفقدن أطفالهن على أنهن مشوشات، بينما الرجال أقوياء.

يقول الناقد الفني جوني أولكسينسكي "وكأن مارجريت في النهاية تترك رسالة إلى كل حفيد بأن (جدتك لا تصنع لك أفضل الفطائر في العالم فحسب؛ بل إنها من الممكن أن تقاتل من أجلك أيضا)".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي