
د. وحيد يسري جرير
تؤكد الدراسات أن الاكتشاف المبكر لأورام الثدي يساهم في الشفاء بنسبة كبيرة، وتبدأ منظومة الاكتشاف المبكر بالسيدة نفسها من خلال الفحص الذاتي الدوري شهريا، وتحديدا في اليوم الخامس للدورة الشهرية.
يبدأ الفحص الذاتي بأن تقف السيدة أمام المرآة لملاحظة أي تغير يطرأ على شكل أو حجم الثدي، ثم الاستلقاء على الظهر وفحص الثدي الأيمن باليد اليسرى، والأيسر باليد اليمنى للكشف عن أي كتل موجودة بهما أو بأحدهما من عدمه.
إن أي سيدة تلاحظ أي تغير في الشكل أو الحجم أو وجود أي كتلة عليها أن تعرض نفسها على الاستشاري لعمل فحص إكلينيكي أولا، ثم فحص بالأشعة “الماموجرام” على الثدي، وفحص بالموجات فوق الصوتية، لتحديد نوع الورم، ولذا ينصح بأهمية الفحص الذاتي للسيدات اللاتي لديهن استعداد للإصابة بأورام الثدي. وهؤلاء هن من يوجد أكثر من حالة مصابة بسرطان الثدي في عوائلهن، أو يوجد تاريخ مرضي في سرطان الثدي أو المبيض أو القولون في العائلة، ومن تعرضت لإصابة سابقة بالثدي، والسيدات اللاتي لم يقمن بالحمل أو الرضاعة خاصة بعد سن الأربعين سواء كانت الواحدة منهن متزوجة أو غير متزوجة.
لقد خلق الله الثدي للرضاعة، وإذا لم يؤد الوظيفة الطبيعية له يكون أكثر عرضة للإصابة بالأورام، فالرضاعة المنتظمة تقلل من نسبة حدوث سرطان الثدي، لذلك يجب تشجيع الرضاعة الطبيعية لأن مردودها الصحي جيد، حيث لوحظ دائما أن الثدي الذي لم يقم بتلك الوظيفة يتعرض للإصابة بأورام الثدي الخبيثة أو الحميدة.
إن الغرض من الفحص المبكر هو اكتشاف حالات سرطان الثدي في مراحل مبكرة جداً، بحيث يمكن علاجه بالأسلوب التحفظي باستئصال الورم فقط دون إزالة الثدي بالكامل، ثم العلاج الإشعاعي، وهذا الأسلوب لا ينتج عنه أي تشويه بالثدي.
وبالنسبة للتطورات الجديدة في هذا المجال فإن الكشف الجيني يساهم في تحديد السيدات اللاتي يمكن تعرضهن للإصابة بسرطان الثدي بنسبة عالية، فهناك مجموعة لديهن قابلية وراثية للإصابة، وهناك مجموعة يكتشف المرض عندها بالصدفة، لذلك يجب أن تخضع المجموعة الأولى لبرنامج الكشف المبكر، أما المجموعة الأخرى فتخضع للفحص العادي.
ومن الجديد أيضا اللجوء إلى تحاليل إضافية على الأنسجة المصابة بالأورام لتحديد نوع العلاج الهرموني أو العلاج المحدد للخلايا السرطانية.
كما حدث تطور في أجهزة التشخيص، فبالنسبة لأشعة “الماموجرام” يوجد جيل جديد من الأجهزة الرقمية، ومن مميزاتها أنها تعطي كمية إشعاع أقل، فضلا عن دقة التشخيص للحصول على صورة عالية الجودة، ويمكن تخزين الصور في برنامج على الكمبيوتر، وهناك برامج لتحليل الصور وتعطي دقة في التشخيص.
ومن التطورات الحديثة كذلك أجهزة المسح الذري التي تستخدم أثناء الجراحة لتحديد الغدد الليمفاوية المصابة بالسرطان تحت الإبط، وتوضيح الحاجة إلى استئصالها من عدمه، وفي حالة الاستئصال يتم إزالة الغدد المصابة فقط في المرحلتين الأول والثانية من المرض، أي أنه يمكن علاج الثدي بأقل الأضرار.
كما حدث تطور في علاج أورام الثدي، حيث يتم عمل جراحات تجميلية تعويضية للأجزاء المستأصلة من الثدي أثناء الجراحة، بحيث يتم استئصال الورم وفي ذات الوقت الحفاظ على الثدي من ناحيتي الشكل والوظيفة.
اما الجراحات التجميلية فتتم بإضافة أنسجة طبيعية للثدي بعد استئصال الورم، حيث يتم الاستعانة بأنسجة من الظهر أو الجزء السفلي من البطن، وهي تتقارب من ناحيتي الشكل والملمس مع أنسجة الثدي.
وقد حدث تطور في العلاج الهرموني والكيميائي، حيث أمكن تقليل الأعراض الجانبية واستخدام أجهزة توضع على الرأس أثناء العلاج الكيماوي تمنع تساقط الشعر، وهذا يقلل الأعراض الجانبية والنفسية لهذا النوع من العلاج.
كما حدث تطور في أجهزة العلاج الإشعاعي بحيث يمكن إعطاء علاج إشعاعي موضعي في مكان الورم في جلسة واحدة فقط في بعض الحالات.
وهناك نسبة ارتجاع للورم تتناسب تناسبا طرديا مع مرحلة المرض، ومن هنا تأتي أهمية الكشف المبكر، مشيراً إلى أن نسبة الشفاء في المرحلة الأولى للمرض تزيد على 90%، ومن الثانية أكثر من 70% والثالثة 50%.
واخيرا، فإن الكشف المبكر هو حجر الزاوية في علاج سرطان الثدي والحصول على نسبة شفاء عالية جدا.
أستاذ جراحة الأورام والمناظير
بالمعهد القومي للأورام بالقاهرة