بوليتكو: ترامب فجر المناظرة مع بايدن ليخفي فشله وعجز

2020-09-30

المناظرة بين ترامب وبايدن

لماذا قرر الرئيس دونالد ترامب إشعال النار في أول مناظرة تلفزيونية له مع منافسه الديمقراطي جوزيف بايدن؟ الجواب كما يقول ريان ليزا إن ترامب على خلاف عام 2016 لم يكن لديه أي نقطة للهجوم على منافسه ولا رسالة وما تبقى لديه هو التنمر والمقاطعة وكلام استفزازي.

وقال إن المناظرة كما وصفها عدد من المعلقين الأمريكيين كانت “عارا” “عرضا خرائيا” و”تصادم قطار” و “مثيرا للرهاب”.

وأضاف أن ترامب دخل المناظرة متأخرا بست نقاط عن بايدن وكان يواجه الفرصة الأخيرة ليقلب الامور رأسا على عقب وباستراتيجية- إن كان يصلح عليها هذا الوصف-  وقرر تفجير المناسبة التي  امتدت 90 دقيقة من التنمر والاستفزازات. وهذا لا يعني أن ترامب جديد على هذا الأسلوب ولم يكن لديه هذا الدهاء في مناسبات كهذه. ففي عام  2015 و2016 وأثناء الترشيحات للحزب الجمهوري الذي كان لديه عدد من المرشحين الأكفأ منه  لجأ ترامب إلى الاستعراضات المسرحية ووسم منافسيه بالألقاب السيئة والحديث عن سياسات شعبوية مثل الهجرة والتجارة لكي يجعل من نفسه مركز النقاش، ومضى من البداية إلى النهاية لكي يحصل على ترشيح حزبه.

وفي خريف عام 2016 استخدم وبدهاء موضوعات الهجرة والتجارة ونظام الصحة أو أوباما كير وقضايا شخصية تتعلق بمزاعم فساد هيلاري كلينتون. وانتجت الصيغة له انتصارا في التجمعات الانتخابية وفاز بثلاث ولايات في وسط الغرب الأمريكي- بنسلفانيا وويسكونسن وميتشغان، وهي ولايات معروفة تقليديا بدعمها للديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية. وعادة ما حفل أداؤه المسرحي بالمعلومات الكاذبة والهجمات الشخصية غير المبررة والمقاطعة المستمرة للمناظرات. ولكن ترامب كانت لديه رسالة واضحة وجدل متقن ضد منافسه، لكن ليس يوم الثلاثاء الذي كان مختلفا ولثلاثة أسباب:

فترامب، ملك الماركة السياسية التبسيطية لم يعد لديه رسالة. ففي 2016 كانت لديه أربعة دعائم وهي الهجرة والتجارة وأوباما كير والفساد. وكانت لديه شعارات فعالة مثل “لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى” و “ابن الجدار” سريعا. لكن ما هي رسالة ترامب عام 2020؟ الجواب الذي يقفز للذهن هو لا شيء. فليس هناك أجندة لكونغرس. فقد سألته صحيفة “نيويورك تايمز” قبل فترة عما سيفعله في ولايته الثانية. وسجلت عنه قوله إنه يريد تخفيف التنظيمات والضرائب وتعيين قضاة محافظين وتأمين الحدود. ولكن الصحيفة سجلت ملاحظة مؤذية وهي أن عدم رد الرئيس هو الرد فهو يقول: “ولكن أيضا اعتقد وأعتقد أنها ستكون، واعتقد أنها ستكون جدا جدا. وأننا سنكون في وضع قوي جدا جدا. وسنواصل ما نقوم بعمله وسنقوي ما عملناه ولدينا أمور أخرى على الطبق وسنقوم بعملها”.

الثاني، حفل بيان حملة ترامب الانتخابية على خليط غريب من الطموحات الكبيرة مثل “خلق مليون فرصة عمل في 10 أشهر”، القضاء على كوفيد-19  وعبارات تؤكد على المحافظة مثل خصوصية التكنولوجيا الأمريكية. وعندما يصل الأمر لمناقشة هذه القضايا لا إجابة لدى الرئيس. وفي عام 2016 كان لدى ترامب نقطة هجوم واضحة ومحددة ضده هيلاري كلينتون: فقد كانت فاسدة وجزءا من المؤسسة في واشنطن وسيحكم عليها بالسجن لو أصبح رئيسا. وناقش خيانتها المزعومة بحذف الرسائل الشخصية التي أرسلتها من برنامج الحكومة. ولكن بايدن أثبت أنه هدف مراوغ ولوقت طويل. فهو مرة “جوي النائم” (كناية عن البله) وأحيانا خطير ومتشدد. وعند هذه النقطة من الحملة الانتخابية أصبحت كلينتون شخصية مكروهة بين المؤيدين المتحمسين لترامب. ولا يبدو أن لهؤلاء الأنصار نفس الكراهية لبايدن.

السبب الثالث هو أن ترامب يعاني من فقر في سجل الإنجازات. وهو ما كان سببا لتراجع شعبيته منذ سنوات وحتى في الوقت الذي ازدهر فيه الاقتصاد. ولم يكن ترامب أول رئيس يفوز بالانتخابات من خلال تقديم نفسه كسياسي شعبوي وخارج عن المؤسسة الحاكمة، فهذا قديم قدم الجمهورية الأمريكية. لكن ترامب وعلى خلاف الغرباء مثله والذين دخلوا البيت الأبيض وبدون خبرة في السياسة ولا كفاءة لهم للحكمة غالبا ما اكتشفوا محدودية مواصلة الحملات الانتخابية. وقد حدث هذا في مينيسوتا ومع جيسي فينتورا الذي أصبح حاكما بعدما كان مصارعا وقرر عدم ترشيح نفسه مرة أخرى في 2002.  ولو استطاع المشاهد للمناظرة الأخيرة الاستماع وسط السباب والمقاطعات هي محاكمة بايدن لترامب حول كيفية تعامله مع فيروس كورونا وإدارته للاقتصاد والعناية الصحية، خاصة آثار إلغاء أوباما كير. ولم يكن بايدن قائدا ومسيطرا يوم الثلاثاء ولو استطاع التغلب على ترامب المقاطع دائما لربما دمره. ولو كان المناظر بيرني ساندرز لأباده كما كتب جوناثان تاسيني في نيويورك تايمز. وبدون رسالة أو قضية قاتلة ضد بايدن ولا قدرة على الدفاع أو سجل يدفع النقد عنه فقد لجأ ترامب إلى تفجير الحزام الناسف. وربما كان يريد أن يلوث كلا من بايدن والمحكم  بينها كريس والاس الذي لم يكن قادرا على وقف مقاطعات الرئيس. وفي مرة قال “سيدي الرئيس من فضلك توقف” وكان يتحدث نيابة عن الكثير من المشاهدين. ولو استطاع ترامب تشويه والاس وبايدن فعندها لن يكون هناك أحد للتقليل من إنجازاته. كما أن السباب والإهانات والمقاطعات من ترامب لبايدن والهجوم على عائلة الأخير جعلت من الصعوبة أمام المرشح الديمقراطي المعروف بأنه محاور هادئ تقديم رؤيته.

 ومهما كان السبب وراء هذه الإستراتيجية وما ستنجزه فهي نتاج مرشح يائس موحل بأزمة صحية خارجة عن السيطرة، تراجع في استطلاعات الرأي ويكافح من أجل تقديم مبرر للأمريكيين كي يمنحوه ولاية ثانية.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي