ما الهدف من نشر قوات متعددة الجنسيات في بيروت؟

2020-09-30

تعددت التساؤلات حول سبب انتشار قوة متعددة الجنسيات تابعة لـ "يونيفيل" في العاصمة اللبنانية بيروت، إذ حمل بعضهم الموضوع معان كثيرة، منهم من قرأها كمؤشر على ملامح الوصاية الدولية على لبنان، وأخرى عادت بالذاكرة إلى بدايات الحرب الأهلية اللبنانية عندما انتشرت قوات الردع العربية عام 1976، وبعدها قوات المارينز الأميركية وقوات أخرى فرنسية.

وفي المعلومات، بدأ جنود تابعون لـ "يونيفيل" ومعهم آليات ثقيلة ومعدات أخرى، الانتشار في مرفأ بيروت ومجمع الجامعة اللبنانية في الحدث الذي سيكون المقر اللوجستي والتنسيقي للكتيبة المؤلفة من 410 ضابط وجندي معظمهم من الصينيين والفرنسيين، وينقسمون إلى ثلاث كتائب رئيسة، تعمل كتيبتان في الهندسة، الأولى متخصصة في إزالة الألغام وتعمل على مساعدة الجيش اللبناني في مهمة تنظيف مرفأ بيروت، والثانية تقوم بتجهيز المنشآت، وكتيبة ثالثة طبية ستعمل على تجهيز مستشفى ميداني لم يتم اختيار موقعه بعد.

وتشير المعلومات إلى إمكان رفع عدد القوات المتعددة الجنسيات إلى 1000 عنصر في حال تطلب الأمر ذلك، خصوصاً أن قرار مجلس الأمن الأخير المتعلق بتمديد مهمة قوات "يونيفيل" وفق القرار الدولي 1701، إذ خفض عدد الجنود من 15 ألفاً إلى 13 ألف جندي خلال عام، ما يعطي هامش استخدام 2000 جندي. وأذن مجلس الأمن لـ "يونيفيل" بموجب القرار 2539، باتخاذ تدابير مؤقتة لتقديم الدعم إلى لبنان وشعبه عقب التفجيرات التي وقعت في ميناء بيروت في الرابع من أغسطس (آب) 2020.

وتؤكد المعلومات أن هذه القوات ستتولى لاحقاً إدارة المساعدات الدولية المقدمة إلى الشعب اللبناني، نظراً لغياب الثقة الدولية بالمؤسسات الرسمية اللبنانية، واستخدام بعض الجمعيات المدنية اللبنانية المساعدات بطريقة غير عادلة.

مغادرة FBI والقوة الفرنسية

وأشارت مصادر أمنية في الجيش اللبناني إلى أن سبب الانتشار هو مساعدة الجيش على إزالة الردم من المرفأ، وأن فرقة مؤلفة من 155 عنصراً من "يونيفيل" سيحلون مكان القوة الفرنسية ‏ "GT Ventoux" التي أتت عقب انفجار المرفأ، والمؤلفة من 655 عنصراً، والتي بدأت بالمغادرة على مراحل بعد انتهاء مهمتها، إذ أسهمت في تنظيف 25 هكتاراً من الميناء وإزالة 17 ألف طن من الأنقاض.

وتضيف المصادر أن مهمة هذه القوات مؤقتة وهي في مرحلتها الأولى، تنتهي بعد ثلاثة أسابيع، أي أنها تبدأ في 30 سبتمبر (أيلول) وتنتهي في 21 أكتوبر (تشرين الأول)، وهي مهلة قابلة للتمديد في حال تطلب الأمر ذلك، مشيرة إلى أنه تم استقدام هذه القوات من مركز قيادتها الرئيس في بلدة الناقورة الحدودية مع إسرائيل.

ووفق المعلومات، فإن فريق التحقيق الفيدرالي الأميركي (FBI) وفريق التحقيق الفرنسي المتخصص في الكيماويات، وسواهما من الفرق الأجنبية المتخصصة التي جاءت إلى بيروت بعد انفجار المرفأ بغية تقديم المساعدة، غادرت مسرح الجريمة بعد الانتهاء من التحقيق العيني واطلاعها عن كثب على ما جرى، إلى جانب حصولها على إفادات عدد من المسؤولين، ونقلها عينات من مخلفات الانفجار إلى بلادها بهدف إخضاعها للفحوص اللازمة، لتتمكن من إصدار التقرير النهائي.

نداء مجلس الأمن

من جانبها، أعلنت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "يونيفيل" في بيان لها، أنها نشرت "مفرزة" في العاصمة اللبنانية، وقالت "بناء على طلب من القوات المسلحة اللبنانية، نشرت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان مفرزة تضم قوة متعددة الجنسيات في بيروت، لمساعدة السلطات في جهودها للتعامل مع تداعيات الانفجارات المأساوية التي وقعت في الرابع من أغسطس".

كما أعرب رئيس بعثة "يونيفيل" وقائدها العام اللواء ستيفانو ديل كول عن استعداد البعثة لتقديم أية مساعدة ممكنة، وقال "إنها لحظة خاصة لنا جميعاً في يونيفيل، كوننا نقدم بعض الدعم الملموس للسكان المحتاجين"، مضيفاً أن هذا يتماشى مع النداء الأخير لمجلس الأمن الدولي لتعزيز التعاون بين يونيفيل والقوات المسلحة اللبنانية".

مهمة تشمل الشواطئ اللبنانية

في المقابل، يعطي العميد المتقاعد خليل الحلو أبعاداً أعمق لانتشار تلك القوات في بيروت، ويقول "إن المهمة غير المعلنة لـ "يونيفيل" هي ضبط المرفأ ووقف عمليات التهريب ومنع تهريب الأسلحة التي كانت تأتي عبره"، مشيراً إلى أن لدى المجتمع الدولي شكوك كبيرة حول ما يجري في المرفأ، لاسيما بعد الحريق الأخير الذي كان هدفه طمس حقائق ودلائل مهمة، معتبراً أنه بعد انتهاء مهمة الخبراء الأجانب والفرق الأمنية الدولية التي أتت لتقوم بتحقيق ميداني، اكتشفت الدول الغربية بأنه لا يجوز ترك المرفأ من دون مراقبة، لذلك تم استقدام "يونيفيل" إليه.

وأضاف، "عندما غرق الزورق الذي كان متوجهاً من طرابلس إلى قبرص، لم تملك الدولة اللبنانية ولا الجيش اللبناني إمكانات البحث والإنقاذ، وبالتالي استعان الجيش بـ "يونيفيل"، ما يعني أن مهمتها توسعت وأصبحت على كامل الشاطئ اللبناني".

المطار والتجسس خط أحمر

مصادر قريبة من "حزب الله" تشير إلى أنها تبلغت مسبقاً بانتشار القوة الدولية، لاسيما وأنها اتخذت منطقة الحدث المحاذية للضاحية الجنوبية مقراً رئيساً لها، مؤكدة أن الحزب لا يعتبرها قوة معادية في حال بقيت على دورها المعلن بأنها مؤقتة وتهدف إلى إغاثة المتضررين من انفجار المرفأ، محذرة بأن الحزب لن يقبل بأن يكون لها دور أكبر من ذلك.

وحول اختيار منطقة الحدث كنقطة استراتيجية قريبة من مطار بيروت والضاحية الجنوبية معقل الحزب، يعتبر المصدر أن الاختيار وفق ما أُبلغ به الحزب، كان لأسباب لوجستية متوافرة في ا الجامعة اللبنانية، محذراً من "أي دور مستقبلي متعلق بمراقبة المطار أو التجسس على المقاومة".

مرفأ بيروت بعد الانفجار

أمونيوم بهوية ملابس

في السياق، لا يزال التحقيق القضائي الذي يجريه الجانب اللبناني مستمراً وسينهي شهره الثاني، من دون الإعلان عن التوصل إلى أي طرف خيط يكشف المسؤولين عن هذه الجريمة. ويواصل القاضي العدلي فادي صوان إجراء الاستجوابات وإصدار مذكرات التوقيف، إذ بلغ عدد الموقوفين 25 فيما المُدعى عليهم 28، واستمع إلى 23 شاهداً من بينهم رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب، ووزراء وقضاة ومديرو عموم ورؤساء أجهزة أمنية، وفق ما أعلنه مجلس القضاء الأعلى الذي أكد أيضاً أن صوان "أصدر استنابات دولية عدة، وينتظر ورود التقارير الفنية والمخبرية الفرنسية والأميركية والبريطانية جواباً عليها".

وفي الإطار، كشفت مصادر قضائية مواكبة للتحقيقات أن "معلومة مدوية يتم التأكد والتوسع فيها، وهي أنه بعد مرور ثلاثة أسابيع على الانفجار، اكتشفت عناصر من الجيش اللبناني مستوعب شحن يتضمن حوالى أربعة أطنان من مادة نيترات الأمونيوم، وبعد متابعة مصدرها تبين أن "مانيفست المستوعب أدخل إلى المرفأ على أنه ملابس"، مشيرة إلى أن التحقيق يحاول التوصل إلى العلاقة المحتملة بينها وبين تلك التي انفجرت في الرابع من أغسطس.

ختاماً، أكدت المصادر أنها ستحاول الاستجابة للمطالبات السياسية والشعبية المتزايدة حول صدور بيان أولي يتم خلاله شرح ما حصل للرأي العام، من دون الدخول في التفاصيل.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي