قيادة موحدة وانتخابات وشيكة.. هل سنشهد حقبة فلسطينية جديدة؟

مصدر: Palestine politics: Could a unified leadership and elections herald a new era?
2020-10-01

نشر موقع «ميدل إيست آي» الإخباري تقريرًا للصحفية الفلسطينية المستقلة شذى حماد تناولتْ فيه النتائج التي أسفرتْ عنها الاجتماعات بين حركتي فتح وحماس في تركيا؛ سواء تشكيل قيادة موحدة فلسطينية أو التخطيط لإجراء انتخابات جديدة. وطرحتْ الصحفية تساؤلات حول ما إذا كانت النتائج ستُسْفر هذه المرة عن بيئة ملائِمة لتحقيق المصالحة الفلسطينية، وما إذا كانت ستأذن بتحقيق الوحدة الفلسطينية التي بمقدورها التصدي لطعنات التطبيع العربي مع الاحتلال الإسرائيلي.

استهلت الكاتبة تقريرها قائلة: خلال اجتماعهما الأسبوع الماضي في تركيا، اتَّفق كلٌ من حركتي فتح وحماس الفلسطينيتين أخيرًا على تقديم رؤية مشتركة بشأن الانتخابات التشريعية والرئاسية المُقرر إجراؤها في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس في غضون ستة أشهر.

حماس وفتح.. أجواء إيجابية

ويشير إعلان الخصمَين السابقين إلى أنهما بدآ مرحلةً جديدةً نحو المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام السياسي المرير المستمر منذ الانتخابات البرلمانية التي أُجريت في عام 2006 – والتي أسفرتْ عن تولي حركة فتح مسؤولية السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة وتولي حركة حماس زمام الأمور في قطاع غزة المحاصر.

وترى الكاتبة أن أحد أهم نتائج الاجتماعات هو اتفاق فتح وحماس على تشكيل قيادة فلسطينية موحدة جديدة. وقد سبق للحركتين الإدلاء بتصريحات صحفية إيجابية بشأن التحرك نحو المصالحة الفلسطينية، لكن هذه الجهود كانت سريعًا ما تتعثر. وعلى الرغم من ذلك، أكَّد وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية حسين الشيخ على أن «الحوار، هذه المرة، بين فتح وحماس في تركيا إيجابي ومُثمر»، مضيفًا أن هذا الاجتماع يُمثل خطوة مهمة نحو تحقيق المصالحة والتضامن.

بدورها، أعلنت حماس أن الاجتماعات أسفرت عن التوصل إلى رؤية مشتركة بين الحركتين لانطلاق حوار وطني شامل تُشارك فيه الفصائل الفلسطينية كافة، مشيرة إلى أن الأول من أكتوبر (تشرين الأول) سيشهد الإعلان الرسمي النهائي عن الاتفاق بين فتح وحماس.

هل ستُجرى الانتخابات الفلسطينية هذه المرة؟

حاولت الكاتبة الإجابة عن هذا السؤال من خلال الاستشهاد بما قاله القيادي في حركة حماس في الضفة الغربية، حسن يوسف لموقع ميدل إيست آي، إن محادثات المصالحة، هذه المرة، تسير في المسار الجاد، وتضع أمامها هدف التوصل إلى اتفاق وإجراء انتخابات فلسطينية في أقرب وقت.

وأوضح يوسف قائلًا: «إن الجميع عازمون ولديهم حافز كبير لبذل جهود مثمرة من أجل تحقيق المصالحة بسبب ما تواجهه القضية الفلسطينية حاليًا من تحديات جسيمة وخطيرة. وتدرك الحركتان الفلسطينيتان هذا الخطر وهما مصممتان على تحقيق الوحدة عمليًّا وعدم الاكتفاء بالأقوال فحسب».

وأضاف يوسف: «تحاول كلٌ من فتح وحماس وضْع استراتيجية موحدة لمواجهة التحديات التي تتعرض لها فلسطين في الوقت الحاضر».

لجنة الانتخابات على أهبة الاستعداد

وذكرت الكاتبة أن هشام كحيل، المدير التنفيذي للجنة الانتخابات المركزية، أكَّد على جاهزية اللجنة لإجراء العملية الانتخابية فور صدور قرار رئاسي من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وقال: «إن لجنة الانتخابات المركزية على أهبة الاستعداد دائمًا للتجاوب مع أي قرارات بشأن الانتخابات العامة والمحلية، كما أنها دائمًا ما تُحدِّث سِجل بيانات الناخبين».

وأردف كحيل قائلًا: «نحن نتابع تطورات ملف المصالحة ورفعنا درجة الاستعداد لنتمكن من التعامل مع أي جديد ولا زلنا في انتظار قرار رئيس السلطة الفلسطينية لتحديد موعد لإجراء الانتخابات التشريعية». وأضاف كحيل أن لجنة الانتخابات المركزية أبلغت مكتب رئاسة السلطة الفلسطينية أنها بحاجة إلى 110 أيام بعد صدور المرسوم الرئاسي لبدء عملها.

ما المقصود بالقيادة الموحدة؟

ونوَّهت الكاتبة إلى أن تسارع دوران عجلة المصالحة بين فتح وحماس تحقق بعد أيام من الإعلان عن خطوة تشكيل القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية التي تضم الأمناء العامِّين لجميع الفصائل السياسية الفلسطينية وتكوين هيكل جديد يَسَع منظمة التحرير الفلسطينية وحركتي حماس والجهاد الإسلامي على وجه التحديد.

وتهدف القيادة الفلسطينية الموحدة، التي تشكَّلت في 3 سبتمبر (أيلول) خلال اجتماعَيْن مشتركَيِن في رام الله وبيروت، إلى توحيد جهود كل الفصائل الفلسطينية عن طريق العمل لتأسيس قيادة للمقاومة الشعبية في الأراضي الفلسطينية كافة، كما تهدف، بالإضافة إلى ذلك، إلى تحقيق المصالحة بين حركتي فتح وحماس.

التطبيع يدفع الفلسطينيين إلى الاتحاد

ويتزامن جزء كبير من الاستنفار الجديد مع سعي القيادة الفلسطينية إلى الاتحاد ضد التطبيع العربي مع إسرائيل، خاصة في أعقاب اتفاقيتي التطبيع بين تل أبيب والإمارات العربية المتحدة والبحرين منذ أغسطس (آب) الماضي.

وفي هذا السياق، قال جهاد حرب، الباحث في السياسات وشؤون الحكم الفلسطينية مع تركيزه على الشؤون البرلمانية بوجه خاص، «إن فتح وحماس في حاجة ماسة إلى إجراء انتخابات من أجل تجديد شرعيتهما. ومن المتوقع أن يُصدِر رئيس السلطة الفلسطينية على وجه السرعة مرسوم إجراء الانتخابات، كما يُنتَظر أن تُجرى الانتخابات في غضون ستة أشهر».

وأشار حرب إلى أنه على الرغم من تشكيل القيادة الفلسطينية الموحدة، فإن تأثير القيادة الجديدة فيما يتعلق بتوحيد الصفوف الفلسطينية الداخلية لا يزال محدودًا. لكنه أضاف أن إحدى المهام التأسيسية للقيادة الجديدة يتمثل في محاولة تكوين مقاومة شعبية تتسع لجميع فصائل المجتمع الفلسطيني الرحب.

النضال الشعبي

واستطردت الكاتبة قائلة: في 13 سبتمبر، أصدرت القيادة الموحدة بيانها التأسيسي الأول الذي أعلنت فيه «بدء نضال شعبي شامل لن يتوقف حتى قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس».

ودَعَتْ القيادة الجديدة في بيانها إلى انطلاق التحركات الشعبية في 15 سبتمبر (حفل توقيع اتفاقيات التطبيع بين الإمارات والبحرين وإسرائيل). وفي ذلك اليوم، اندلعت فعاليات ومظاهرات في عدة مدن في الضفة الغربية، للتنديد بالتطبيع مع إسرائيل والتعبير عن رفضه ومعارضته.

واستدركت الكاتبة قائلة: بيد أن البيان التأسيسي للقيادة الموحدة لم يتضمن برنامجًا سياسيًّا واضحًا طويل الأمد، ولم يُوضح ملامح هذه القيادة وطموحاتها وأشكال المقاومة الشعبية التي تسعى إليها، وهو ما أسهم في محدودية الاستنفار الشعبي المدعو إليه في 15 سبتمبر.

وفي هذا الصدد، أخبر المتحدث باسم حركة فتح حسين حمايل موقع ميدل إيست آي قائلًا: «تحاول القيادة الموحدة أن تستمد شرعيتها من الشعب الفلسطيني من أجل تكوين مقاومة شعبية شاملة وحقيقية». وأضاف حمايل: «ينبغي علينا العمل على عدة مستويات ولا بد من التوصل إلى اتفاق على البرنامج الوطني والبرنامج السياسي والخطاب الإعلامي، وأن يتم كل هذا تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية».

هل تنضم حماس إلى منظمة التحرير الفلسطينية؟

وأبرزت الكاتبة أن مشاركة حماس في القيادة الموحدة تُنبئ عن احتمالية انضمامها إلى منظمة التحرير الفلسطينية. وفي هذا الصدد، كشف حسن يوسف أنه خلال الاجتماع الأخير للأمناء العامِّين للفصائل الفلسطينية، شُكِّلت ثلاث لجان، إحداها مهمتها تطوير منظمة التحرير الفلسطينية وتصحيح مسارها ومعالجة المشاكل الموجودة في مؤسساتها وتوسيعها لتضم جميع الفلسطينيين، بمن فيهم حماس والجهاد الإسلامي.

وأضاف يوسف، مُمثل حركة حماس في الضفة الغربية، لموقع ميدل إيست آي قائلًا: «نحن بحاجة إلى تشكيل جبهة موحدة في الوقت الراهن، وقد أصبحت حركة حماس جزءًا من هذه القيادة لإيمانها بأن توحيد النضال والتضامن هو السبيل الوحيد لمواجهة صفقة القرن ومخططات الضم والتطبيع».

ومن جانب آخر، أخبر أحمد مجدلاني، الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني ذو التوجه اليساري وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، موقع ميدل إيست آي أن القيادة الموحدة لم تُشكَّل من الأمناء العامِّين للفصائل المختلفة، لكنها تأسست لكي تكون مرجعيةً لهم.

ولفت مجدلاني إلى أن «القيادة الموحدة شُكِّلت بالتشاور بين الفصائل الفلسطينية بهدف وضع سياسات الأنشطة الوطنية والفعاليات والتوافق على إطارها العام، فضلًا عن مسؤوليتها في إدارة المقاومة الشعبية». وأضاف أن المقاومة الشعبية «ليست جيشًا أو تنظيمًا، لكنها ساحة مفتوحة لإطلاق الطاقات الشعبية في كل مكان، كما أنها شاملة وواسعة وتتسم بالتدرج في مقاومة الاحتلال».

واختتمت الكاتبة تقريرها قائلة إنه على الرغم من المعاناة التي يتكبدها الفلسطينيون بسبب الحصار المالي المفروض على السلطة الفلسطينية واستنزاف مواردها، أكَّد مجدلاني على أن «توفير الموارد من أجل المقاومة الشعبية ورفع الحصار المالي المفروض علينا هما مهمة الحكومة الفلسطينية وليس القيادة الموحدة».







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي