التعليم عن بعد يفاقم معاناة الأطفال ذوي صعوبات التعلم

2020-10-08

صعوبة في التكيف

الرباط – مع اعتماد نمط التعليم عن بعد خلال جائحة فايروس كورونا المستجد، طفا من جديد في المغرب النقاش حول الصعوبات التي تواجهها فئات من الأطفال وجدوا عناء كبيرا في التكيف مع هذا النمط، بسبب الاضطرابات النفسية والسلوكية والتعليمية التي يعانون منها.

ومن هؤلاء الأطفال الذين لديهم اضطراب صعوبة التعلم، الذي تعرّفه الجمعية الكندية لصعوبة التعلم بكونه عبارة عن مجموعة من الاختلالات الوظيفية التي يمكن أن تمس امتلاك وتعلم واستيعاب وفهم ومعالجة المعلومة اللفظية وغير اللفظية.

وتعيق هذه الاختلالات قدرة الطفل على استيعاب ما يراه وما يسمعه، والتي غالبا ما يتم تشخيصها في سياق البحث عن أسباب الفشل الدراسي المتكرر، وتشمل اللغة اللفظية (التلقي والتعبير)، واللغة المكتوبة، والقراءة (التعرف على الكلمات وفهمها)، والكتابة (الإملاء والتعبير الكتابي)، والرياضيات (الحساب، التفكير المنطقي وحل المسائل الرياضية).

وأوضحت المدربة المعتمدة في التنمية والمهتمة بمجال التربية والتعليم منى الصباحي، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء حول “الأطفال الذين يعانون من صعوبة التعلم ونمط التعليم عن بعد”،  أنه إلى جانب سوء الفهم لحالة هؤلاء الأطفال من قبل الأسرة، هناك معضلة أخرى تزيد من وطأة معاناتهم، فهناك مدارس ترفض استقبالهم، ما يعني إقصاءهم وحرمانهم من حقهم في التعلم، مما يمكنه أن يتسبب في خلق تشنج داخل المجتمع ككل.

 

الأطفال الذين لديهم تشتت الانتباه، يجدون أنفسهم أمام شاشة وداخل محيط مليء بالمؤثرات ما يفقدهم القدرة على التركيز.

واعتبرت الصباحي أن هذه المواقف هي سلوكيات غير أخلاقية، وتنم عن أن مجتمعنا يرفض المختلف عنه، ويجد صعوبة في تقبل هذا الاختلاف أيّا كان نوعه.

وأشارت إلى أن حدة هذه الصعوبات تزداد جراء اعتماد نمط التعليم عن بعد، فهؤلاء الأطفال الذين غالبا ما تكون لديهم مشكلة تشتت الانتباه، يجدون أنفسهم أمام شاشة وداخل محيط مليء بالمؤثرات التي تفقدهم القدرة على التركيز أو التذكر، خاصة وأنهم معتادون على وجود إطار تعليمي عام ينظم لهم عملية التلقي.

وأوضحت أنه وإن كان من العسير على الأطفال عموما التكيف مع متطلبات التعليم عن بعد، فالأمر بالنسبة لهذه الفئة أكثر صعوبة، إذ من يشق عليهم مواكبة حصصهم الدراسية بغياب تواصل مباشر مع المؤطر أو الموجه، ويحتاجون مجهودا كبيرا لتحديد اتجاه تركيزهم، ومرافقة من قبل الآباء، علاوة على البحث عن طرق وحلول لتكييف العملية التعليمية مع احتياجاتهم الخاصة، ومنها بالأساس توفير فضاء تعلم يتميز بالهدوء، وضبط مجال تحركهم، ووضع مؤشرات (ألوان، ملصقات..) تذكر الطفل بما هو مطلوب منه، ومساعدته على وضع جدول أسبوعي للحصص، واختيار لون لكل مادة ضمن استعمال الزمن، وكلها تقنيات يمكن أن تساعده على استذكار المواد الدراسية وتوزيعها الزمني وتحسين أدائه وتفاعله مع المؤطر.

وأضافت “أظهر التعليم عن بعد وجود توتر وخلل في العلاقة بين الآباء والأطفال من جهة، وبين الآباء والمدرسة من جهة ثانية، إذ من خلال متابعة عملية التعليم لوحظ أن هناك آباء يتدخلون مباشرة أثناء بث الحصص الدراسية، بل ويحرجون أبناءهم أمام أساتذتهم وزملائهم مع ما لذلك من تأثيرات سلبية على التوازن النفسي للطفل”.

وخلصت إلى أنه لا بد هنا من الاستشارة والاستعانة بمختصين أو مدربين في التربية أو خبراء في علم النفس التربوي لتأطير هؤلاء الأطفال بشكل جيد، إلى جانب العمل على مواكبة التعليمات والتطوير الذاتي لتسهيل العلاقة مع الطفل، مبينة أن صعوبة التعلم هي اضطراب وليست إعاقة، وبالتدريب والتفهم يتحول الطفل إلى شخصية ناجحة وواثقة، فالقراءة والكتابة والتواصل هي ذكاءات من بين أخرى متعددة، وقالت “تعرفوا على هذه الذكاءات، واكتشفوها لتساعدوا طفلكم على تنميتها، ويصبح طفلا مبدعا في حياته الدراسية كما الاجتماعية”.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي