حفتر لا يزال يهيمن على عملية السلام في ليبيا رغم الإخفاق ومحاولات التهميش

2020-09-25

القائد العسكري الليبي خليفة حفتر

القاهرة  - من إيدن لويس - (رويترز) - انهار هجوم القائد العسكري خليفة حفتر على العاصمة الليبية كما حاولت قوى أجنبية تهميشه لكنه لا يزال يبسط سيطرته على موانئ نفطية ويملك ما يكفي من قوة النيران والنفوذ السياسي لإحباط أي خطط للسلام.

وبعدما أخفق حفتر (76 عاما) في محاولته حكم سائر البلاد، تراجع الآن نفوذه بشدة. وقد تم طرد قواته من غرب ليبيا، بينما في معقله في الشرق، تقوم القوى الأجنبية التي تدعمه بطرح مبادرات على خصومه.

لكن دوره في الرفع الجزئي لحظر نفطي خلال الأسبوع الماضي يُظهر أنه لا يزال يلعب دورا محوريا في شرق ليبيا، حيث بنى جهازا أمنيا على مدى السنوات الست الماضية.

وتعمل الدول الأجنبية الآن على تعزيز المحادثات لدفع الفصائل المتناحرة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية. لكن دبلوماسيين يقولون إن دور حفتر يفسد المفاوضات كما فعل على مدى سنوات.

وقال دبلوماسي غربي "هذه هي القطعة الكبرى المفقودة في اللغز... ما يجب فعله مع حفتر وكيفية التعامل معه".

وليبيا بلا حكم مركزي قوي منذ الإطاحة بمعمر القذافي في عام 2011، وشكل المعسكران الرئيسيان المتنافسان حكومتين موازيتين في الشرق والغرب منذ عام 2014. وكان حفتر قائدا عسكريا في عهد القذافي وأمضى 20 عاما في الولايات المتحدة. وقد استطاع تدريجيا بسط سيطرته على شرق ليبيا.

وبعد حصوله على دعم من الإمارات ومصر وروسيا وفرنسا، شن هجوما لانتزاع السيطرة على طرابلس العام الماضي.

لكن التقدم انهار في يونيو حزيران هذا العام بعدما قدمت تركيا تعزيزات لحكومة الوفاق الوطني التي تتخذ من طرابلس مقرا لها. وانسحبت قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة حفتر إلى جبهة تمتد جنوبا من مدينة سرت وسط الساحل الليبي على البحر المتوسط.

وتحصل الحكومتان المتنافستان في ليبيا على التمويل من صادرات النفط، لكنهما واجهتا مصاعب جمة منذ أن فرض الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر وحلفاؤه حصارا أغلق موانئ النفط الرئيسية في الشرق قبل ثمانية أشهر. ومنذ 19 سبتمبر أيلول، بدأ استئناف تدفق النفط تدريجيا، مما يدل على أهمية حفتر الدائمة.

لكن لا يزال استئناف إنتاج النفط ووقف القتال على أرضية هشة. وقال حفتر إن الحصار سيُرفع في البداية لمدة شهر واحد فقط. وأثار اتفاقه مع نائب رئيس الوزراء في حكومة طرابلس رد فعل قويا في غرب ليبيا، حيث يخشى كثيرون أن يمنح الاتفاق الجيش الوطني الليبي سيطرة أكبر على الإيرادات.

من ناحية أخرى، لم تتحول الهدنة العسكرية بعد إلى وقف رسمي لإطلاق النار. ويرجع صمود الهدنة جزئيا إلى مخاطر اندلاع صراع إقليمي إذ تتطلع تركيا إلى تعزيز المكاسب فيما يصر داعمو حفتر الأجانب على احتواء نفوذ أنقرة.

ويقول الجيش الوطني الليبي علنا إنه ملتزم بوقف إطلاق النار الذي أعلنه من جانب واحد في يونيو حزيران، لكنه لن ينسحب من سرت.

وقال خالد المحجوب مدير التوجيه المعنوي بالجيش الوطني الليبي إن الجيش الوطني لن يغادر في وجود "مرتزقة سوريين وأتراك وتهديدات بشن هجوم على سرت".

واقترحت الدول الغربية منطقة منزوعة السلاح حول سرت. ويقول محللون إن استعداد الجيش الوطني الليبي لقبول ذلك قد يعتمد على قرارات الداعمين الأجانب والمتعاقدين العسكريين الروس المنتشرين في صفوفه.

* توتر داخلي

منذ أن هدأت المعارك في يونيو حزيران، ظهرت انقسامات داخلية على الجانبين، فخرج متظاهرون في كل من الشرق والغرب احتجاجا على الفساد وانهيار الخدمات العامة.

ففي طرابلس نشب خلاف داخل حكومة الوفاق الوطني بين رئيس الوزراء فائز السراج ووزير الداخلية فتحي باشاغا، وهما يمثلان مصدر اتصال مهما للداعمين الأتراك. ويقول السراج إنه يعتزم التنحي الشهر المقبل، لكن مناورات الفصائل التي اكتسبت نفوذا كبيرا في عهده تجعل من الصعب العثور على خليفة.

وفي الشرق، عملت القوى الدولية التي تتطلع إلى ما هو أبعد من حفتر على إحياء دور عقيلة صالح، رئيس البرلمان الذي كان يخضع في السابق لعقوبات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وفي سرت، أثارت سيطرة الجيش الوطني الليبي المقاومة على أسس قبلية، مما دفع قوات حفتر إلى تنفيذ اعتقالات.

وقال محمد الجارح، الخبير في الشؤون السياسية في الشرق، إن حفتر يحتفظ بالسلطة العسكرية والمالية وقد يستخدمها لمحاولة إعادة ترسيخ نفسه سياسيا.

وأردف قائلا "أعتقد أن حفتر ليس سعيدا ولهذا أعتقد أن هناك احتمالا أن يحاول القيام بما يفعله على أكمل وجه... تخريب هذه المحاولات في المحادثات السياسية من خلال العمل العسكري".

موضوع يهمك : الوفدان الليبيان يوقعان على المسودة النهائية للاتفاق بالمغرب

وتهدف المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة، والتي تجري بالتوازي على نحو غير ملائم مع المحادثات بين تركيا وروسيا فضلا عن محادثات جرت في المغرب هذا الشهر بين أعضاء البرلمانين الليبيين المتنافسين، إلى استبدال حكومة الوفاق الوطني ورسم خارطة طريق لإجراء الانتخابات.

وتريد بعض الدول الغربية أن يقتصر دور حفتر على المحادثات العسكرية. لكن فرنسا لا تزال تضغط من أجل أن يلعب دورا سياسيا. وقال دبلوماسي فرنسي إن باريس تحاول أن تبدو أقل تأييدا لحفتر وتعمل مع شركاء أوروبيين لمواجهة تركيا. وقال آخر إن حفتر مهم للتوصل إلى حل سياسي.

وقال دبلوماسيان غربيان إنه لا توجد مؤشرات على أن الإمارات، الأكثر التزاما بدعم حفتر، تسحب دعمها.

وأضاف أحدهما "من المؤكد أنهم يتعاملون معه أكثر صرامة قليلا... لكن الحقيقة هي أن أحدا لم يحد من دعمه للجيش الوطني الليبي ولا يمارس أحدا حقا ضغوطا على حفتر".

(شارك في التغطية أيمن الورفلي وأيمن السهلي وجون أيريش - إعداد محمد اليماني للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي